——————————————————————————-
استيقظ في التاسعة صباحا، رأسه يكاد ينفجر من إرهاق سهر ليلة البارحه.. بخطى متثاقله نهض من سريره وعقله يسترجع لمحات من صخب تلك السهره ، ضجيجها يملاء رأسه،
أخذ حمامه الصباحي، ازال ذقنه، غسل وجهه، ثم رفع عينيه ينظر الى المراة يراقب قطرات الماء تنساب فوق تقاسيم وجهه، تأمل في وسامته بوجه يملأه الجمود، وجه ميت، ثم أحياه بابتسامة مفاجئه
تعلن بداية يومه. ارتدى ملابسه الأنيقه .. وقف أمام المراة مجددا.. ينسق غترته فوق رأسه.. وابتسم مجددا للمراة.. توجه لطاولة قريبه تصطف فوقها انواع العطور ..
نظر الى ثلاثة منها في زاوية الطاوله .. يستند الى كل منها بطاقة … احدها من حنان، والأخرى من عبير ، والأخيرة من سناء ..كل بطاقة تفننت صاحبتها فيها واختارت ابدع الكلام
لحبيبها أحمد .. نعم اسمه أحمد.. حبيبهن.. ابتسم بسخرية وصرف نظره عنها جميعا ونظر لعطر اهدته اياه أمه.. تناول العطر وأغرق به ثيابه.. نزل..
تناول قهوته .. سلم على أمه … قبل يديها .. قبلته على خده .. ثم انصرف الى العمل .. او الى العبث.. خرج ليعبث بأحدى مؤسسات والده التي عين فيها مديرا
ليشغل فراغه الصيفي.. وكعادة المدير.. وصل الى مكتبه في العاشرة صباحا .. نهض السكريتير الذي يفوقه جيلا ليفتح له باب المكتب .. جأته القهوه في ميعادها..
بدأ عمله بتصفح الصحف .. تابع الاخبار .. اخبار الرياضه .. تعكر مزاجه بتذكره هزيمة فريقه .. لم يلبث ان استرجع صفاء مزاجه برنين الهاتف..
أحمد: ألو..
عبير: أهلين أحمد ..
أحمد: هلا "عمري" .. وش أخبارك ؟
عبير: الحمدلله .. مشتاقة لك..
أحمد: والله انا اكثر "حياتي"..
عبير: أحمد … قلت لك مشتاقة لك ..
أحمد: قلت لك وأنا أكثر يا "روحي"..
عبير: يا أحمد .. أنا .. أبي أشوفك …
أحمد: والله يا "حبيبتي" شوفتك منى عيني ..بس تعرفين انا هالحين ((مسؤول)) عن مؤسسة الوالد ووقتي مره ضيق ..
عبير: …
أحمد: والله اسف يا "قلبي" بس من جد ما عندي وقت..
عبير: الله يعينك حبيبي.. بس ياليت تخليني على بالك .. ابي اشوفك في أقرب فرصه..
أحمد: أمرك "عيوني" ..اعذريني بس انا مشغول هالحين ولازم اقفل..
عبير: اوكي حبيبي … باي..
أحمد: باي..
عاد الى ضجره ((المسؤول)) يقلب في عقود المؤسسه غير واع لما يوقع عليه من اوراق رسميه ..
انتهى من ما بين يديه من أوراق بسرعه ..
وطلب سكرتيره ليرسلها الى الجهات المعنيه..
خرج السكرتير وأقفل الباب .. ادار شاشة حاسبه الالي..
واخذ يراقب شاشة بريده منتظرا..
دام الانتظار طويلا..
وقاطعه صوت الهاتف ..
أحمد: ألو..
سناء: مرحبا أحمد..
أحمد: اهلييييييييييييين حنان .. وينك من زمان؟؟
سناء: حنان !! مين حنان !؟
أحمد: أأأأاااا .. انتي يا "عمري" .. انتي الحنان كله …
سكتت لبرهه … ثم صدقته او ارادت ان تصدقه .. لما يحمله قلبها من حب له ..
سناء: ايوه عمري .. ايش اخبارك اليوم ؟؟
أحمد: والله تمام يا "حياتي" انتي كيفك ؟؟
سناء: انا بخير ..
أحمد: هاه ايش سويتي امس فالعرس؟ ( أخطاء وسألها هالسؤال )..
سناء: والله فاااااااااااااااااااتك .. رقصنا وانبسطنا وغنينا وكل شي .. اسكت .. ماقلت لك ..
فلانه فستاااااااااااانها كان مرررررررره وعععععععع .. وعلانه كانت لابسه لون يا الله .. يحوم الكبد..و..و…و…
سمعها ..سمع حكاياتها.. سمعها وما سمعها… كان ينتظر .. يراقب الشاشه وينتظر..
وفجأة اصدر البريد صوت .. صوت يعلن نهاية سواليف سناء..
قاطع أحمد روايات سناء..
أحمد: معليش "حبيبتي".. بس عندي اجتماع (طارىء)..
سناء بحسره : بس أنا ما كملت معك ساعه…
أحمد: معليش "عيوني".. بس لازم اروح للاجتماع ..
سناء: والله ما شبعت من صوتك … (وانتي خليتيه يحكي الله يهديك !!)..
أحمد: خلاص "قلبي".. أكلمك الليله وتشبعين من صوتي..
سناء: …
أحمد: يالله "روحي" .. باي..
سناء: .. باي..
( من طبع الانسان لما يحب انسان .. يحب يقول له على كل شي يصير بحياته … واحيانا يحب يغوص في اعمق التفاصيل..
يحب يشاركه بكل تفاصيل حياته .. كل لحظه فيها .. والحلو منها قبل المر.. وكذا كانت سناء..
و كذا ما كان أحمد.. ولا كان يفهم سناء … او ما حاول يفهمها.. )
اقفل أحمد خط الهاتف.. والتفت سريعا لشاشة الحاسب.. ليجد من انتظرها طويلا متصله ..
وقبل ان يبداء بمحادثتها حادثته ..
ريم : اهلين احمد … صباااااااااااح الخييييييييييير ..
أحمد: هلا والله ريم ..
واخذهما الحوار عبر المسنجر لساعات ..
قبل ان يقاطعه الهاتف مرة أخرى ..
رفع سماعة الهاتف ليجد حنان على الطرف الاخر…
أحمد: معليش حنان بس انا مرررررررررررره مشغول …
حنان: ….
أحمد: يالله "حياتي" باي.. اكلمك بعدين..
حنان: لهالدرجه ما عدت أهمك يا أحمد !!
أحمد: بالعكس يا "عمري" انتي "قلبي" و "روحي" و "عمري" و " عيوني" اللي اشوف الدنيا بها .. (((واضح)))
حنان: طيب انت عارف…
أحمد: حنان .. ايوه عارف .. انا مشغول مره .. بعدين اكلمك .. باي..
وقبل لا تنهي الكلام .. قفل أحمد الخط … قبل لا تذكره بأن اليوم هو ذكرا لقاهم .. قفل الخط..
لقاهم قبل خمس سنين ..حبهم اللي من سنه وهو من طرف واحد ..قفل الخط .. وقال انه عارف ..
ومن زود حبها له .. بلعت مرارة الموقف وقالت أكيد انه عارف.. بس مشغول..
وراحت تنتظر يفاجأها بأنه عارف …
رجع أحمد لمحادثته .. وكمل باقي الدوام على المحادثه ..
وقبل لا ينهي الحوار .. وزي كل مره .. طلب من ريم انه يسمع صوتها ..
وزي كل مره رفضت ..
كانت بتجننه .. تعرف عنه كل شي .. وهو ما يعرف الا اسمها..
عندها صورته .. وما عنده فكره عن شكلها..
كيف ترفضه وهو الشاب الوسيم ابن صاحب سلسله من مؤسسات البلد !!!
جننه السؤال وهو يدور في راسه …
ألح عليها بالطلب ..
وطلبت منه بكل أدب..
ينسا الموضوع ..
وكل مره كانت فيها ترفض.. كان يتعلق فيها اكثر واكثر..
جا وقت نهاية الدوام ..
وتوادعو..
واتفقو على اللقا بكره .. في نفس الموعد.. وعلى نفس البريد .. مثل كل يوم ..
وقبل يطلع ..
قالت له..
ريم : أحمد..
أحمد: سمي..
ريم : تبي تشوفني ؟
أحمد: !!!.. أكيييييييد ..
ريم : أنا كل يوم أطلع امشي في (…) .. تعال هناك ودورني…
قالتها علشان تجننه وبس ..
وصار لها اللي تبي..
وأنجن..
وتوادعو..
************************************
طلع من دوامه .. الساعه ثلاث .. الدنيا حر .. راح للبيت .. تغدا ونام ساعتين ..وكالروتين اليومي .. لبس ملابسه .. واخذ سيارته المكشوفه وراح..
راح يلف الشوارع .. صوت المسجل صارخ.. وعقل أحمد سارح ..
سارح بريم .. ليه كذا ..ليه تحب تجننه .. ليه ؟
قاطع حبل أفكاره صوت الجوال ..
عادل: اهلين أحمد ..
أحمد: هلاااااااااا عادل .. وينك ياخوي .. ما تنشاف ولا شي .. وين الناس؟؟
عادل: يبن الحلال .. انت عارف رأيي عن الشله اللي انت تماشيها .. وتدري اني ما ارتاح لهم .. وانت الله يهديك دايم معهم..
أحمد: يا رجااااااااال ولا يهمك .. اسحب عليهم الليله لعيونك .. بس خلنا نشوفك ..
عادل: لا يبن الحلال ما ابي تسحب على أحد .. انا بس مكلمك اسلم عليك ..
أحمد: وش دعوه يا عادل .. تتغلى علينا !! الله يالدنياااااااا …
عادل: ياشيخ ما تغليت عليك ولا شي .. بس ما احب اسبب مشاكل لأحد .. ولا ابي اتدخل بينك وبينهم ..
أحمد: يارجال الشله ما درو عني .. يدرون عني لا بغو وظايف ولا سلف .. وغيرها وجودي وعدمه واحد..
عادل: ويوم انهم كذا ليش مكمل معاهم ؟!
أحمد: يا عادل وسسسسسسسع صدررررررررررك..
امش بس.. وين القاك ؟
وتواعدو .. وطلعو سوا .. يلفون الشوارع .. وما ينلامون ..
فالشباب في بلادي مالهم غير الشوارع .. الله يخلي صدى التحليه وجوفريز … كوب كفي يصحيك ..
ودوران يدوخك .. مما يسبب توازن في الحاله العصبيه .. ونطلع بمحصله صفر..
صارت الساعه تسع ..
أحمد: عادل .. بروح لـ(…) .. وش رايك ؟؟
عادل: يا أحمد الله يصلحك انت ما تعقل ابد !!!
يخخخخخخخخخخخرب بييييييييييييييت ابليسك من وين تسدد فواتير تلفونك !! والله بديت اشك انك تبيع بلاوي زرقا !!!
أحمد: الفواتير والحمدلله .. الوالده ما تقصر .. والشرع محلل أربع وأنا اخوك ((( اخس والله يعرف الشرع))) !!!
عادل: ما اقول الا الله يرحم حالك .. رح للي تبي والله يستر .. منتب عاقل الين ادق على اهلي بيوم يجون يكفلوني عند القسم ..
ضحك أحمد ضحكه خفيفه .. أعقبها بضغط دواسة البنزين لحد الانكسار .. لينطلق صرير الاطارات محذرا مستخدمي الشارع بمرور مركبة مراهقية القائد..
وارتسمت ابتسامة أحمد على شفتيه ..
شرح أحمد القصه لعادل خلال الطريق..
وصلو للمكان.. بداؤ يدورون حوله .. يراقبون من يمارسون رياضة المشي…وعينا أحمد تلف المكان .. يبحث عن علامه .. يبحث عن دليل..
اعاد الكره مرتين وثلاث واربع.. بلا جدوى…
هم بالرحيل… فاجأه صوت .. صوت ينادي : ريم .. تبين اجيب لك معي مويه ؟
صوت اخيها يناديها ..أجابت بالايجاب.. توقف أحمد .. نظر الى الفتاة .. امعن بالنظر ..
لم يصدق ما يراه.. الان ادرك سبب رفضها ..
ادرك سبب عنادها .. كانت مشعة كضوء القمر .. وكانت عيناها رائعتا الجمال.. كانتا ساحرتين ..
ابهرتا أحمد ..
وزاد من جنونه نسمة الهواء التي هبت لتسقط لثام ريم وتكشف عن وجهها .. ليزداد اشعاع القمر نورا ..
فتح أحمد باب السياره .. وهم بالنزول … الا ان عادل امسك يده وجره لداخل السياره قائلا..
عادل: أحمد !! صاحي أنت !!
أحمد: عادل مانيب رايق لك … اتركني بروح اكلمها …
عادل: حرام عليك ياخي .. ما تشوف البنت مسكينه .. فيها اللي كافيها .. وانت تبي تزيدها مشاكل !!
