التوحد أو الفصم الذاتي ( Autism ) هو خلل سلوكي معقد ما يزال يحير العلماء منذ أكثر من نصف قرن ، وهذا الخلل السلوكي المعقد يشمل مجموعة واسعة ومتنوعة من العوارض يظهر معظمها عادة قبل أن يبلغ الطفل الثالثة من عمره . ولا يستطيع الأطفال الذين يعانون من حالة ط§ظ„طھظˆطط¯ تفسير الحالات الانفعالية لدى الآخرين ، فيفشلون في إدراك الغضب أو الحزن أو نية التلاعب . وغالباً ما تكون مهارات اللغة عندهم محدودة ، ويبدون كذلك استغراقاً شديداً في موضوع ما أو نشاط أو حركة . www.tartoos.comيمكن أن تكون هذه السلوكيات موهنة إلى حدّ لا يصدق . إذ كيف يمكن إدخالك إلى غرفة صف عادية إذا لم يكن بالإمكان إقناعك بالتوقف عن ضرب رأسك بشدة بالطاولة ؟ كيف يمكنك أن تحقيق صداقات الآخرين إذا كان اهتمامك الطاغي ينحصر في الرزنامة ؟ عندما يعاني الأولاد المصابون بالتوحد من التخلف العقلي أيضاً ، كما هي الحال عند معظمهم ، يكون التكهن أكثر سوءاً . يحسن العلاج السلوكي المكثف النتيجة للعديد من المرضى ، لكن العوارض التي يعانون منها قد تجعل من المستحيل عليهم العيش بصورة مستقلة ، حتى وإن كانوا يتمتعون بمعدل ذكاء طبيعي . www.tartoos.com في محاولة لتحديد اسباب الإصابة بالتوحد ، سعى الباحثون إلى تحديد الفترة التي يبدأ فيها هذا الخلل بالضبط . ركز التخمين السابق على الحمل المتأخر أو الحياة ما بعد الولادة كفترة بدايته ، لكن لم يكن ثمة من إثبات لدعم أي من النظريتين . www.tartoos.com لكن دراسة بحثت في مشاكل تحرك العين عند ضحايا دواء Thalidomide ، وهو دواء للدوار الصباحي الذي تعاني منه الحوامل وكان قد تسبب في ما يشبه الوباء من العيوب الخلقية في فترة الستينات سلطت ضوءاً جديداً على المشكلة . www.tartoos.com المشاركون في الدراسة كانوا من الذين تعرضوا للدواء وهم مايزالون أجنة ، وتبين بعد فحصهم أن حوالي 5 في المئة منهم كانوا يعانون من خلل التوحد ، وهي نسبة حوالي 30 مرة عن المعدل بين الناس عامة . هذا الاكتشاف أوحى بأن التوحد ينشأ في الأسابيع الأولى من الحمل عندما يكون دماغ الجنين وجهازه العصبي في طور التطور .www.tartoos.comالعوامل الوراثية 16 طفلاً على الأقل من كل 10 آلاف طفل يولدون وهم مصابون بالتوحد ، أو واحد من الاضطرابات الأخرى ذات الصلة به . وقد نجح الباحثون في تحقيق خطوات عظيمة باتجاه وصف عوارضه ، منذ تحديده للمرة الأولى في العام 1943 . لكن الأسس البيولوجية للتوحد كانت محيرة وهذا أمر مؤسف ، لأن مثل هذا الفهم قد يمكن الباحثين من تحديد عوامل الخطر الرئيسية للتوحد وربما تطوير علاجات جديدة للحالة . www.tartoos.com كشف الباحثون ، من خلال فحص عامل الوراثة في هذا الخلل ، أن التوحد يسري في العائلات وإن لم يكن ذلك بشكل واضح المعالم . www.tartoos.com
