الأول: أن يكون الخف ساترا لمحل الفرض يستوعب القدم حتى الكعبين ولا ينكشف منها شيء لأن هذا هو الخف المعهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في النصوص. فإن كان لا يستر لقصره أو تخرقه أو صفائه أو رقته لم يجز المسح عليه ولا يجزئ التطهر به.
الثاني: أن يكون الخف طاهرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزع خفيه لما تقذرا في صلاته كما ثبت في سنن أبي داود. فإن كان نجسا لعينه أو لطارئ عليه لم يجز المسح عليه. وإذا أصاب الخف نجاسة ثم دلكه بالتراب الطهور ونحوه طهر بذلك وصحت الصلاة به.
الثالث: أن يكون لبس الخفين بعد كمال الطهارة بعد الفراغ من الوضوء كله لحديث المغيرة. فإن لبس الخفين حال الحدث أو قبل إتمام الوضوء لم يجزئه المسح. وإن لبس خفا على طهارة ثم خلعه وهو باق على طهارته لم يحدث جاز له لبسه مرة أخرى وخلعه قبل أن يحدث فإن أحدث لم يلبسه حتى يتطهر.
الرابع: أن يكون المسح على الخفين في الحدث الأصغر من غائط وبول ونوم أما الحدث الأكبر من جنابة وحيض ونفاس فلا يجزئ المسح عليه لحديث صفوان بن عسال قال (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم). رواه الترمذي وصححه.
الخامس: أن يكون المسح في المدة المؤقتة شرعا يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر لحديث علي رضي الله عنه قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم).رواه مسلم. وأما حديث أبي بن عمارة في عدم التوقيت فحديث ضعيف لا يصح أعله أحمد والبخاري وضعف الجمهور مذهب مالك رحمه الله في عدم التوقيت.
السادس: أن يمكن متابعة المشي بالخف فإن كان واسعا يسقط عند المشي أو يتخرق لم يجز المسح عليه لأنه غير ساتر لمحل الفرض وهذا شرط متفق عليه بين الفقهاء.
وقد اشترط بعض الفقهاء شرطا زائدا وهو كون الخف يثبت بنفسه والصحيح أنه لا يشترط ذلك لعدم وروده في الشرع ولذلك رخص بعض الفقهاء في المسح على الخف إذا كانا يستمسك بغيره بالسيور والرباط.
والأظهر أنه إذا لبس خفا مغصوبا أو مسروقا ومسح عليه أجزأه ذلك وصحت صلاته مع الإثم لأن النهي لا يعود إلى ذات العبادة أو شرطها وهو منفك عن الأمر وقد أدى العبادة بشرطها.
ويجزئ المسح على الخفين إذا لبسهما بعد التيمم لعدم الماء أو العجز عن استعماله لأن التيمم طهارة شرعية تقوم مقام الماء في رفع الحدث ويمسح عليه طيلة المدة فإذا وجد الماء وجب عليه أن ينزع خفيه ويتطهر بالماء ويغسل قدميه بالماء ثم يلبسه ويمسح عليه وهذا متفق عليه عند الأئمة الأربعة.
والصحيح أن الخف إذا كانت فيه خروق يسيرة عرفا يجزئ المسح عليه دفعا للحرج لأنه يشق التحرز من ذلك في كثير من الأحوال والشريعة جاءت بمراعاة هذا المعنى في العبادات حتى في تطهير النجاسات ولأنه يسير لا يؤثر في الحكم. أما الخف الذي خروقه أو شقوقه كثيرة عرفا فلا يجزئ المسح عليه لأنه لا يعرف لبسه عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصدق عليه الاسم الشرعي للخف لأن الأصل في الخف أن يكون ساترا للفرض وإطلاق الاسم في النصوص ينصرف للخف الصحيح ولم يرد دليل خاص على التسامح في ذلك والقول بالرخصة العامة لا ينضبط والاعتماد على وصف خفاف الصحابة مجرد احتمال لا تثبت بمثله الأحكام وقد يحمل على حالة الضرورة والأئمة الأربعة لا يرخصون بالمسح على الخف إذا كانت خروقه فاحشة.
والكندرة والبسطار والبوت إن كان طويلا يستر محل الفرض ويغطي الكعبين جاز المسح عليه وإن كان قصيرا لا يغطي الكعبين لم يجز المسح عليه لأنه ليس ساترا للفرض وهذا قول عامة الفقهاء خلافا للأوزاعي.
وتبتدأ مدة المسح من أول مسحة بعد الحدث لأن الشارع علق الحكم بالمسح لا الحدث فناسب ابتداء المدة منه أما الحدث فهو سبب مبيح للمسح.
وإذا ابتدأ المسح حال الإقامة ثم سافر أتم مسح مسافر. وإذا ابتدأ المسح حال السفر ثم أقام أتم مسح مقيم في كلا الحالتين يبني على ما مضى ولا يستأنف المدة من جديد لأن العبرة حينئذ بآخر حاله فالحكم انتقل إليه وتعلق به ولا يشرع الاحتياط في ذلك. وإذا شك في ابتداء المدة وقت الإقامة أو السفر بنى على الإقامة لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه. وإذا شك في انتهاء المدة ولم يترجح له شيء عمل باليقين وخلع خفه.
وصفة المسح أن يبل يديه بالماء ثم يمسح بهما مفرجتي الأصابع على ظاهر الخف من أصابع قدميه إلى أصل ساقه ويكفي أكثره ولا يشترط استيعابه. ولا يجزئ الاقتصار على مسح عقبيه أو أسفله لقول علي رضي الله عنه: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه). رواه أبوداود.
1- حصول الحدث الأكبر.
2- خلع الخف.
3- انكشاف القدم أو بعضها.
وإذا بطلت توضأ وغسل قدميه ولبس خفيه ثم استأنف المسح من جديد.
ولا تبطل الطهارة بانتهاء مدة المسح إذا كان الماسح باقيا على طهارته لم يحدث وإنما يبطل المسح فقط فلا يجزئه المسح مرة أخرى بعد انتهاء المدة حتى يلبس الخفين على طهارة.
=)