التفت احمد الى ريم .. ليرى ما لم يره في النظرة الاولى …
نظر الى فتاة مقعده.. فتاة اعماه جمالها ولهفته لرؤيتها عن رؤية اعاقتها ..عاد اليها اخوها ليكمل دفعه لكرسيها المتحرك .. ويكملا جولتهما في المكان ..
نظر أحمد الى ريم وهي تبتعد .. انتظر قليلا .. اقفل باب السياره .. تنهد بصوت مسموع .. ثم تحرك بالمركبه بهدؤ لما يسبق لتاريخه القيادي ان شهده…
************************************
طوال الطريق ساد الهدوء داخل المركبه .. وصلا لبيت عادل .. وقبل نزول عادل قال
عادل: أحمد .. ترا المسئله مو مستاهله وانا اخوك .. وانت ماشالله عليك عندك احتياطي .. مو مثل محاكيك ما كان يعرف الا وحده
مسوي فيها مخلص ووفي واخرتها سحبت عليه علشانه ما وداها لكورة الفيصليه !!!
ابتسم أحمد بخفة وقال..
أحمد: يبن الحلال.. وسع صدرك فداك الف بنت .. انت بس أشر ..
عادل: وش دعوه يبه .. قالو لك أحمد اللي يطيح الطير من السما !! محاكيك عادل .. اللي له ثلاث سنين عجز يصور عند زماني .. كل ما صور احترقت الصوره ..
عادل اللي يوم جا يصور للجواز كل ما دخل استديو شوتوه خايفين على كاميراتهم..
زادت ابتسامة أحمد اتساعا .. وضحك بخفه وقال ..
أحمد: يا عمي .. وسع صدرك ..
عادل: يالله .. خلنا نشوفك .. وان طعت شوري خل عنك هالشله ترا ما وراهم خير ..
وتوادعو… ومشا أحمد.. بنفس الهدوء ..
لم يكن يريد العوده الى المنزل ..
أقفل هاتفه الجوال..
وأخذ يجول في شوارع المدينه ..
وألف فكرة وفكره تجول في خاطره ..
ايعقل ان يكون جمال الفتاة هو سبب تمنعها عنه ؟؟
اهو غرور منها ؟؟؟ ولكن اعاقتها تنفي جميع معاني الغرور…!!!
تصادمت الافكار في رأسه ..
عاد للمنزل بعد صلاة الفجر …
ذهب الى فراشه .. أغمض عينيه محاولا النوم .. ولكن دون جدوى ..
اعاد هاتفه الجوال الى العمل وكان ينوي الاتصال بسناء .. ليفاجاء برسائل الشوق من عبير ..
ولتزيد همه رسائل العتاب من حنان.. عتاب على نسيانه لذكرى تعارفهم ..
ذكرى محبتهم.. او ما اصبح محبتها ..
هم باقفال جواله .. ولكن سناء سبقته .. رن هاتفه.. واطال بالرنين..
تأمل أحمد في شاشة الهاتف .. يقراء اسم سناء.. وتفكيره منشغل بريم..
انتظر حتى انهت سناء الاتصال..
حول هاتفه الى الوضع الصامت..
استلقى في فراشه.. ولكنه لم يعد يبحث عن النوم… على الرغم من شدة ارهاقه.. الا انه استغرق في التفكير..
لماذا هذه الفتاة؟؟ لماذا تشغل باله؟؟
هل ذلك بسبب شخصيتها القويه؟؟ ام بسبب ثقافتها العاليه؟؟
ام هو ما تتحلى به من خفة الروح ؟؟
أهو حسن تقديرها للأمور؟؟
او ان ذلك لأنها صعبة المنال ؟؟
او ما راه اليوم من جمالها الاخاذ دور في شغل تفكيره؟؟
أم……..
لم يكمل أحمد تفكيره..
فقد غلبه النعاس أخيرا…
استيقض أحمد متأخرا .. قاربت الساعه الواحدة ظهرا ..
لم يعد بإمكانه الذهاب الى المؤسسه..
ولكنه تذكر موعده اليومي مع ريم ..
قفز من سريره الى المكتب .. واستقبل شاشة حاسبه ..
اوصل جهازه بالشبكه .. فتح البريد ..
ولم تكن ريم متصله ..
قفز صوت من بريده ينبئه بوجود ثلاث رسائل جديده ..
فتح صفحة الرسائل املا ان لاتكون جميع الرسائل عبارة عن اعلانات تافهه..
وجد رسالة من ريم ..
فتحها مسرعا..
وجد نصها يقول..
((عزيزي أحمد .. جئت في موعدنا اليوم ولم اجدك ..
انتظرتك لساعات .. ولكنك لم تحظر..
انا متأكدة ان ظروفا قاهره حالت دون حظورك..
عزيزي..
سأكون متصله عند الرابعة عصرا..
أرجو أن أجدك..))
أسند ظهره الى الكرسي..
وضع يديه خلف رأسه .. وتنهد بعمق..
بقي ثلاث ساعات على موعدها .. وهو لم يعد يطيق الانتظار..
ضاقت به الدنيا ..
لماذا ؟ لماذا هذا الشوق اليها ؟؟ رغم انها تتمنع عنه !!
نهض وامسك بهاتفه .. وجد شاشته تعج بالمكالمات التي لم يرد عليها ..
سبع مكالمات من سناء ..
أربع من عبير ..
لكن حنان لم تتصل !
حنان اللتي حطم قلبها بنسيانه ذكرى تعارفهما بالأمس..
قرر الاتصال بها..
رتب العبارات على لسانه ..
وأخذ ينسقها..
حتى أكمل نص أعتذاره .. بكلمات رقيقه عذبه لا تمت لقلبه بصلة …
اتصل بها..
ولكنها لم تجب..
اعاد محاولاته … ولكن دون فائده..
حز في نفسه الألم الذي سببه لحنان ..
نهض من فراشه .. غسل وجهه .. ولم يحلق ذقنه ..
نظر الى وجهه في المراة..
قطرات الماء تنساب على تقاسيم وجهه .. ولكنه لم يستطع الابتسام ..
احيطت عينيه بهالتين من السواد تعلنان للملاء شدة إرهاقه..
نزل الى اهله .. قبل رأسي والديه .. وبرر لهم تغيبه عن العمل باعذار واهيه لم تقنع اهله .. ولكنهم ابتلعوها..
جلس يقلب محطات التلفاز ..
لم يجد ما يناسب مزاجه …
صعد الى غرفته مجددا.. نظر في ارجائها .. يبحث عن ما يضيع وقته ..
تناول هاتفه .. اتصل بعادل.. اتفقا على تناول طعام الغداء خارجا..
خرج أحمد .. وقاد سيارته كعادته بطريقة جنونيه .. محاولا تفريغ توتر الانتظار..
وصل الى بيت عادل .. خرج عادل .. وانطلقا سويا بصرير اطارات ازعج سكان الحارات المجاوره..
عادل: خير خير خير .. عسا ما شر .. تبي منيتك على يدين ابوي !!!
أحمد : اقول اركد ..
عادل: يبن الحلال ترفق تراك بالحاره .. قسم بالله ينتق لك بزر ما عاد يجمعونه ولا باكياس..
أحمد: اقول ما ودك تسوق بدالي ؟
عادل : وقف خل أسوق ولا تسوي لنا بلوى زي الصيف الماضي !
استرجع أحمد شريط حادث مروري تسبب فيه قبل سنه …
كان يقود سيارته بسرعة جنونيه داخل حي سكني.. فاجئته سيارة عائله بخروجها من احد التقاطعات ..
قطع شريط الحادث .. طرده من تفكيره بكبحه على الفرامل ..
ترجل من المركبة وطلب من عادل قيادتها..
بعد الغداء.. عاد أحمد للمنزل..
عقارب الساعه تشير الى الثالثة والنصف..
سلم على أهله.. وصعد الى غرفته ..
انتظر والده حتى سمع صوت باب غرفة أحمد..
ثم قال…
أبو أحمد: اقول يا أم احمد .. الولد هاليومين مهوب مضبوط.. مدري وش وراه ..
أم أحمد: عجززززززت وانا اقووووووووول لك .. الولد كبر ويبي له مره ..
أبو أحمد : كلميه يا أم أحمد .. كوده يعقل ويطيع يعرس..
في الغرفة جلس أحمد مقابلا لشاشة الحاسب …
منتظرا دخول ريم ..
مرت ثلاثون دقيقه وكأنها ثلاثون ساعه..
وفي الرابعة تماما.. اتصلت ريم ببريد أحمد..
وبكل ما يحمله من لهفه حادثها…
أحمد: اهلييييييييييييييييييين..
ريم : هلا والله احمد .. وينك اليوم ؟ عسا ما شر؟
أحمد: لا والله مافيه الا كل خير .. بس اسف راحت علي نومه..
ريم : ….
أحمد: أدري ان السبب تافه .. بس ياليت تسامحيني ..
ريم : أحمد.. ليه انت مهتم فيني ؟
أحمد: …
ريم: ياليت تفكر زين وتجاوبني…
أحمد: تبين الجد .. والله مدري..
ريم: ….
أحمد: يا ريم انتي فيك شي يشدني.. ما ادري ليه .. أحسك غير عن الناس هذي كلها..
بريم: ما أدري.. متأكد من احساسك ؟؟
أحمد: ….
ريم : متأكد؟؟؟
أحمد: ايه متأكد .. انتي بالنسبه لي غير..
ريم: …..
أحمد: والله يا ريم لو كذبت على الناس هذي كلها ما اقدر اكذب عليك…
ريم : عموما يا أحمد … يا ليت ما تأمل على علاقتنا كثير .. لأنها مستحيل تتعدى حدود النت ..
أحمد: ليه كذا يا ريم ؟؟ ليه قد ما احاول اتقرب منك تبعدين..
ريم : ….
أحمد: ريم انا شفتك البارح …
ريم : ايش !!!
أحمد: وادري وش كثر ربي عطاك جمال.. بس هذا ما يعطيك الحق تلعبين فيني …
ريم : ألعب فيك !!!
أحمد: ….
ريم : عموما انا اسفه يا أحمد لأني حسستك اني العب فيك .. ولا تخاف .. ما راح ازعجك بعد اليوم ..
قالتها وطلعت… ((او صكته ببلوك))
مرة فتره وأحمد يتأمل في الشاشه ..
يسترجع اللي حصل..
يستوعب اللي صار..
سلم بالأمر..
وقفل الجهاز…
**************
مر أسبوع…
أحمد مثل كل يوم .. يروح للدوام ..
يقضي أشغاله بسرعه ..
يدخل على النت.. وينتظر…
لكن ريم ما تجي..
تلفونه انفجر من اتصالات عبير وسناء .. عبير مشتاقه … وسناء عندها كلام…
وحنان غايبه … لا حس ولا خبر…
حس بفراغ … فراغ كبيييييييييييير…
يمكن يقارب اللي حست فيه حنان…
راح الاسبوع ثقيل..
وفي اخره … التقى أحمد بعادل ..
عادل: هلا والله ابو حميد .. من طول الغيبات جاب الغنايم ..
أحمد: اي غنايم وانا اخوك .. خلها على ربك بس..
عادل: سلامات !! عسا ماشر ؟؟ وش صاير ؟؟
أحمد: عادل … أنا أحبها …
عادل: اييييييه .. تحبهاااا.. قلت لي …
أحمد: ….
عادل: طيب ما قلت لي يالحبيب … اي وحده فيهم اللي تحبها بالضبط ؟؟؟
أحمد: ….
عادل: عبير سناء حنان .. مين بالضبط ؟؟
أحمد: يوووووووووه ياخي أنا أحكي بوادي وانت بوادي…
عادل: ما شالله .. فيه غيرهم بعد !!!
أحمد: انا أحكي عن ريم يالشيخ..
عادل: ريم!! من هي ذي؟
أحمد: اللي شفناها في الـ(…)
عادل: (حط يده على جبهة أحمد) بسمالله عليك وانا اخوك .. انت مصخن ولا فيك بلا ؟؟؟
أحمد: ليه !! وش فيك تفاول علي ؟؟
عادل: مانيب اتفاول عليك .. بس..
أحمد: ….
عادل: هالحين وانا اخوك.. عبير منافسة الايليت سوبر موديلز ميته تبي تشوفك … وسناء اللي من تفتح الخط معها تزمل وشلون تقفل السالفه..
وحنان اللي ما عمري شفت أحد يحب مثل ما حبتك .. ما فيه وحده فيهم ملت عينك!! .. ما قردك ربي الا بهاللي رادتن بك !!!
أحمد: ….
عادل: طيب ياخي .. انت حر .. حبها بيديك ورجولك .. محد قال لك لا .. وعلى قولتك .. الشرع محلل أربع..
أحمد: يا عادل.. افهمني واللي يرحم والديك .. أنا ما أبي أربع.. أنا أبي ريم وبس…
عادل: طيب وهالثلاث اللي أنت معلقهن الله يغربلك…؟
أحمد: ….