إن إمكانية إصابة أخوة مصابين بالتوحد هي 3 إلى 8 في المئة عامة والبالغة 0,16 في المئة ، لكنها أقل بكثير من إمكانية 50 في المئة التي يتم بها المرض الوراثي الحاصل نتيجة تغير إحيائي واحد مسيطر ( حيث جينة واحدة غير سليمة نرثها من أحد الأبوين تكون كافية للتسبب بالخلل ) ، وأقل من إمكانية 25 في المئة التي هي سمة التغيير الأحيائي الواحد الصاغر ( حيث يجب وراثة نسخة من الجينة غير السليمة من الوالدين كليهما ) . وتتوافق النتائج بشكل أفضل مع نماذج ، حيث التباينات في جينات عدة تساهم في النتيجة النهائية . www.tartoos.com ولتعقيد الأمور أكثر ، قد لا يحمل أقارب المصابين بالتوحد كل المعايير الخاصة بهذا الخلل ، ولكنهم يعانون ، على الرغم من ذلك من بعض عوارضه . وعلى الرغم من أن أولئك الأقارب قد يحملون بعض المتغيرات الجينية ، فإن العوامل الوراثية ، لسبب ما ، ليست واضحة المعالم عندهم . وتؤكد الدراسات على التوائم في المملكة المتحدة أن التوحد يتضمن عنصراً وراثياً ، ولكنها تفترض أن التأثير البيئي يلعب دوراً كذلك ، على سبيل المثال ، إذا كانت العوامل الجينية هي وحدها ذات صلة ، فالتوائم المتشابهة ، التي تتشارك الجينات نفسها ، يجب أن تتشارك التشخيص نفسه 100 في المئة . عوضاً عن ذلك ، عندما يكون أحد التوأمين مصاباً بالتوحد ، فالتوأم الآخر يواجه إمكانية تشخيص إصابته بالخلل ذاته بنسبة 60 في المئة ، وهو يتعرض أيضاً لإمكانية حمله بعض عوارض خلل التوحد بنسبة 86 في المئة . وتشير هذه الأرقام إلى أن ثمة عوامل أخرى تعمل على تعديل القابلية للإصابة بالمرض . www.tartoos.comجنين التوحد عوامل خطر بيئية عدة أصبحت معروفة الآن : إن تعرض الجنين للحصبة الألمانية أو للتشوه الخلقي ( ناتج عن موادّ مثل Valproic و Ethanol ) يزيد من إمكانات تطور حالة التوحد ، كذلك فإن الأشخاص المصابين بأمراض ظˆط±ط§ط«ظٹط© معينة ، مثل الخلل الأيضي الوراثي ( Phenylketonuria )) والتصلب المعجَّر( Tuberous Sclerosis ) يواجهون إمكانية كبيرة في الإصابة بخلل التوحد . لكن أيا من هذه العوامل لا يتواجد تكراراً بما فيه الكفاية ليكون مسؤولاً عن حدوث حالات عدة . أكثر من ذلك ، إن التعرض للأمراض أو الموادّ الخطيرة يفترض أن يؤثر على التوأمين بدلاً من واحد فقط ، ولا بد أن بعض المؤثرات البيئية أكثر مكراً من تلك التي تم التعريف عنها حتى الآن . ولا يعرف الباحثون كيف تتجمع العوامل المتعددة لتسبب العوارض لدى بعض الناس فيما لا يشعر آخرون بشيء وهذا الاختلال يجعل البحث عن اسباب التوحد أكثر صعوبة . www.tartoos.com وفي الدراسة حول التشوهات لدى الأجنة والناتجة عن دواء Thalidomide تبين للباحثون أن جميع الأشخاص المشاركين ، وهم سويديون بالغون مولدون أواخر الخمسينات وأوائل الستينات ، يعانون من تشوهات لم يعرفعن هذا الدواء التسبب بمثلها ، مثل الذراعين والرجلين المقصوعتين ، والأذنين والإبهامين المتشوهين أو المفقودين ، والخلل الوظيفي العصبي في عضلات العين والوجه . ولأن العلماء يعلمون أي أعضاء الجنين تتطور في كل مرحلة من مراحل الحمل ، فباستطاعتهم التحديد بدقة في أي أيام يمكن أن يحدث التشوه الخلقي . فالإبهام يتأثر منذ اليوم 22 بعد الحمل ، وتتأثر الأذنان بدءاً من اليوم 20 إلى اليوم 30 ، والذراعان والرجلان من اليوم 25 إلى اليوم 35 من الحمل . واكتشف الباحثون في هذه الدراسة أن معظم ضحايا دواء Thalidomide المصابين بالتوحد لديهم تشوه في الجزء الخارجي من آذانهم ، ولكن لا يوجد أي تشوه في الأذرع أو الأرجل . وهذا النمط يشير إلى أن الضحايا قد تضروا في الفترة الأولى من الحمل بين 20 و 24 يوماً بعد الحمل ، حتى قبل أن تدرك