أهمية ط§ظ„ط¹ظ„ط§ط¬ ط¨ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† والسنة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
فلا شك ولا ريب أن العلاج بالقرآن الكريم وبما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى هو علاج نافع وشفاء تام قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء [فصلت 44]، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء 82]، ومن هنا لبيان الجنس، فإن القرآن كله شفاء كما في الآية المتقدمة(1) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [يونس 57].
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء بالقرآن، وإذا أحسن العليل التداوي به وعالج به مرضه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبداً. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على علاجه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما لكتابه. والله عز وجل قد ذكر في القرآن أمراض القلوب والأبدان، وطب القلوب والأبدان.
فأما أمراض القلوب فهي نوعان: مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغي، وهو سبحانه يذكر أمراض القلوب مفصلة ويذكر أسباب أمراضها وعلاجها(2). قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت 51]، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ومن لم يكفه فلا كفاه الله"(3).
وأما أمراض الأبدان فقد أرشد القرآن إلى أصول طبها ومجامعه وقواعده، وذلك أن قواعد طب الأبدان كلها في القرآن العظيم وهي ثلاث: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة المؤذية، والاستدلال بذلك على سائر أفراد هذه الأنواع"(4).
ولو أحسن العبد التداوي بالقرآن لرأى لذلك تأثيراً عجيباً في الشفاء العاجل.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "لقد مر بي وقت في مكة سقمت فيه، ولا أجد طبيباً ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً، آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً فكان كثير منهم يبرأ سريعاً" انظر: زاد المعاد 4/178، والجواب الكافي ص21.
وكذلك العلاج بالرقى النبوية الثابتة من أنفع الأدوية، والدعاء إذا سلم من الموانع من أنفع الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، فهو من أنفع الأدوية، وخاصة مع الإلحاح فيه، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، أو يخففه إذا نزل(5)، "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء"(6) "لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر"(7) ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له: وهو أن الآيات، والأذكار، والدعوات، والتعوذات التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فهي الدواء؛
فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين:
أمر من جهة المريض، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المريض يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى الله تعالى، واعتقاده الجازم بأن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان؛ فإن هذا نوع محاربة،
والمحارب لا يتم له الانتصار من عدوه إلا بأمرين:
أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً: يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له.
الأمر الثاني من جهة المعالج بالقرآن ظˆط§ظ„ط³ظ†ط© أن يكون فيه هذان الأمران أيضاً(8)، ولهذا قال ابن التين رحمه الله تعالى: "الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى"(9).
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
1- أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.
3- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بقدرة الله تعالى(10) والرقية إنما هي سبب من الأسباب.
ولهذه الأهمية البالغة اختصرت قسم الرقى من كتابي "الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة" وزدت عليه فوائد نافعة إن شاء الله تعالى. وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعني به، وأن ينفع به من قرأه، أو طبعه، أو كان سبباً في نشره، وجميع المسلمين إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(1) انظر الجواب الكافي لمن سال عن الدواء الشافي لابن القيم، ص20.
(2) انظر : زاد المعاد 4/6 و 4/352 .
(3) زاد المعاد 4/ 352 .
(4) المرجع السابق 4/352 و 4/6 .
(5) انظر الجواب الكافي ص 22 – 25 .
(6) الترمذي والحاكم وأحمد وحسنه الألباني. انظر صحيح الجامع 3/151 برقم 3404.
(7) الحاكم والترمذي وحسنه الألباني. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/76 برقم 154.
(8) انظر : زاد المعاد 4/68 ، والجواب الكافي ص21 .
(9) فتح الباري 10/196 .
(10) انظر : فتح الباري 10/195، وفتاوى العلامة ابن باز رحمه الله تعالى 2/384.
المصدر : العلاج بالرقى من الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى / سعيد بن علي بن وهف القحطاني
[IMG]http://abeermahmoud2017.******.com/572-Thansk.gif[/IMG]