عادل: وش بلاك ما ترد ؟؟
أحمد: وش تبيني أسوي يعني ..؟؟
عادل: ابيك تقول لكل وحده فيهم انك ما عاد تميل لها.. بنات الناس مهوب ميداليات مفاتيح بيدينك …
أحمد: ياخي والله صعبه … ما ابي اجرح اي وحده فيهم …
عادل: خبز خبزتيه يالرفلا اكليه …
أحمد: ….
عادل: انت اللي جبته لنفسك … وخطاك لازم تصلحه ..
أحمد: مهيب مشكله .. خطاي اصلحه … بس ابيك تساعدني..
عادل: ايوه ايوه … لا يا حبيبي … وقف وقف … نزلني واللي يرحم والديك ..
أحمد: وش بلاك ؟؟؟
عادل: لا ولا شي الله يسلمك .. بس اهلي يبوني وانا مدري وش انت ناوي عليه هالمره ..
أحمد: يبن الحلال لا تخاف .. مافيه مصيبه هالمره… بس انت فتح معي واسمعني زين ..
وقص أحمد لعادل قصته مع ريم … وكيف انتهت بزعلها…
عادل: طيب يالذهين .. اموت اعرف على ايييييش انت ناوي ؟؟
أحمد : انا اقول لك .. بنروح في نفس الوقت لنفس المكان اللي شفناها تتمشا فيه … واذا جت .. انت بتجلس بالسياره وانا بنزل اكلمها..
عادل: طيب انا الى الان ما فهمت وش شغلتي بالضبط..
أحمد: صدق انك جنط .. انت تجلس تراقب لي الوضع يا فالح .. ولو لا سمح الله وصار شي تصير جاهز للنحشه..
عادل: ….
أحمد: يارجال لا تصير خواف.. كلش بيمشي تمام .. بس الاحتياط واجب.. بس انت قل قدام..
عادل: والله ما بيوديني بستين داهيه الا انت ومشاريعك .. بس براسك .. قداااااااام..
وراحو…
***********
ذهب أحمد و عادل للمكان اللذي اعتادت ريم على الخروج اليه …
انتظرا ان تأتي.. مر الوقت ببطء..
جلسا في السياره .. أحمد يترقب..
و عادل يستمع لإهداءات المستمعين على الام بي سي اف ام (( اموت على الدعايه يا شييييخ ))..
كانت الاهداءات كالتالي..
اهداء من نوره الى الخطيب الغالي سعد ..
اهداء من فيصل الى الخطيبه الغاليه لطيفه..
اهداء من المتيمه الى الخطيب الغالي خالد..
اهداء من بندر الى الخطيبه الغاليه M !!!
((( ما شالله .. كل العالم خاطبين !! ويقولون عندنا انخفاض في نسبة الزواج نتيجه غلاء المهور !!)))
وفجاءه نط صوت مو غريب …
صوت يلعلع.. الووووووو
مقدم البرنامج: اهلين مين معنا ..
المتصله : انا سناء من الرياض …((يافرحة اهلك فيك))..
أحب أهدي الأغنيه للخطيب الغالي "أحمد" من الرياض … ((ماشالله .. بالرفاء والبنين!!))
مقدم البرنامج: طيب طيب.. شاكرين لإتصالك أخت سناء ..
عادل قصر الصوت .. نظرات متبادله من عادل وأحمد .. تبعها انفجار ضاحك من الطرفين …
عادل: الله يغربل بليسك انت والاشكال اللي تعرفها يا شيييييييييييييييييييخ ..
أحمد: …..
عادل: خاف الله يا شيخ .. شف وش سويت في بنت الناس ..
أحمد: يبن الحلال.. قلت لك بصلح كل شي ..
عادل: انا ما كسر خاطري الا هالمسكينه حنان.. والله ما شفت أحد يحب مثل ما تحبك ..
أحمد: …..
عادل: ايه .. اللي يبينا عيت النفس تبغيه واللي نبيه عيا البخت لا يجيبه..المهم هالحين..
وين ريم ذي تراي مليت .. لا تكون مرت وانت ما انتبهت لها ؟؟
أحمد: لالا… لو مرت صدقني بأعرفها..
عادل: طيب انت متأكد انها تطلع كل يوم ؟؟
أحمد: لا..
عادل: طيب الى متى بترطعنا فيذااااااا انت وخشتك ؟؟
أحمد: …..
عادل: ياخي مليت …
أحمد: اصبر شوي بس.. ربع ساعه .. اذا ما جت نمشي..
مر الوقت وشارف الوقت على الإنتهاء..
راحت ربع ساعه .. بنظرة المحبط نظر أحمد الى الساعه .. هم بتشغيل السياره ..
وجت ريم ..
بانت ريم في زاوية الشارع على كرسيها المتحرك …
ولكن..
أحمد: مو هذا أخوها اللي كان معها ذاك اليوم ..
كان يدفع كرسيها طفل .. عمره قارب الاثني عشر عاما…
بالكاد يطل من فوق كتف ريم ليرى الطريق…
كان مبتسما.. وكانت ريم تضحك وهي ترشده الى الطريق..
نظر أحمد الى عادل وقال..
أحمد: خلك جاهز..
وقبل ان يستوعب عادل الموقف.. نزل أحمد من السياره ..
مشى بخطوات متسارعه نحو ريم وأخيها الصغير..
مشى خلفهما .. حافظ على المسافه ..
لا يريد لفت الأنظار..
يتحنى الفرصة المناسبه ليحادثها..
استمر في المشي ورائهما مدة طويله ..
بدء الملل يخالجه .. وهو ينظر الى ريم من بعيد .. يتوق لمحادثتها..
ولكن اخاها كان هناك ..((( بالعربي نشبه )))…
مر الوقت .. ووصلت ريم الى سيارة عائليه..
مظللة النوافذ… كان يفترض بسائق اجنبي ان يكون خلف مقودها…
أين ذهب؟؟
بحثت ريم بأنظارها عن السائق ولم تجده ..
بقي أحمد بعيدا..
ينظر الى ريم وقد همت بالرحيل .. ولم يجد فرصة لمحادثتها..
نظرت ريم لأخيها الصغير وطلبت منه أن يساعدها في ركوب السياره بدلا من السائق..
حاول الطفل مساعدة اخته في ركوب السياره ..ولكنه لم يستطع…
بداء شكلهما يلفت نظر الماره …
انزعجت ريم من ذلك الوضع .. ولا أثر لذلك السائق…
فكر أحمد في مساعدتها .. ولكن ذلك قد يضعها في مشكله ..
وقد ترفض هي المساعدة منه ..
طلبت ريم من اخيها ان يقرب الكرسي أكثر لباب السياره..
تحاملت على نفسها وحاولت النهوض..
استندت لباب السياره ..
حاولت الدخول .. ولكنها سقطت… سقطت على الارض وسط شهقة من أخيها الذي راح
يحاول عاجزا ان يساعدها على النهوض…
عندها قرر أحمد التدخل..
تقدم اليهما .. عرض المساعدة على الطفل.. اومى الطفل برأسه ايجابا..
كان موقف ريم قد اغرقها خجلا .. فلم ترفع رأسها لترى صاحب الصوت..
مد أحمد يده وأمسك بيدها .. ساعدها على النهوض ..
ركبت ريم في السياره .. ثم رفعت رأسها لتشكره …
ريم: شكـ…. ((سكتت))
لم تستطع ان تنطق حرفا واحدا… فلقد عرفته..(( شاهدت صورته سابقا عبر الانتر نت))..
سكتت مطولا تنظر اليه بذهول …
نظر اليها بهدؤ…
نظراته كانت تحمل أسمى عبارات الاعتذار..
أنزلت رأسها ..
سكتت .. أطالت في السكوت ..
ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة رضا ..
رفعت رأسها .. وقد رافقت ابتسامتها دمعة انسابت فوق خدها البدري.. وقالت..
ريم : شكرا… (( قالتها بصوتها الملائكي الذي هز ما تبقى من قلب أحمد))..
ابتسم أحمد بدوره .. نظر اليها .. امعن في النظر .. وسؤال يدور في نفسه عن سبب هذه الدمعه…
قاطع تلك اللحظه صوت أخيها الصغير عبدالله..
عبدالله: مشكورين أخوي..
أحمد: ….
عبدالله: يالطيب مشكور…
أحمد: ….
عبدالله يربت على كتف أحمد: يبو الشباب..
أحمد: هاه.. هلا .. سم..
عبدالله: اقول مشكورين وما قصرت..
أحمد وهو سارح بنظره مع ريم: هلا .. حياك الله …
ظحكت ريم بخفة من الموقف وقالت وهي تمسح دمعتها: مشكوره أخوي ..
عبدالله: يالله عاد لا تطولها وهي قصيره..
انتبه أحمد لنفسه .. نظر الى عبدالله .. ابتسم وانصرف…
نظرت ريم اليه وهو يبتعد… يسير بخطى واثقه..
يسير بخطى فرحه..
خطى راقصه..
فيما انشغل اخوها في البحث عن السائق ..
تابعت نظراتها أحمد.. حتى ضاع في الزحام…
أغمضت عينيها..
وتحركت شفتاها لتنبسا بأجمل كلمه في قواميس البشر..
قالت "أحبك"…
ولم يسمعها أحد…
وصل أحمد للسياره .. نظر الى عادل الذي انشغل بتقليب محطات الراديو ..
وقف فوق رأسه.. فتح باب السياره لينتبه عادل الى وجوده ..
وقبل ان ينطق عادل.. جره أحمد لخارج السياره ..
عادل: هاه بشر وش صار ؟!
نظر أحمد الى عادل في حده … وقال..
أحمد: هالحين هذا اللي جايبه يراقب لي ويستعد للهجه ؟
عادل: يبن الحلال والله منتبه .. بس انت قل لي وش صار؟…
ازدات حدة نظرات أحمد .. ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة نصر.. أمسك بكتفي عادل.. قبله على خده وقال..
أحمد: ياخي انت وجه خير علي.. انت احسن واحد بهالدنيا..(( ثم صرخ قائلا)) كلمتهااااااااا..
عادل: كلمتها !
أحمد: ايه كلمتها..
صرخ عادل: كلمهااااااااااا..
أحمد: كلمتها..
عادل: كلمها…
ووسط صراخهما والضحك .. انتبها لنظرات الناس.. بدأت ضحكاتهما تخف تدريجيا ..
اضيء نور ساطع في الافق..
لاح ذلك النور على مسافة غير بعيدة منهم .. لا تزيد على الخمسمئة متر..
ماذا يكون ؟؟
هل هو كامري؟؟ .. لا..
هل هو مكسيما؟؟ .. برضو لا..
هل هو فورد ؟؟ .. كمان لا ..
اذن ماذا ؟؟
صح… انه (( جمس مدرعم))..
استوعبا الموقف بسرعه هذه المره((لازم وانا اخوك .. الانسان يعيش مره وحده))…
قفزا في السياره ..
وانطلقا بسرعة لن يصل اليها ذلك الجمس (( ولو انه بدحديره))..
وذهبا يجولان في شوارع الرياض ..
*****
في صباح اليوم التالي..
استيقض أحمد كعادته …
وعندما رأى العطور الثلاثه ..
وقف عندها للحظه …
أسف على ما فعله … ندم بشده .. ولكن ذلك لن يصحح الخطاء..
نزل من غرفته ..
قبل رأس والدته ..
هم بالرحيل.. أمسكت يده .. قالت..
أم أحمد: يا وليدي.. متى يهديك الله وتعرس؟؟
سكت أحمد لبرهه.. نظر الى والدته..
ابتسم..
جلس بجوارها.. أمسك بيدها وقبلها.. قال..
أحمد: قريب يمه.. قريب انشالله ..
دعت له بالتوفيق وسداد الخطى ..
وخرج الى عمله..
انتهى من عمله كعادته مبكرا …
اتصل بماسنجره ..
وجد ريم متصله .. وقبل ان يحادثها حادثته..
ريم : صباح الخير..
أحمد: هلا والله.. صباح النور..
ريم : أحمد ابي أكلمك..
أحمد: تفضلي ريم .. تكلمي..
ريم : لا لا.. ابي اكلمك.. ابي اسمع صوتك..
أحمد: …..
ريم : ولا انت ما تبي …؟ ((صاحيه انتي مايبي!))..
اتصلت ريم بهاتف مكتب أحمد .. طلب منها أحمد الانتظار قليلا ..
اتصل بسكرتيره ناصر وقال..
أحمد: ناصر .. اسمعني زين ..
ناصر: سم امر..
أحمد : أي أحد يطلبني قل له أحمد سافر.. أحمد مات .. أحمد أي شي .. المهم اني غير موجود بالخدمه ..اوكي؟
ناصر: .. !!
أحمد : تسمعني أنت؟؟
ناصر: خلاص أستاذ أحمد .. اللي تامر به ..
عاد أحمد الى ريم ليسمع ضحكتها الخفيفه على تصرفه .. وقال..
أحمد : وش فيك ؟!