نساء عدة أنهن حوامل . www.tartoos.com بالنسبة إلى خبراء الأجنّة ، ما من شيء يعلمهم عن حقيقة ما حدث للجنين بقدر معرفة متى حدث . وفي حالة خلل التوحد الناتج عن دواء Thalidomide يبدو أن المرحلة الحرجة أبكر بكثير مما كان الباحثون يقدرون ، قلة قليلة من الوحدات العصبية تتشكل في الأسبوع الرابع من الحمل ، ومعظمها وحدات عصبية محركة في الأعصاب القحفية التي تشغل عضلات العينين والأذنين والوجه والفك والبلعوم واللسان . ولأن هذه الوحدات العصبية المحركة تتطور في الوقت ذاته كما الأذن الخارجية ، فبالإمكان التكهن أن ضحايا دواء Thalidomide المصابين بالتوحد يعانون أيضاً من خلل وظيفي في الأعصاب القحفية . وقد أكدت الدراسة هذا الرأي ، ووجدت أن كل الأشخاص المشاركين فيها والمصابين بالتوحد لديهم حركة عيون أو تعابير وجه ، أو كليهما معاً ، غير طبيعية . السؤال التالي كان : هل حالات التوحد الناتجة عن دواء Thalidmide مماثلة للحالات غير المعروفة السبب ، أو هل هي مختلفة ؟ علاوة على العوارض السلوكية ، غالباً ما يوصف المصابون بالتوحد بأن مظهرهم طبيعي وبانهم جذابون . وهم بالتأكيد طبيعيو القامة مع رأس طبيعي الحجم إلى كبير ، لكن الدراسات القليلة التي قامت باختبار الخصائص غير السلوكية عند الأشخاص المصابين بالتوحد استنتجت وجود خصائص جسدية وعصبية غير طبيعية ، وهي الخصائص ذاتها التي لوحظت في حالات التوحد الناتجة عن دواء Thalidmode . على سبيل المثال ، التشوهات البسيطة في الأذن الخارجية ، وبشكل بارز الاستدارة الخلقية حيث يميل أعلى الأذن إلى الوراء اكثر من 15 درجة ، شائعة أكثر عند الأطفال المصابين بخلل التوحد مما عند الأطفال الذين يتطور نموهم بشكل عادي ، أو الأطفال المعوقين عقلياً أو أخوة الأطفال المصابين بالتوحد . وقد تم الربط بين الخلل الوظيفي في حركة العين والتوحد قبل إجراء الدراسة على دواء Thalidomide وفقدان التعابير الوجهية واحد من السلوكيات المستخدمة لتشخيص الحالة . www.tartoos.comالأحيائية العصبية للتوحد أمن الممكن أن كل عوارض التوحد تنبثق من التغييرات في وظيفة الأعصاب القحفية ؟ على الأرجح لا . المرجح أكثر هو أن الخلل الوظيفي العصبي عند الذين يعانون من التوحد يعكس عاهة دماغية مبكرة لا تؤثر على الأعصاب القحفية وحسب ، بل لديها تأثيرات ثانوية على تطوير الدماغ لاحقاً . أي إن الضرر اللاحق بجذع الدماغ قد يعترض بشكل م التطور المفروض أو الإسلاك للأجزاء الأخرى من الدماغ ، بما في ذلك تلك ذات الصلة بوظائف ذات مستوى أعلى مثل الكلام ، الأمر الذي تنتج عنه العوارض السلوكية للتوحد ، أو ربما أن تشوهات الأذن والخلل الوظيفي في العصب القحفي ما هي إلا تأثيرات جانبية لضرر ما غير معروف من قبل الباحثين بعد . أيا تكن الحالة الحقيقية ، فإن التشوهات عند مرضى التوحد الناتج عن سبب غير معروف كانت مشابهة للتشوهات عند ضحايا دواء Thalidomid المصابين بالتوحد . وجاء الاستنتاج واضحاً : حالات عديدة من التوحد ، إن لم يكن كلها ، تبدأ في مرحلة مبكرة جداً من الحمل . www.tartoos.com إن الجزء من الدماغ الذي تضمنته دراسة دواء Thalidomide ، أي جذع الدماغ ، واحد من المناطق التي نادراً ما أخذت بعين الاعتبار في الدراسات