ريم : لا ولا شي .. بس ما كان له داعي تصرف العالم .. اصلا انا ما اقدر اطول ..
وصدقت .. ما طولو .. بس الى نهاية الدوام الساعه ثلاث..
بس..
طلع أحمد من الدوام مستااااااااااااااااانس …. ((يحق لك يا عم))..
اتفقو يكلمون بعض اخر الليل..
كان يتمنى الوقت يمر بسرعه..
ماكان له خلق يرجع للبيت .. كلم عادل.. وطلعو سوا..
عادل: هاه يالحبيب.. بشر .. كيف الاوضاع..؟
أحمد: فل الفل..
عادل: سمعتك صوتها ؟
أحمد: خمس ساعات وان طربان بصوتها .. يالله يا عادل.. من جد ما عمري حنيت لأحد مثلها..
ماني قادر اصبر .. مشتاق لضحكتها.. مشتاق لسواليفها..
عادل: ايه .. هذا كان كلامك اول ما عرفت حنان وعبير وسناء..
أحمد: لا يا عادل.. صدقني ريم غير .. ريم بالنسبه لي شي ثاني ..
نظر عادل الى أحمد بنظره تقول (( كيف الحال يبو الشباب ؟؟ على مين تلعبها ؟؟ على عادل !!))
أحمد: والله يا عادل انها غير .. والله ما خفق قلبي لأحد مثلها .. وبأثبت لك..
عادل: وشلون ؟..
أحمد: قررت أكلم حنان وعبير وسناء .. بصارح كل وحده منهم بحقيقة احساسي تجاهها وانه ما تعدا حد الغلا..
أبعتذر من كل وحده منهم .. وخلصنا..
عادل: يا حبيبي.. دخول الحمام مش زي خروجه…طيب عبير مو مشكله .. هي أصلا ماخذه الموضوع
صداقه وغلا .. لكن سناء اللي طلعتك أمس خطيبها .. وحنان واللي بقلبها لك ..؟؟
أحمد: حنان هي اللي كاسره خاطري .. اما سناء صدقني ما قمت ولا قعدت عندها .. اهم شي واحد تقرق عليه
وممكن أحولها عليك اذا تبي..
عادل: ايش ايش ايش!! معلاق عند اهلك انا .. لا حبيبي.. لا ترمي بلاويك علي.. وخر عني
وقف وقف .. وقف نزلني..
وقف احمد وابتسم..
عادل: ايوه .. ايوه .. وانت ما صدقت على الله تبي تنزلني !!
أحمد: يبن الحلال امزح معك .. وبعدين وش فيها يعني .. انت وسناء تصلحون لبعض..
كلكم راعين قرق..
عادل: !! .. وانت من مشغلك لي خطابه !!!
وبعدين انا مانيب راعي قرق يالسمرمدي..
أحمد: وسع صدرك عدول .. انا مستانس وبستلمك اليوم ..
وكملو اليوم مع بعض ..
خلال هالكم يوم .. عرف أحمد وش كثر كان عادل يعني له..
عرف ان " عمر الغيم ما يحجب خيوط الشمس.. وعمر البعد ما يمحي صداقة أمس"…
************************************
مر اسبوع على أحمد وريم .. وقلوبهم كل يوم تتعلق في بعض أكثر وأكثر..
تعارفو في هالاسبوع .. سأل عن كل اللي يبي يعرفه..
وسألت عن كل اللي تبي تعرفه..
بس كان فيه موضوع مشغل باله .. وعجز يسأل عنه..
كان حاب يعرف سبب اعاقة ريم ..
السبب اللي منعها من المشي..
ولكن ما قدر يسأل .. وكان يتمنى تقول له من غير ما يسأل..
بعد اسبوعين .. بدأ أحمد في ترتيب أفكاره..
صارح عبير بتقديره لصداقتها له .. وصدق احترامه لها ..
اخبرها بانها فتاة لا ينقصها شي..
لكن قلبه قد أحب .. وحبه يلزمه بالوفاء..
تفهمت عبير الوضع .. عاتبته على اخفائه الامر عنها منذ بدايته ..
دعت له بالتوفيق مع من أحب.. وانتهت علاقتهما بهدوء..
صارح سناء بحقيقة الامر …
اخبرها بأنه يحب .. دعت له بالتوفيق …
دعا لها بالتوفيق ايضا .. اراد ان يوادعها …
بدأت تسرد له أحداث اليوم السابق في حفل زفاف ابنة عمتها !!!
أحمد: سناء !! مو معقول .. انا قاعد اكلمك في موضوع وتنطين لي بسالفه ثانيه ؟!
سناء: ليه وش صار ؟…
أحمد: أقول لك أنا أحب..
سناء: طيب وانا قلت لك الله يوفقك مع اللي تحب ..
أحمد: طيب خلاص.. اللي بيننا لازم ينتهي..
سناء: ليه ؟!!
أحمد: لأني أحب وحده ثانيه !!
سناء: طيب !! وخير ياطير..
أحمد: يعني لازم نفترق…
سناء: لا .. ممكن نبقى اصحاب ! (( ياوالله النشبه))..
أحمد: …..
فكر أحمد شوي .. وقال..
أحمد: سناء .. معليش بس انا مستعجل هالحين ..لازم الحق على الطياره .. نتفاهم بعدين ..
سناء: اي طياره ؟؟
أحمد: انا مسافر .. عندي رحلة عمل …
سناء: طيب كيف أقدر أسأل عن أخبارك ؟؟
فكر أحمد شوي زياده وقال..
أحمد: خذي الرقم هذا .. هذا صاحبي عادل .. هو يقدر يعطيك كل أخباري .. (( وعطاها رقم عادل))..
يالله باي..
سناء: باي حبيبي.. توصل بالسلامه..
بقيت حنان.. لم يعرف أحمد كيف يصارحها بالأمر ..
استجمع شجاعته وقرر الاتصال بها ..
حاول الاتصال بها .. ولكنه لم تجب..
كان لديه رقم اختها ساره .. وكانت على علم بما بينهما..
اتصل بها..
أحمد: الو.. مسا الخير ساره..
ساره: هلا.. مين معي ..؟
أحمد: انا أحمد.. صاحب حنان..
ساره: اهلين احمد..((قالتها من غير نفس.. خبرتها في الحياة كانت كافيه علشان تشوف اللي داخل أحمد))..
أحمد: وين حنان؟؟ لي كم اسبوع وانا ادورها.. سلمات؟ عسى ما شر؟
ساره: والله مدري وش اقول لك ..
أحمد: وش فيه ؟؟ وش صاير ؟؟
ساره: اسمع يا احمد.. انا ادري انك ما تحب حنان .. بس اتوقع انك على الاقل تعزها ..
أحمد: أكيد ومعزتها كبيره بعد..
ساره: طيب اللي يعز انسان تهمه مصلحته .. صح؟
أحمد: صح..
ساره: طيب اسمع يا أحمد.. حنان انخطبت قبل ثلاث اسابيع.. وقبل أسبوع اقتنعت بالشخص اللي تقدم لها ووافقت..
واذا كانت تهمك مصلحة البنت .. ابعد عنها..
أحمد: من جدك !!
ساره: ايه..
أحمد: الله يبشرك بالخييييييييييييييير … الف الف مبروووووووووووك يالله يارب انك توفقها يارب..
ساره: !!!..
أحمد: من جد فرحتيني يا شيخه ..
ساره: !! انت من جدك مبسوط !!
أحمد: ايه والله فرحت لها ..
ساره: يعني افهم انك ماراح تزعجها بعد كذا !!..
أحمد: لا والله خلاص وعد مني اني ما اقرب لها..
ساره: ..!
أحمد: يالله ساره .. شكرا على الاخبار الحلوه هذي .. وفمان الله ..
ساره: .. طيب .. فمان الله !
قفلو الخط وساره تناظر في التلفون .. رفعت يديها للسماء وقالت..
ساره: الله يكملك بعقلك يا أحمد..
فرح أحمد لنهاية الأمور بهذه الطريقه ..
************************************
في اليوم التالي ..
الساعه الحادية عشره صباحا .. كان أحمد ينتظر اتصال ريم ..
سمع ضجيجا خارج المكتب..
ازداد صوت الضجيج ..
بدا وكأن عراكا يدور في مكتب السكرتير..
فجأة .. ودون سابق انذار .. اقتحم المكتب وحش كاسر..
يتطاير من عينيه الشرر.. يمسك بعصا تلقب بـ"العجرا" في شماله..
كان شكله مفزعا..
وكان اسمه عادل..
تقدم عادل من أحمد .. أمسك بتلابيبه.. ودفعه الى الجدار ..
هرع السكرتير ناصر الى الهاتف ليطلب الشرطه.. الا ان أحمد استوقفه قائلا..
أحمد: لالالا يا ناصر .. ما عليك .. حنا بنتفاهم بطريقه وديه ..
ناصر: !!! وديه !!!
أحمد: ايه ما عليك .. مشاكل عائليه وانشالله بنوصل لتسويه ..
نظر ناصر الى أحمد وكأنه يقول (( صاحي أنت!))
اشار أحمد الى ناصر بأن يخرج من المكتب..
خرج ناصر وأغلق الباب وراءه ..
نظر أحمد الى عادل وقال ..
أحمد: مطولين كذا ؟!
عادل: ليه ؟
أحمد: …
عادل: وش سويت لك أنا ؟!
أحمد: …
عادل: حرام عليك يا شيخ .. ذابح لك أحد أنا …
أحمد: ممكن نجلس ونتفاهم..
عادل: مافيه تفاهم .. يا قاتل يا مقتول اليوم ..
أحمد: ليه ياخي !! هذا جزا اللي يسوي بك خير !!!
عادل: خير !!! ..
قاطعهما صوت رنين هاتف عادل الجوال..
ترك عادل أحمد وجلسا …
أخذ عادل أنفاسه ..
أخرج هاتفه .. ونظر الى شاشته .. وابتسم في حسره ..
مد شاشة هاتفه أمام وجه أحمد وقال ..
عادل: تسمي هذا خير !!!
كان رقم سناء يظهر على الشاشه …
حاول أحمد أن يكتم ضحكته ..
عادل: ايوه اضحك يا عمي .. مبسوط افتكيت .. انا اللي بنشب بها ..
أحمد: طيب رد عليها ..
عادل: مارديت ولا راح أرد عليها ..
أحمد: طيب أنت جرب وش راح تخسر !!…
عادل: وش راح أخسر !! طبعا يا باشا .. فواتيرك تتسدد قبل ما حتى تدري عنها ..
شكلك ما سمعت عن عصابه اسمها شركة الاتصالات…
أحمد: يا رجال اذا على الفواتير ماعليك ..
عادل: ايوه ايوه .. جاي اشحذ من سعادتك انا .. يا عمي طيييييييييييير..
اقترب أحمد من عادل.. نظر في عينيه .. ابتسم.. وقال ..
أحمد: عادل.. طاوعني وجرب ..
عادل: اجرب ؟!
أحمد: ايه جرب..
سكت عادل للحظه.. نظر الى الارض..
أطلق ضحكة قصيره وقال ..
عادل: براسك يا سيدي .. نجرب .. والله يستر ..
رن هاتف مكتب أحمد.. نظر أحمد الى عادل وابتسم ملمحا له بالرحيل..
عادل: خير .. وش فيك تطالعني .. مضيع لك شي بوجهي !
أحمد: لا بس شكلك دايخ وودك تروح لبيتكم تنام .. صح؟
عادل: لا يا حبيبي .. قاعد على قلبك..
أحمد: يالله عاد روقنا..
عادل:طيب طيب .. شوي شوي… لا تدف ..
وخرج عادل من المكتب ..
ليترك أحمد ..
مع من ملكت قلبه..
************************************
مضت ستة أشهر وريم هي دنيا أحمد..
هي الصوت الذي يوقضه صباحا..
الحلم الذي يدفعه للمثابرة دراسيا ..
الأمل اللذي يحثه على الاجتهاد في عمله مع والده..
ازدهرت مؤسسة والده بادارته..
فقد اصبح انسانا مسؤلا فعلا ..
نسي العبث وايامه..
لأنه أدرك أن ريم هي حياته..
أدرك ان العيش بدونها صار ضربا من المستحيل..
ادرك انها هدفه في الحياه ..
فراح يسعى جاهدا لوصول هذا الهدف..
اليوم.. هو اول ايام عيد الفطر..
استيقض أحمد مع أذان الفجر..
أخذ حماما سريعا..
لبس ما جهزه من ثياب للعيد..
تأنق في لبسه..
توجه لطاولة قريبة تصطف فوقها انواع العطور..
في طرف الطاوله..
عطر أهدته إياه ريم.. تستند اليه بطاقة سطرت فيها اعذب الكلام..
حمل العطر بيده..
نظر اليه وهو يبتسم..
أغرق به ثيابه..
ذهب لصلاة العيد مع والده..
عادا الى المنزل..
صعد الى غرفته..
هاتف ريم..
أحمد: كل عام وإنتي بخير يا كل الخير..
ريم : اهلين بعد عمري .. وانت بخير حياتي..
أحمد: هاه.. كيف صباح العيد معاك؟
ريم : عيدي بسماع صوتك حبيبي..
أحمد: …
ريم : أحمد .. هالحين صار يوم العيد.. أقدر أفتح الهديه ؟؟
أحمد: لا حياتي .. معليش أصبري شوي .. أبي أكون معاك على الخط وانتي تفتحينها ..
ريم : طيب أنت هالحين معي .. واليوم العيد..
أحمد: ايه بس الضيوف علـ…
وقاطعهم صوت ابو أحمد يخبره بوصول الضيوف…
أحمد: شفتي ..
ريم : اخخخخ .. وربي ما تحمست لشي بحياتي مثل ما تحمست اني اعرف ايش هي الهديه ..
أحمد: انتم يالبنات تذبحكم اللقافه …
ريم : !!! ايش ايش ايش .. وش فينا يالبنات ..غرد غرد.. قول اللي بخاطرك ..
أحمد: انتم يالبنات سكر هالحياة .. وانتي سكر بيالتي انا..
ريم : …..
أحمد: ادري اني مقطع الرومنسيه .. بس تعرفين ..عيد وما نمت زين .. يعني لا تشرهين..
ضحكت ريم بخفه وقالت..
ريم : طيب يالرومنسي.. يالله قم لضيوفكم .. واول ما يمشون تكلمني .. مفهوم ؟؟
أحمد: ايوه يافندم ..
ريم : يالله حبيبي .. استناك.. باي..
أحمد: باي حياتي… باي..
نزل أحمد ..
رحب بالضيوف..
وقام بالواجب مع ابوه ..
وجا عادل وابوه بعد .. ((يعني ليلتنا أنس))..
يوم صارت الساعه تسع طلع أحمد وعادل يجيبون العيد (( الذبايح بالعربي.. ولا تقولون وش ذا !! ذبايح الصبح!!
ايه وش فيها .. كذا شيباننا.. عيدهم الصبح))
وفي الطريق ..
عادل: أيوه .. اخبار ابو ريم ؟..
أحمد: أخباره تسرك .. انت بشرنا عنك؟
عادل: والله الحمد لله .. تدري أحمد .. ياخي احس اني بديت أغار من ريم.. ماعاد نشوفك ياخي ..
أحمد: يبن الحلال.. انت عارف قدرك ومعزتك بقلبي.. بس انت بعد عارف .. الدراسه والمؤسسه..
وانت عارف.. "عمر الغيم ما يحجب خيوط الشمس"..
عادل: "وعمر البعد ما يمحي صداقة أمس".. صدقت والله .. وانت بعد يا أحمد تعرف قدرك على قلبي..
أحمد: أقول بس .. فكنا من الرسميات ..
عادل: ايوه .. وأخبار الريم ؟؟
أحمد: والله تمام ..
عادل: ايه الحمدلله .. وأخبار المشروع اللي براسك ؟
أحمد: المشروع قرب يتنفذ .. واليوم انشالله يتحدد كل شي ..
اليوم يتحدد مصير…
************************************
بعد ان رحل الضيوف .. صعد أحمد الى غرفته .. واتصل بريم ..
أحمد: مرحبا حياتي..
ريم : هلا عمري .. هاه .. مشو الضيوف ؟؟
أحمد: وااااوك .. ياربي هو صدق.. ما بغو …
ريم : الله يعينك حبيبي.. معليش .. حق وواجب..
أحمد: أنا ما قهرني الا أبو راشد .. أصب له الفنجال .. وتستوي اصابعي قبل لا ياخذه..
ضحكة بخفه وقالت ..
ريم : بسمالله عليك وعلى اصابعك عيوني..
أحمد: تسلمين حبيبتي..
ريم : هاه أحمد .. نفرج عن الهديه ؟؟
أخذ أحمد نفس عميق.. وقال..
أحمد: يالله.. هالحين ابيك تفتحينها..
كانت ريم تمسك بعلبة الهديه .. هي لم تتركها منذ الصباح..
تقلبها .. تهزها محاولة ان تعرف ما بداخلها..
والان حانت اللحظه اللتي انتظرتها منذ مده..
امسكت طرفي شريطة كانت تلف العلبه..
حلت عقدتها..ازالت غلافها الارجواني..
همت بفتح العلبه..
أحمد: ريم وقفي ..
ريم : وش فيه ؟
أحمد: فتحتيها؟؟
ريم : لا..
أحمد: ريم .. تحبيني؟
ريم : ..!!!
أحمد: جاوبيني .. تحبيني ؟
ريم : أيه أحمد.. أحبك ..
أحمد: قوليها بعد مره ..
ريم : أحبك..
أحمد: اموت فيك.. والله أموت فيك .. افتحي الهديه..
ازالت ريم غطاء العلبه …
فاحت منها رائحة عطر سحري ..
كانت العلبه مزينة بقصاصات ورق حمراء من الداخل..
تتوسطها علبة صغيره حمراء داكنه.. شكلت بشكل القلب..
ورسالة محرقة الاطراف.. لفت بشكل اسطواني..
لتبدو بشكل أثري..
امسكت ريم بالرسالة..فتحتها..
قرأت ما أبدعه أحمد من أبيات شعريه..
تعبر عن اعجابه بها..
أمسكت العلبة الصغيره ..
نظرت اليها..
فتحتها..
وجدت خاتما .. لف بداخله ورقة صغيرة..
سحبت الورقة ..
قرأتها وأنسابت فوق خدها دمعة حائره..
لم تعلم أهي دمعة فرح أم حسره..
كتب في الورقة.. "حبيبتي.. ياليت تقبليني شريك لحياتك"..
بكت ريم..
وسكت أحمد..
ساد الصمت..
أحمد: ريم…
ريم: …
أحمد: ريم أنا أنتظر منك جواب..
ريم: …
أحمد: يمكن أكون ما اخترت وقت مناسب ؟
ريم : …
أحمد: يمكن تحتاجين وقت للتفكير؟؟
ريم: …
أحمد: اسمعي .. أنا بخليك هالحين.. ولما تفكرين زين كلميني..
ريم : لا يا أحمد.. الموضوع مو محتاج تفكير ..
أحمد: …
ريم : أحمد …. سامحني يا أحمد..
أحمد: …
ريم : انا ماني موافقه…
أحمد: ليه ياريم؟.. ليه؟
ريم : احمد.. حرام .. حرام أظلمك معي ..
أحمد: تظلميني !!
ريم : أحمد أنا معاقه… فاهم يعني أيش معاقه..
أحمد: عمر الإعاقة ما كانت عيب..
ريم : الإعاقة مو عيب يا أحمد.. الإعاقة صعوبه.. صعوبه في تأدية المسؤليات..
أحمد: لو تكاتفنا نقدر نتخطى كل صعب..
ريم : أحمد حرام.. حرام تظلم نفسك معي.. حرام تدفع ثمن غلطة غيرك..
أحمد: كيف يعني غلطة غيري ؟!
ريم : أحمد .. أنا كنت ضحية تهور شاب .. ضحية حادث مروري قبل سنه ونص..
وقصت ريم لأحمد قصة ذلك الحادث..
حادث مروري مر بمخيلته وكأنه أمامه..
قصت قصتها..
أو قصتهما..
حيث كان أحمد …
هو ذلك الشاب…
الذي قتل بتهوره شباب ريم…
منذ سنة ونصف..
*********************************
كانت رواية ريم للحادث المروري ..
تمر في ذهن أحمد ..
كانت ذكريات بائسه … لتهورات مراهق…
لتصرف غير مسئول …
كانت تقص حكايتها …
وكانت المشاهد تمر في ذهن أحمد..
تمر سريعا..
مقاطع سريعه.. متقطعه .. غير مرتبه ..
زاد تسارع المشاهد في ذهن أحمد…
..
ازداد تشويش ذهنه..
لقطات سريعه من ذكرى الحادث تتعاقب بطريقة عشوائيه…
وفجأه..
مر بذهنه .. مشهد بطيء..
فتاة تستقل المقعد الخلفي من السياره ..
اقتربت سيارته منها بسرعه ..
بدت في عينيها نظرات الهلع..
وتوقف المشهد ..
قاطعته ريم..
ريم : الله لا يسامحه…
أحمد: ….
ريم : يالله يارب انك تبتليه في نفسه وأهله ..
أحمد: خلاص..
ريم : وش فيك ..!؟
أحمد: ما فيني شي ..
ريم : تدري كيف انتهى الموضوع …
أحمد: ….
ريم : عطونا تعويض مادي …
أحمد: ….
ريم : عطونا مبلغ مالي.. وخلاص..
أحمد: كيف خلاص ؟..
ريم : خلاص .. بح .. انتهى الموضوع .. ولا كأن شي صار .. لاحبس .. ولا عقاب..
والولد طلع منها زي الشعره من العجين ..
أحمد: ….
ريم : ….
أحمد: ريم ..
ريم : عيونها..
أحمد: ريم .. أعذريني .. بس لازم أقفل هالحين ..
ريم : ….
أحمد: معليش ..بس محتاج أكون لوحدي شوي ..
ريم : أحمد .. أنا أسفه ..
أحمد: لا .. أنا اللي أسف ..
ريم : !!!
أحمد: معليش .. لازم أقفل .. باي..
ريم : ..باي..
قفل أحمد الخط ..
دارت به الدنيا ….
نهض من سريره … دار بأنظاره في أرجاء الغرفه …
أطلق زفرة ساخنه …
هم بالخروج .. توقف للحظه ..كان بجانب المراة ..
نظر اليها … نظر الى صورته …
رن في ذهنه كلام ريم ..(( الولد طلع منها زي الشعره من العجين ))..
أغمض عينيه ..
أدار وجهه عن المراة ..
خرج من الغرفة مسرعا .. تسابقت قدماه فوق درجات السلم ..
خرج بسرعه .. وصل الى باب الشارع ..
نظر لسيارته ..
لم يعد يطيق القياده ..
خرج ليمشي ..
يمشي الى لا مكان …
وبلا هدف …
…
عقله كان مشوشا…
بداء يكره ذاته..
وجد نفسه مجرما..
لماذا لم يعاقب ؟؟…
رن كلام ريم مجددا في أذنيه …
(( الله لا يسامحه ))…
تناثرت الأصوات في رأسه ..
كان يمشي في شارع يعج بالسيارات المسرعه…
ضجيج السيارات يملاء رأسه ..
نظر الى الشارع ..
كان فارغا للحظه..
لن تلبث لحظات حتى يكتض بالسيارات "الطائره"…
عبره بهدوء..
وقف في منتصفه …
رفع عينيه ..
عينين ذابلتين .. يائستين..
نظرتا الى فوج مقبل من السيارات .. يتعطش سائقوها في بلوغ السرعة القصوى ..
بداء يمشي..
يمشي بإتجاههم…
معاكسا لسيرهم ..
بدا يركض …
وصل اليهم ..
أخذت السيارات بالتناثر من حوله ..
تجنبو الاصطدام به …
تعالت الاصوات من حوله .. صرير اطارات .. ابواق انذار .. شتائم السائقين ..
تجاوزوه…
نظر اليهم ..
عشرات من السيارات …. نجحو جميعا في تخطيه …
لم يصبه أذى ..
بكى.. أخذ يبكي …
جثا على ركبتيه.. انهار ..نظر الى السماء…فرد يديه ..
صرخ.. (( وين العقااااااااااااااب !! ))..
انهار ..
وسقط في مكانه…
توقفت إحدى السيارات…نزل منها رجل ضخم..
إستوقف السيارات .. وصل الى أحمد..
حمله على كتفه..
اركبه في سيارته.. وانطلق…
*********************************
استيقض أحمد على رائحةٍ قويه من البصل..
نظر الى سقف أبيض.. لم يكن غريبا ..
رفع رأسه..
كان هناك رجل باكستاني ضخم.. يمسك بقطعة من البصل أمام أنف أحمد..
لم يكن هذا الرجل غريبا أيضا..
أبعد أحمد البصل عن أنفه..
أحمد: خلاص يبن الحلال .. والله صحيت..
نظر اليه الرجل وابتسم..
الرجل: ايس هزا اهمد.. ايس كلام.. انتا يبقا موت !؟
أحمد: من انت.. ومن وين تعرف أسمي!!
نهض أحمد وجلس…
شعر بصداع رهيب…لم يكن المكان غريبا..
نظر من حوله.. دخل رجل اخر المكان ونظر الى أحمد ..
تبادل النظرات مع الباكستاني ثم نظر الى أحمد..
نظر اليه أحمد..
بدأ بتمييز ملامحه..
اوه.. إنه عادل..
اها.. هذا المكان هو مجلس عادل…
وهذا الباكستاني هو سائق عادل..
جلس عادل بجوار أحمد…
نظر اليه وقال ..
عادل: أحمد .. أنت صحيت؟؟
أحمد: ايه..
عادل: فيك شي ؟ يعورك شي ؟؟
أحمد: .. لا.. ما اعتقد..