بشأن التوحد ، أو في الدراسات التي تتناول أضراراً خلقية أخرى في الدماغ . يربط علماء الأحيائية العصبية جذع الدماغ بالوظائف الأساسية ، التنفس والأكل والتوازن والتناسق الحركي وغيرها . والعديد من الوظائف التي يعوقها خلل التوحد ، مثل اللغة والتخطيط وتفسير التلميحات الاجتماعية ، يعتقد أن أجزاء الدماغ من المستوى الأعلى تسيطر عليها ، مثل قشرة الدماغ وقرن آمون في مقدم المخ . مع ذلك ، بعض العوارض الشائعة في التوحد ، فقدان التعابير في الوجه والحساسية المفرطة للمس والصوت واضطرابات في النوم ، تبدو وكأنها عوارض من الأرجح أن تنبثق من اجزاء الدماغ المرتبطة بالوظائف الأساسية . علاوة على ذلك ، التشوهات الأكثر ظهوراً في أدمغة الناس المصابين بالتوحد ليس التغيير في مقدم المخ ، ولكن النقص في عدد الوحدات العصبية في المخيخ ، وهو مركز معالجة ضخم في الدماغ المؤخر لطالما عرف أن له وظائف حساسة في التحكم بحركة العضلات . لعل أحد اسباب حيرة العلماء بشأن مناطق الدماغ ذات الصلة بالتوحد هو أن الافتراضات بشأن المكان الذي يتم فيه التحكم بالوظائف ليست أكيدة . وعلى سبيل المثال ، فقد أظهر بحث مختبري في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو أن أجزاء من المخيخ تنشط خلال مهام معينة تحتاج إلى مستوى عال من المعالجة المعرفية . صعوبة أخرى هي أن عوارض التوحد معقدة للغاية . إذا كان بالإمكان إظهار أن الشذوذ السلوكي هو من عوارض تشخيص هذا الخلل ، فقد يحصل الباحثون على إمكانية افضل في تحديد مصادر هذا الخلل في الجهاز العصبي . www.tartoos.comفي العام 1995 أجريت دراسة تابعة لدراسة دواء Thalidomide من خلال فحص عينات أنسجة مأخوذة من جثة امرأة متوفاة كانت مصابة بخلل التوحد لسبب غير معروف . وقد توفيت المرأة في السبعينات ، لكن عينات من أنسجة دماغها حفظت . عند فحص جذع دماغ المرأة فوجىء فريق الباحثين بغياب بنيتين هما النواة العصبية الوجهية التي يتحكم بالعضلات المتعلقة بالتعابير الوجهية ، والزيتونة العلوية وهي محطة ترحيل للمعلومات السمعية . تنشأ كلتا البنيتين من القطعة ذاتها التي ينشأ منها الأنبوب العصبي الجنيني ، العضو الذي ينمو ليصبح الجهاز العصبي . وتبين أن عدد العصبونات الوجهية في دماغ المرأة كان حوالي 400 عصبون فقط ، في حين أن عددها في دماغ طبيعي للمراقبة هو 9000 . www.tartoos.comعموماً ، كان دماغ المرأة طبيعي الحجم . وفي الواقع ، كان أثقل قليلاً من الدماغ الطبيعي . www.tartoos.comوافترضت الدراسة أن جذع الدماغ كان يفتقد العصبونات التي سبق تحديدها ، أي تلك الموجودة في النواة العصبية والزيتونة العلوية ، ولاختبار هذه الفرضية قام الباحثين بقياس المسافات بين عدد من العلامات التشريحية في الجهاز العصبي واكتشفوا خطأ فرضيتهم .