عادل: يعني طيب؟؟
أحمد: ايه…
طررررررررررررررررررررررراااااااااااااااااااااباااا ا ااااااااااااااااع…
(( صفع عادل أحمد على وجهه .. وصرخ فيه ))
عادل: انت انهبلت !!!!!!!!!!!!!!!!
لم يستوعب أحمد الموقف ..
عادل: أنت خبل !!!
أحمد: …..
عادل: لعنبو بليسك تبي تجيب أجلي أنت !!!
أحمد: …..
عادل: وش أنت مسوي … وش صاير !! اليوم الصبح ما فيك الا العافيه !!!
أحمد: ……
عادل: الحمدلله اللي عرفك سواقنا ولقطك ولا كان هالحين معبينك بأكياس … أحد ينسدح بشارع التخصصي !!!!!
أحمد: ……
عادل: خير انشالله ؟؟ وش السالفه؟؟ وش صاير ؟؟
السائق: هزا نفر مزنون وازد..
عادل : قم انت بعد طس لحجرتك..
خرج السائق .. وبقي أحمد وعادل..
هم أحمد بالنهوض…
أمسك عادل بيده..
عادل: وين انشالله..؟
أحمد: بروح لبيتنا..
عادل: ايه صح .. يصير خير .. والله يا انت تبي تطلع من عندي بعد..
أحمد: اهلي اكيد قلقانين علي..
عادل: لا لاتخاف .. انا كلمت امك وقلت لها انك كنت جالس عندي ونمت وانك بتنام هنا الليله..
أحمد: يبن الحلال بروح..
عادل: وين تروح !! طلعه من عندي مافيه .. اقعد وعين من الله خير وكل شي وله حل انشالله..
ارسل اليهم الشاي..
قدم عادل الشاي لأحمد..
عادل: تقهو انت هالحين .. وروق .. وبعدين نتفاهم ..
شربا الشاي معا ً … وقص أحمد لعادل ما حصل بينه وبين ريم …
عادل: … والله مدري وش اقول لك يا أحمد.. بس برضو وين يخوك !!! ما تاصل السالفه انتحار !!!!
أحمد: انا ما بغيت انتحر … انا بس بغيت اعاقب نفسي ..
عادل: !!! لا يا شيخ .. باللهي .. واللي بيصدمك بيشاورك (( وش تبي اكسر لك طال عمرك )) !!!
ابتسم احمد محبطا ً…
أحمد: ياخي خلاص.. تراي كاره نفسي كفايه ..
عادل: كاره نفسك ما كرهت نفسك .. اعقل وخل عنك هالخرابيط…
يا أحمد هاللي صار كله مقدر ومكتوب .. وانت ايمانك قوي .. عيب عليك والله..
انزل أحمد رأسه.. عانقت نظراته الأرض..
دمعت عينه …
أحمد: أحبها.. والله أحبها يا عادل ..ولا أبي أخسرها…
عادل: أدري.. لكن يبقى من حقها عليك انك تقول لها ..
أحمد: كذا بخسرها.. وانا والله يا عادل ما اقدر اعيش بدونها..
عادل: ربك يسامح .. ليه تستبعدها على البشر ؟؟
لا.. ومو اي بشر بعد .. على من يحبك..
أحمد: حبها ممكن ينقلب كره..قربها يتحول لبعد.. ودنياي ترجع وهم..
عادل: صحيح.. هذا احتمال.. وكونك انسان مسؤل يعرضك لتقبل نتايج أعمالك مهما كانت ..
أحمد: …..
عادل: أحمد.. لازم تقول لها..
أحمد: صح.. كلامك صح.. ما أقدر أغشها.. لازم اصارحها بالحقيقه مهما كانت نتايجها..
رفع أحمد رأسه.. نظر الى عيني عادل..
وأتفق الإثنان..
عادل: أحمد.. يالله عاد افصخ..
أحمد: !!! ايش !!!
عادل: أقول افصخ ..
أحمد: أفصخ !! وش أفصخ ؟!
عادل: أفصخ ثوبك خل نغسله.. ولا عاجبتك بصمات الزفلت اللي عليه ؟؟..
نظر أحمد الى بقع سوداء كبيره تسطر ثوبه … وأطلق ضحكة قصيره ..
أحمد: لالا.. خله يغسلونه في البيت …
عادل: اقول افصخ لا… (( قاطعهما صوت هاتف أحمد الجوال))..
نظر أحمد الى شاشة هاتفه التي تزينت باسم ريم…
نظر الى عيني عادل ..
فهم عادل نظرات أحمد.. وأوما برأسه إيجابا..
استجمع أحمد قواه .. وقف على قدميه … أغمض عينيه … واستقبل المكالمه..
أحمد: هلا ريم..
ريم : أحمد أنا موافقه …
أحمد: أيش !!!
ريم : أنا موافقه…
قالتها بسعادة خياليه … فرح عجيب رافقته دموع عذبه …
ريم : أحمد أنا أحبك .. ومن كل قلبي أبيك .. أحمد أنا موافقه ..
أحمد: …..
ريم : أحمد .. وش فيك ؟؟
أحمد: …..
ريم : أحمد ليه ما ترد ..لا يكون …غيرت رايك ؟؟
أحمد: غيرت رايي !!! لا ياريم حرام عليك .. ياريم انتي منى عيني والله..
وانتي ادرى الناس وش كثر أحبك .. بس فيه شي لازم تعرفينه قبل لا تاخذين قرارك..
ريم : شي !!! شي ايش ؟؟
أحمد: …..
ريم : وبعدين كيف لازم أعرفه ؟؟ من متى وأنت تخبي علي يا أحمد ؟؟
أحمد: لا ياريم .. والله ما خبيت عليك .. بس انا ما عرفت الشي هذا الا اليوم ..
ريم : …..
أحمد: ريم..
نظر أحمد الى عادل اللذي أغمض عينيه ليوافقه على ما هم بالقيام به …
أحمد: ريم ..
ريم : …. تكلم يا أحمد .. وش فيك حبيبي ؟؟..
أحمد: ريم أول شي ابيك تعرفين ان الحقيقه هذي ما عرفتها الا اليوم …
ريم .. انا المراهق المتهور اللي تسبب في إعاقتك قبل سنه ونص …
ريم : ايش !!!
أحمد: يا ريم أنا كنت الطرف الثاني في الحادث اللي صار لك قبل سنه ونص ..
ساد الصمت على المكالمه…
انتظر أحمد أية ردة فعل من ريم ..
ولكن الصمت أستمر ..
أراد أن يطلب منها الصفح..
تمنى أن تغفر له …
كاد أن يتكلم..
استوقفه صوت ريم..
كانت تبكي.. بكاء حزين …
بكاء خالطته مراره..
علم أن أعذار الدنيا كلها لن تكفي لطلب المغفره..
لم يستطع النطق…
شجع عادل أحمد على الكلام..
هم بأن يتكلم ..
ولكن ريم أقفلت سماعة الهاتف..
نظر أحمد الى سماعة الهاتف..
نزلت من عينه دمعه حاول جاهدا ان يمنعها…
نظر الى عادل..
شاح عادل بوجهه عن أحمد..
انتهى..
قالها أحمد: كل شي انتهى..
قالها لتسيل من عينيه دموع حملت جميع معاني الندم …
ولكن.. بماذا يفيد الندم..
حاول عادل تهدئة أحمد..
ولكنه عقله عجز عن بلورة عبارات المواساة..
رأى رفيق عمره يحترق أمامه..
كان يحترق ندما..
ولم يستطع مساعدته..
طلب أحمد من عادل أن يأخذه الى المنزل..
ذهبا إلى منزل أحمد ..
توادعا..
***********************************
مرت الأيام ..
تلتها الأسابيع …
مضى شهر على الحادثه…
تدهورت أحوال أحمد..
عاد إلى شلته القديمه…
أهمل دراسته …
انهارت احوال المؤسسه…
حاول عادل الإتصال به كثيرا ….
كان أحمد يتهرب من رؤية عادل ..
ربما كان يذكره بريم..
ربما أراد أن ينسى..
قرر عادل أن يرى أحمد …
مهما كان الثمن ..
اتصل عادل بخالد ..
خالد هو أحد أفراد تلك الشله..
عادل: مسا الخير خالد..
خالد: هلا ابوي .. من معي ؟؟
عادل: معك عادل .. لحقتو تنسونا ؟؟
خالد: عادل !!! …
عادل: ايه عادل.. خويك بالبلوت اول أيام الإستراحه …
خالد: عااااااااااااااااااادل .. هلا والله .. وينك ياخي منقطع..
عادل: يبن الحلال .. انت عارف هالدنيا ومشاغلها .. المهم انتم وش اخباركم ؟؟
خالد: والله الحمدلله .. بشرنا عنك ؟
عادل: والله حالي يسرك ..
خالد: …..
عادل: وانتم وش احوالكم .. الين هالحين تجتمعون ولا تفككتو ؟؟
خالد: لا الى الان .. والليله عندي في البيت .. ورا ما تجي تخلينا نشوفك ؟؟..
عادل: على خير انشالله .. فيه واحد من الشباب بعد مبطي عنه ولازم اشوفه ..
خالد: من هو ؟؟
عادل: خلها اذا جيتكم الليله تعرفه .. بس اسمع ..
خالد: هلا..
عادل: لحد يدري من الشباب اني جاي .. خلها مفاجئه …
خالد: ابشر ابشر … خلاص اجل وعدنا الليله …
عادل: على خير انشالله .. فمان الله..
خالد: فمان الكريم .. هلا والله..
انتهت المكالمه ..
في المساء جهز عادل نفسه لمقابلة شلة "الأنس"..
ذهب اليهم …
وصل الى منزل خالد…
رحب به خالد بحراره يعلم عادل ما تخفيه من نفاق..
تظاهر عادل بحرارة اللقاء..
دخلو الى المجلس.. كانت مجموعة من الشباب "تتسدح" مقابل التلفاز يتابعون برنامجا "ثقافيا"..
ومجموعة أخرى انغمسو في جو البلوت..
كان أحمد من بين ربع البلوت ..
سلم عليهم عادل بصوت عال..
التفت اليه كل من في المجلس..
البعض تفاجاء بحظوره..
البعض رحبو فيه بحرارة مصطنعه..
والبقيه سلمو من بعيد وكأن حظوره لم يرق لهم..
ومن بينهم كان أحمد.. جالسا في مكانه ..
دون حتى أن يرد السلام …
وقف عادل فوق رأسه..
عادل: ما ودك تسلم يبو الشباب..
رفع أحمد رأسه .. نظر الى عادل..
ابتسم بسخريه وقال..
أحمد: اهلين عادل.. هلا بوجه الخير…
أطلق ضحكة قصيره ساخره …
احرقت هذه الضحكة قلب عادل…
جلس الجميع ..
أخذ بعضهم يسأل عادل عن أخباره..
تجاذبو أطراف الحديث..
تناولو بعض ذكريات الماضي…
شربو الشاي …
عاد بعضهم الى البرنامج الثقافي ..
عاد اصحاب البلوت الى لعبتهم …
تظاهر أحمد بإنشغاله باللعب..
علت وجه ابتسامة محتقنه بالمراره…
واستقلت سيجارة طرف شفتيه..
كان عادل يراقب أحمد..
يرى ما وصل إليه من حال..
حز ذلك في نفسه..
قاطعه صوت خالد..
خالد: ايوه عادل.. تقول لي .. وش أخبارك ..
عادل: هاه .. والله نحمد الله..
كان عادل منشغلا بمراقبة أحمد..
كان يتحرى الفرصة لمحادثته …
حاول ان يجامل خالد ..
احس خالد بإنشغال عادل..
خالد: اجل أنت جاي علشان أحمد؟…
عادل: كيف !!..
خالد: انت جاي علشان أحمد.. صح؟؟
عادل: ….
خالد: وش سالفتكم؟؟…
عادل: لا أبد.. خلاف بسيط وإانشالله بنحله..
أحس خالد بعدم ودية عادل..
سحب نفسه .. وانجر لمتابعة التلفاز..
بقي عادل يراقب أحمد..
نظر الى ساعته …
مر الوقت بطيئا..
تجاهل أحمد وجود عادل..
انتهت لعبتهم .. هزم أحمد…
نهض أحمد بسخط .. نظر إلى عادل .. أخذ نفسا عميقا..
هم بمحادثة عادل .. ولكنه غير رأيه .. جلس أمام التلفاز ..
نهض عادل…
عادل: أحمد.. بالله بغيتك بكلمة راس ..
أدار أحمد رأسه الى عادل ببطء..
أحمد: وش بغيت …؟
عادل: ابيك بسالفه..
أحمد: قل وش عندك .. ما بيني وبين الشباب شي…
عادل: أحمد.. ابيك بموضوع خاص..
نظر أحمد الى عادل..
نظر الى الشباب.. اطلق زفرة ساخنه وقال..
أحمد: معليش شباب.. شوي وراجع …
نهض كل من عادل وأحمد..
خرجا الى الشارع …
وقفا أمام سيارة عادل..
أحمد: يالله قل .. وش عندك ؟؟…
عادل: أحمد ليه ؟!..
أخرج أحمد سيجارة من جيبه .. هم بإشعالها..
عادل: مو انت بطلت من زمان .!!
رفع أحمد عينيه .. نظر إلى عادل بحده..
أحمد: أبطل وأرجع بكيفي …
عادل: أحمد أنت..
أحمد: مهوب انت اللي تعلمني وش أسوي…
عادل: …..
أحمد: وش عندك .. قل ..
عادل: ابيك بمشوار..
أحمد: ايش!!..
عادل: علشان حق العشره .. تعال معي.. خل نطلع سوا..
أحمد: …..
عادل: عطني وجه .. لو بس الليله …
استغرب أحمد من تصرف عادل .. لماذا يذل نفسه بالحظور الى هنا..
لماذا يكسر كرامته بكلامه معه ..
عادل: ارجوك.. تعال معي..
أطلق أحمد زفرة قصيره.. اطفاء سيجارته..
أحمد: اوكي.. دقيقه بستاذن من الشباب..
خرج الإثنان.. دار بينهما حوار حول دراسة أحمد..
حول أحوال المؤسسه..
كان أحمد يتهرب من حصار عادل..
في داخله كان يعلم بسوء سلوكه…
كان يعرف سعي عادل الى مصلحته…
ولكنه كان يجنح …
كان ينكر ..
كان يعاند نفسه …
يحاول ان يبعد عادل عن حياته..
وصل الاثنان الى مكان ليس بالغريب ..
نظر عادل الى ساعته…
كانت تشير الى التاسعه..
أحمد: وش جابك هنا !!
نظر عادل الى أحمد..
عادل: ليه ؟..وش فيه هالمكان ؟؟..
أدار أحمد عينيه .. نظر الى ذلك الرصيف .. كان ذلك المكان الذي تتمشى به ريم..
أحمد: عادل.. امش .. تحرك .. لا تجلسنا هنا ..
عادل: ليه … مو انت تحبها ؟؟…
التفت أحمد الى عادل في حده وصرخ..
أحمد: كنت… كنت أحبها..
ظهرت في تلك اللحظه ريم من زاوية الشارع يدفع مقعدها سائق أجنبي…
كانت بكامل بريقها..
كانت مثل ماكانت دائما …
زهرة ربيع جميله… تلفت الانظار.. بما في ذلك أنظار أحمد.. وقلبه..
عادل: كنت !! متأكد؟؟…
أحمد: ….
عادل: يا أحمد لا تكذب على نفسك…
صرف أحمد أنظاره عن ريم.. أنزل رأسه..
أحمد: ليه يا عادل.. ليه كذا .. حرام عليك .. والله حرام عليك..
عادل: ليه حرام علي .. الا حرام عليك .. حرام عليكم .. حرام تنتهون .. والله حرام تنتهون..
أحمد: ….
عادل: أحمد تحبها ولا لا؟؟؟
أحمد: وش يفيدك جوابي..
اسند رأسه الى المقعد ..
أحمد: كل شي إنتهى.. حبيتها او ما حبيتها .. ما راح أقدر أوصلها..
عادل: ليه ما تقدر توصل لها ؟!.. هذي هي قدامك.. انزل وكلمها..
أحمد: اكلمها !! أكلم وحده ما تطيقني !!…
عادل: أعتذر.. جرب أعتذر.. وش بتخسر ..!!
أحمد: أخسر كرامتي.. أخسر عزة نفسي …
نظر عادل الى أحمد بحده ..
عادل: وانت شايف حالك مع شلة المصلحه فيه عزة نفس !!
أحمد: ….
عادل: اللي يحب لازم يضحي..
أحمد: ….
عادل: يضحي حتى بكرامته … في سبيل انه ما يخسر اللي يحب …
أحمد: ….
عادل: مابين المحبين عزة نفس…
أحمد: اعتذر !!..
عادل: ايه أعتذر .. وتذلل بعد .. خطاك كان كبير .. وأعتذارك لازم يكون أكبر…
أحمد: ….
عادل: أحمد.. انت جرب .. طعني وجرب .. وش بتخسر …
قالها وابتسم بخفه..
نظر اليه أحمد ..
أحمد: ….
عادل: يالله عاد .. هذي فرصتك .. لا تضيعها ..
أحمد: طيب .. بجرب ..
عادل: يالله نزلنا ..
نزل الاثنان ..توجها بخطى واثقه خلف ريم …
أحمد: طيب وهالعله السواق وش دبرته ..
عادل: ما عليك .. أنا بلقا له صرفه …
سارا خلف ريم وسائقها…
وعادل يبحث عن فرصة لأحمد..
توقف أحمد..
أحمد: يبن الحلال .. هالسواق نشبه مالنا أمل..
أمسك عادل بيد أحمد وجره ..
عادل: تعال وما عليك .. والله لو أخطفه يا شيخ .. امش بس…
ابتسم أحمد بسخريه .. طاوع عادل واكملا السير..
انتظر عادل لحظة مناسبه..
انتظر مكانا خاليا من الناس..
وصلو الى مكان شبه مظلم.. هادئ ..ولم يكن به أحد…
عادل: وشي سيارتهم ؟؟
أحمد: ايش!!
عادل: اخلص بسرعه قبل لا يجي أحد.. وش سيارتهم..
أحمد: اااااااا .. الظاهر فان ..
عادل: اوكيك..استنا شوي..
أحمد: تعال !! وش بتسوي !!
خلع عادل غترته امسكها بيده .. رفع طرف ثوبه .. نظر الى أحمد وابتسم بخبث..
عادل: اصبر وشف ..
دفع عادل أحمد وطلب منه أن يقف في زاوية مظلمه..
ركض جهة السائق بسرعه وصرخ..
عادل: صدييييق صدييييييييييق…
السائق: !!! ايس في !!!..
وقف عادل عند السائق.. ركع ومثل دور أخذ الأنفاس ببراعه..
عادل: صديق .. انتا فيه سياره فان ؟؟
السائق : ايوه .. !! ايس في!!..
رفع عادل نظره الى السائق بعينين يملأهما الذهول ..
عادل: بسرعه بسرعه ..
السائق: !!! ايس في !!! …
جر عادل السائق من يده ..
عادل: بسرعه .. هذا سياره ولع نار …
السائق: ايس !!!!!
عادل: نار نار .. فاير فاير.. سياره ولع .. يالله بسرعه..
احتار السائق في أمره .. ماذا يجب أن يفعل !!!
نظر الى ريم في حيره ..
جره عادل من يده مصرا على خطورة الموقف..
انساق السائق مع عادل مذهولا وهو يتطلع الى ريم..
راقبت ريم الموقف في ذهول .. ودون ان تتكلم ..
ركض عادل وهو يشير الى السائق أن يتبعه..
وقف السائق للحظه..
نظر الى ريم..
السائق: ماما ريم .. سويه انا يجي..
وركض مسرعا خلف عادل…
مر عادل بجانب أحمد..
عادل: شف شغلك…
أحمد: خبل ..
ابتسم أحمد..
أحمد: والله انك خبل..
تجاوز السائق أحمد دون أن ينتبه له..
جلست ريم في ذلك الظلام..
تسألت في نفسها اين ذهب الناس..
شعرت بوحشه…
شاهدت شيئا يتحرك في تلك الزاويه..
خافت..
ريم: مين هناك ؟؟
خرج أحمد من الزاويه .. وتحرك بخطى بطيئه تجاه ريم..
كان الظلام يمنع ريم من تحديد معالم وجهه..
ريم: من انت ؟؟ وش تبي ؟؟
لم يجب أحمد .. وأكمل خطواته بهدوء..
خيم الرعب على قلب ريم..
وصل اليها أحمد.. وهي عاجزة عن تمييز ملامحه..
أدار كرسيها ودفعه..
ريم: هيه أنت !! وش تسوي.. والله لأزاعق وألم عليك الناس..
أحمد: تبين ازاعق معك ؟…
صعق ريم ذلك الصوت .. عرفته .. خفق قلبها بشده..
ارادت أن تتأكد من صاحبه..
توقف أحمد ..
لم تلتفت ريم اليه..
كان جزء منها يخاف ان يكون هو صاحب الصوت..
رغم ان قلبها تمنى ذلك…
جلس أحمد بجانبها..
نظر اليها..
لم تحرك نظرها اليه..
امعن في النظر الى عينيها…
تاه في بحرهما…
امسك بيدها …
تسارعت خفقات قلبها…
أحمد: ريم… ارجوك ..
ريم: ….
أحمد: أرجوك تسامحيني…
ريم: ….
أحمد: ياريم والله مقدر أعيش بدونك..
ريم: ….
أحمد: والله ياريم لو تبين عمري ثمن .. وتسامحيني خذيه…
ساد صمت رهيب على المكان..
تطلع فيه أحمد الى عيني ريم برجاء…
ولكنها رفضت حتى النظر اليه..
أحمد: ارجوك تكلمي… قولي أي شي …
ريم : ….
أحمد: ريم .. تكفين.. علميني كيف ارضيك….
ريم : ….
أحمد: طيب قولي..
سكت للحظه…
ترك يد ريم…
أحمد: قولي أكرهك … ولك مني وعد ما عاد أزعجك…
ريم : ….
سالت من عين أحمد دمعة قهر…
زاد كرهه لنفسه..
جن جنونه من صمت ريم..
وقف بجانب ريم..
مسح تلك الدمعه…
أحمد: انا ادري يا ريم ان خطاي ما ينغفر.. وأدري كيف صعب عليك تسامحيني..
ريم: ….
أحمد: عموما .. انا اسف اللي أزعجتك.. وأوعدك ما راح أضايقك بعد كذا..
انزلت ريم رأسها..
نظرت الى الأرض..
أحمد: أنا من قلب أسف.. وصدقيني لو كان فيه شي اقدر اعوضك فيه ما تأخرت..
ريم: ….
أحمد: فمان الله…
نظر أحمد الى ريم نظرة الوداع..
أغمض عينيه..
وأنصرف..
ريم: أحبك..
توقف أحمد..
لم يستوعب ما سمع…
التفت الى ريم بسرعه..
أحمد: أيش !!
رفعت ريم نظرها الى أحمد..
خالط بريق عينيها دموع عذبه…
قفز أحمد الى جانبها..
أحمد: وش قلتي !!..
ابتسمت ريم بسعاده خالطت دموع الفرح..
ريم: أحمد… أحبك…
لم يصدق أحمد أحمد ما يسمع..
أمسك بيديها..
نظر اليها بدهشة..
أحمد: يعني مسامحتني…
هزت رأسها بالإيجاب وهي تنظر اليه…
تجمد أحمد لبرهه..
أمسك بيديها.. قبلهما .. نظر اليها..
نظرت اليه ..
بكت..
نخالطت دموع فرحهما..
أحمد: أسف… والله أسف يا ريم..
ريم: لا تعتذر يا أحمد.. ما بيدك شي.. كله مقدر ومكتوب..
نظرا الى عيني بعض..
ضاعا هناك..
ريم : أحبك…
أحمد: اهواك…
قاطعهما صوت خطى تقترب من المكان..
شاهد أحمد السائق مقبلا من بعيد..
وقف… ونظر ال ريم..
أحمد: لازم أروح هالحين..
ريم: ….
أحمد: بكلمك الليله انشالله.. اوكي؟
ابتسمت ريم..
ريم: استناك..
ابتسم اليها أحمد.. وانصرف..
ريم: أحبك..
وقف ونظر اليها مبتسما..
أحمد: أموت فيك…
وانصرف احمد..
كان سعيدا..
يمشي بخطى سريعه..
رغب في أن يركض…
بل أن يطير…
وصل الى السياره…
ركب في السياره..
نظر الى عادل اللذي كان ينظر الى الأمام..
أحمد: عادل… والله مدري وشلون اشكرك.. مدري وشـ.. ((التفت اليه عادل وتوقف أحمد عن الكلام فجأه))
كانت هناك هالة سوداء تحيط بعين عادل اليسرا..
حاول أحمد كتم ضحكته..
أحمد: وش جاك يالخبل …!!!
نظر اليه عادل بسخط..
أحمد: وش صاير !!..
عادل: ابد يا سيدي… سواقهم يلعب سبع انواع فنون قتال..
ضحك أحمد…
عادل: على قولة أبو نوره.. لعيون ساره تشرق الشمس وتغيب..
زاد ضحك أحمد.. وضحك عادل بخفه..
عادل: الله يستر بس لا تغيب على طول …
قالها بمرح .. وانطلق بالسياره..
*********************************
مضى شهران منذ ذلك الوقت…
شهران من الأحلام..
شهران رسم فيه عقل أحمد لوحة حياتهما المقبله..
وزخرفتها مخيلة ريم..
اتفقا على كل شي..
سبحا في بحر الأمل..
واتفقا على أني يتقدم أحمد لأهلها في عطلة الصيف..
وصلت عطلة الصيف..
وحان الوقت ليخبر أحمد أهله عزمه على الزواج..
كان أحمد ينتظر الفرصة المناسبه لمفاتحة أهله..
استيقض أحمد في صباح أحد الأيام شاعرا بنشاط غير معتاد..
بداء يومه بسعادة غريبه…
وصل الى المؤسسه..وباشر عمله..
انتهى من العمل مبكرا اليوم..
عاد الى المنزل.. فكر بتناول الغداء..
ولكنه قرر ان يتناوله مع اهله عند عودة والده…
عاد الأب الى المنزل فرحا..ونادى بصوت عال..
أبو أحمد: أم أحمد.. أحمد..
هرعت الأم اليه ..
أم أحمد: سم يبو أحمد.. خير وش فيه؟؟؟
كانت معالم السعادة تعلو وجهه..
أبو أحمد: وين أحمد؟؟
أم أحمد: في حجرته..
كان أحمد قد سمع نداء والده فنزل..
أحمد: سم يبه .. وش فيه؟؟
ابتسم أبو أحمد.. وقال..
أبو أحمد: ابشركم… المناقصه رست علينا .. وبنستلم المشروع..
كان هذا المشروع يهم مؤسسة أبي أحمد كثيرا..
لذلك لم تسعه الدنيا من الفرحه..
قبل أحمد رأس والده وبارك له…
فرح الجميع وحمدو الله على ذلك..
تناولو طعام الغداء…
جلسو لشرب الشاي…
رأى أحمد أن الوقت مناسب.. وأراد أن يستغل الفرصه…
انتظر حتى فرغ والده من قراءة صحف اليوم..
أحمد: يمه .. يبه .. عندي موضوع ودي افاتحكم فيه..
نظر اليه والداه..
أبو أحمد: قل يا ولدي .. وش عندك..
أحمد: أنتم عارفين طبعا انه ولله الحمد ما بقي لي الا سنه وأتخرج انشالله..
أم أحمد: ايوه…
أحمد: وخلال الوقت الحالي وبفضل الله ثم ابوي انا استلم دخل شهري محترم من المؤسسه..
أبو أحمد: ….
أم أحمد: ….
نظر إليهم أحمد.. ثم أردف قائلا..
أحمد: والله يا أنا ما أعرف أقدم للأمور.. بصراحه أنا قررت أتزوج..
نظر الوالدان الى بعضهما في دهشه.. ثم ابتسما في ابتهاج..
أبو أحمد: ياوالله هذي الساعه المباركه ياولدي..
ابتسم أحمد..
أم أحمد: خلاص يا ولدي .. من اليوم ببدا انا وخالاتك((مجلس الاداره)) ندور لك …
أحمد: لالالا يمه.. لا تدورين ولا شي.. البنت وموجوده.. والباقي بس موافقتكم..
تطلع الوالدان الى أحمد في استغراب..
أبو أحمد: البنت موجوده !!
أم أحمد: من أنت حاطن عينك عليه يا وليدي؟؟؟..
أحمد: انا ابي اخذ ريم بنت ابو يوسف.. (( يوسف هو أخو ريم الكبير))..
أبو أحمد: ايش !!! ابو يوسف !!..
أم أحمد: من ابو يوسف ؟!..
أبو أحمد: انا اقول لك من ابو يوسف .. ابو يوسف هذا اللي مرمطنا في المحاكم يوم يصدم ولدك اهله قبل سنتين..
أحمد: بس يبه انـ…
أبو أحمد: بلا بس بلا ما بس .. قلو بنات الناس !! ما بقي أحد غير ذي !!
أم أحمد: وبعدين البنت معاقة ياولدي.. وش حادك عليها وانت ألف من تتمناك..
أحمد: أول شي محد حدني .. ثاني شي ألف من تتمنى قروشنا مو يتمنوني..
أم أحمد: ….
أبو أحمد: ايه صح .. وشلون بتاخذ بنتهم وهي معاقه !!!
أحمد: الإعاقه مو عيب ولا نقص يبه … وبعدين الأمل بالله موجود…
أم أحمد: وش حادك على الهم يا وليدي !!!..
أحمد: يا يمه أنا أحبها..
أم أحمد: ايييييييش !!!
أحمد: انا متعرف على البنت لي سنه ..حبيتها وحبتني… وعزمنا نتزوج..
أم أحمد: ….
أبو أحمد: ياولدي أعقل وخل عنك خرابيط هالمسلسلات.. البنت مهيب من مستواك الاجتماعي..
وش يقولون عنا الناس بكره !!!
أحمد: يا يبه اللي يسمع كلام الناس يتعب …
أم أحمد: يا وليدي .. ورا ماتاخذ وحده من بنات خالاتك.. ترا ما ينقصهم شي..
أبو أحمد: ولا عندك بنت عمك حمد .. ألف من يتمناها.. وترا البنت لولد عمها …
أحمد: وش البنت لولد عمها يبه .. هالكلام خلاص ولى وراح.. حرام عليكم تغصبون بنت الناس ..
أبو أحمد: هذي أسمها عادات وتقاليد وأعراف.. ما راحت ومهيب رايحه..
أم أحمد: والله بنت عمك هي انسب شي لك ..
أحمد: !!! هالحين من اللي بيعرس !! انا ولا أنتم !؟..
أم أحمد: …..
أبو أحمد: انت اللي بتعرس بس حنا اللي بنناسب ياولدي.. وقلت لك هالبنت مهيب من مستواك..
أحمد: يا يبه أنــ…
أبو أحمد: اقول عاد.. خل عني خرابيطك .. عرس على بنت ابو يوسف مافيه..
أحمد: بس يا يبه أنا أحب البنت..
أبو أحمد: والله ما دمر راسك الا هالافلام .. رجال طول بعرض وتقولي أحب !!
أم أحمد: خل عنك أحلام المراهقه يا ولدي…
أحمد: هالحين لكم سنين صاجيني اعرس اعرس .. يوم قررت اعرس بتقفلونها بوجهي..!!
أم أحمد: ….
أبو أحمد: اسمع يا أحمد.. علمن ياصلك ويتعداك .. عرس على هالبنت مافيه..
وان خذتها تراك منت ولدي ولا أعرفك..
نهض الأب من مكانه غاضبا وصعد إلى غرفته ..
نظرت أم أحمد إلى الأرض..
اطلق احمد ضحكة ساخره .. ونهض ليخرج من المنزل..
*********************************
——————————————————————————–
خرج أحمد من المنزل…
ضاقت به الدنيا (( يا كثر ما تضيق به المسيكين .. والله يا انا متسلط عليه))…
فكر وفكر وفكر…
هام على وجهه حتى حل المساء…
اتصل بعادل..
ذهب الى منزله.. وشرح له الوضع …
عادل: طيب يالذيب.. وش بتسوي هالحين ؟؟؟
أحمد: والله مدري .. يا عادل انت أكثر واحد عارف وش كثر ابي ريم..
عادل: ….
أحمد: والله أحبها يا عادل..
عادل: أدري.. والله أدري يا أحمد..
أحمد: طيب والحل؟!..
عادل: والله مدري يا أحمد.. بس أهلك ما تركو لك مجال..
أحمد: يعني وشلون !!
عادل: يعني مالك الا انك تختار.. ياريم يا أهلك..
كان الأختيار صعبا..
خيارين احلاهما مر..
خرج أحمد من بيت عادل…
فكر وفكر وفكر…
بعد كل ما مر به .. يستحيل ان يختار فراق ريم..
وجاء في ذهنه أن أهله لن يطول غضبهم .. وستعود المياه لمجاريها بعد مده..
لذلك قرر..
قرر الزواج من ريم .. وتحمل النتائج..
عاد إلى المنزل .. واتصل بريم..
ريم : اهلين أحمد..
أحمد: هلا قلبي..
ريم: هاه حبيبي.. وش أخبارك اليوم ؟؟..
أحمد: ….
ريم: وش فيك أحمد؟؟..
أحمد: ريم … أنا فاتحت أهلي بالموضوع اليوم….
ريم: والله !!! .. طيب هاه وش صار..
أحمد: … والله مدري وش اقول لك …
انقبض قلب ريم…
ريم: ليه .. وش صار ؟؟
أحمد: ….
ريم: تكلم يا أحمد ارجوك..
أحمد: ياريم اهلي رفضو..
ساد الصمت على المكالمه…
أردف احمد…
أحمد: ريم..
ريم: نعم..
أحمد: ريم أنا قررت أتقدم لك واللي يصير يصير…
ريم: لا…
أحمد: ايش !!
ريم: لا يا أحمد …
أحمد: …
ريم: اذا اهلك رافضيني خلاص..
أحمد: وشلون يعني خلاص..!!!
سالت الدموع من عيني ريم…
ريم: يعني خلاص يا أحمد.. كل واحد مننا بطريق..
أحمد: حرام عليك ياريم !!! انتي عارفه كيف أحبك ..
ريم: ….
أحمد: ياريم أهلي بيزعلون صح .. بس اخرتهم بيرضون ..
ريم: وممكن ما يرضون..
أحمد: ساعتها لكل حادث حديث..
ريم: أحمد مستحيل أسمح بالمشاكل بينك وبين أهلك.. وبعدين انا مابي افرض نفسي على أحد..
أحمد: ياريم انا اللي مستحيل أعيشك بدونك..!!!
لملمت ريم دموعها.. واستعادت كبريائها..
ريم: لا يا أحمد.. بتعيش.. بتحزن شوي وتنسى ..
أحمد: ريم حرام عليك .. (( قالها وبكى))..
ريم: معليش يا أحمد.. بس سامحني..
أحمد: ….
ريم: فمان الله.. (( قالتها وأقفلت الخط))..
أقفلت ريم خط الهاتف وارتمت تحتضن وسادتها وتبكي..
تبكي بحرقه..
تبكي بمراره..
حاول أحمد الأتصال بها..
حاول وحاول وحاول..
دون فائدة..
مضى أسبوع على هذا الحال..
قرر الذهاب الى حيث كانت تتمشى..
ذهب إلى هناك ..
وصل في التاسعة تماما..
وقف ينتظر حضورها …
طال الإنتظار..
مرت ساعات .. ولكنها لم تأتي…
بقي على هذه الحال شهرا كاملا..
يحظر كل يوم الى ذلك المكان ..
يصحبه عادل أحيانا..
ولكن اين ريم…
لا أثر لها..
بداء يتمشى في ذلك المكان كل يوم .. ينظر الى زواياه …
يتذكر مواقفه معها..
حين رأها أول مره .. حين كلمها لأول مره .. حين أعتذر لها..
مشى ومشى ومشى…
لأيام ظل يتردد على المكان ويمشي..
الى أن جاء ذلك اليوم…
كان يمشي هناك..
ولكنه توقف..
ينظر الى الأرض..
سالت من عينه دمعه.. تردد صدى وقوعها على الأرض..
نظر الى السماء..
أغمض عينيه ..
حاول أن لا يبكي..ولكنه بكى ..
جلس على الرصيف ..
يبكي ..
وسط تعجب الماره..
بكى وبكى وبكى..
فقد أدرك ان الأمر انتهى..
أدرك أخيرا أن ريم لن تعود…
*********************************
بعد نجاح أحمد في تخطي أقسى التحديات من خلال حبه لريم..
بعد سباحته ضد اصعب تيارات الحياة ليصل إليها..
فشل في معاكسة اتجاه تيار "العادات والتقاليد"..
مضى الأن ستة أشهر ..
حال أحمد أصبحا مثيرا للشفقه..
كان يسمع تهامس أهله..
(( ايه هذي بنت ابو يوسف أكيد ساحرته ))…
(( اكيد ريم هي اللي مشيشته علينا ))…
(( مسيكين يا وليدي لعبت عليك هالبنت))…
كان كلامهم يحرق قلبه..
لم يحاول الدفاع عنها..
لأن ذلك سيكون عبثا..
فلقد ذهبت ..
ذهبت ريم..
ولن تعود..
جرف ذلك التيار أحمد بعيدا…
رمى به في شاطئ "الأعراف"..
تزوج أحمد بعد فترة من ابنة عمه اللتي وافقت جبرا..((لم تكن موافقتها ذات أهميه))..
رزق منها بصبي..
لم يكمل الصبي عامه الثاني حتى شهد انفصال والديه..
أحمد الأن منشغل بتربية إبنه…
لا تزال ريم في بيت أهلها رافضة كل من تقدم لها وسط تسألات الأهل عن السبب…
هاجر عادل الى الخارج .. تزوج وعاش هناك..
قصة محزنة جدا والحال يصعب على الكافر … أنا ارى لوأنها وافقت واخدته …. مرد اهله يوافقون …. حرام نهاية الحب تنتهي بدي الطريقة …. عن نفسي لن اترك من احببت بسبب تعصب الأهل سأحاول وسيحاول وفالنهاية لكل مجتهد نصيب … الله يعين الجميع مشكورة حبيبتي على هدي القصة المؤثرة