فعلى الرغم من أن القياسات من جانب إلى آخر كانت طبيعية بالتأكيد ، جاءت القياسات من المقدمة إلى الخلف أقل في جذع الدماغ لدى المرأة المصابة بالتوحد . www.tartoos.com وقد بدا الأمر وكأنه عصبة من الأنسجة قد اقتطعت من جذع الدماغ ، فيما القطعتان الباقيتان قد حبكتا معاً بدون أثر ظاهر للمكان الذي فقدت منه الأنسجة الأخرى . ما اكتشفه الباحثون في هذا الاختبار جاء مشابهاً لنتائج دراسة اخرى أجريت سابقاً على أدمغة الفئران غير الطبيعية ، وعند المقارنة بينهما تبين أن كلتا الحالتين تكشفان قصراً في جذع الدماغ ونواة عصبية وجيهة أصغر من المعتاد وغياب الزيتونة العلوية . وكانت الخصائص الإضافية لدى الفئران ذات صلة واضحة بتشوهات ذات علاقة بخلل التوحد ، كالتشوهات في الأذن وفقدان واحدة من بنى الدماغ التي تسيطر على حركة العين . www.tartoos.com ما الذي أدى إلى هذه التغيرات في ادمغة الفئران ؟ لم يكن التعرض لدواء Thalidomide ولا أي من العوامل البيئية الأخرى المرتبطة بالتوحد ، ولكن بحذف وظيفة جينية معينة . لقد كانت هذه الفئران معدلة بحيث كانت تفتقد سيماء الجينة المعروفة باسم HOXAI حتى يتمكن الباحثون من دراسة دورها في مرحلة النمو المبكرة . والسؤال التالي كان : " أيمكن أن تكون هذه الجينة ذات صلة بخلل التوحد ؟ " . لقد دعم البحث فكرة أن HOXAI كانت مرشحة ممتازة لأبحاث التوحد . أظهرت الدراسات حول الفئران المعدلة جينياً أن هذه الجينة تلعب دوراً رئيسياً في تطور جذع الدماغ . لقد قامت مجموعات في مدينة " سولت لايك " بلندن بإجراء دراسات على سلالات معدلة مختلفة وكانت النتائج واحدة ، ووجدوا أن هذه الجينة تنشط في جذع الدماغ عندما تبدأ العصبونات الأولى بالتشكل ، الفترة ذاتها التي حددتها دراسة دواء Thalidomide على أنها الوقت الذي يسبب خلاله الدواء حالة خلل التوحد . تنتج جينة HOXAI نوعاً من البروتين يطلق عليه " عامل انتساخ " الذي يعدل نشاط جينات أخرى . أكثر من ذلك ، إن HOXAI لا ينشط في أي أنسجة بعد مرحلة تكوين الجنين الأولى ، وإذا كانت جينة نشيطة طوال حياة حاملها ، كما هي الحال في العديد منها ، فالوظيفة المعدلة لتلك الجينة تؤدي عادة إلى مشاكل تزداد مع التقدم في العمر . والجينة التي تنشط فقط خلال فترة التطور مرشحة لشرح إعادة خلقية ، مثل التوحد ، والتي تبدو مستقرة بعد الطفولة . www.tartoos.comHOXAI وهو ما يدعو علماء الوراثة " الجينية العالية الحفظ " ، وهذا يعني أن تسلسل *****ليوتيد ( Nucleotide ) الذي يشكل الحامض النووي الريبي المنقوص الأوكسجين ( DNA ) ) الخاص بها قد تغير قليلاً في سياق عملية التطور . يعتقد العلماء أن التغيير خاصية الجينات الضرورية للبقاء ، فهي تعاني من الغيير كالجينات الأخرى لكن معظم التغييرات يحتمل أن تكون مميتة ، لذا فهي نادراً ما تمرر إلى الأجيال التالية . وعلى الرغم من أن العديد من الجينات الأخرى تظهر في أشكال مختلفة ، وعلى سبيل المثال الجينات التي تحمل شيفرة لون العين أو فئة الدم ، إلا أن الجينات العالية الحفظ لا توجد عادة في نسخ متعددة . www.tartoos.comوالحقيقة أن أحداً لم يكتشف أبداً نسخة مختلفة من HOXAI في أي من الفضائل الثديية . يفترض أن إيجاد مثل هذه النسخة سيكون صعباً جداً في حالات التوحد . وفي المقابل ، يبدو محتملاً أنه إذا تم إيجاد جينة متغيرة ، فقد تكون أحد أسباب تطور هذا الخلل . HOXAI النسخة البشرية من جينة HOXAI تقع على كروموزوم 7 وهي صغيرة نسبياً ، وتحتوي على منطقتي تشفير بروتيني أو Exons الى جانب مناطق تقوم بتنظيم مستوى إنتاج البروتين أو لا تقوم بأي شيء . www.tartoos.com إن الانحرافات عن التسلسل الطبيعي في أي جزء من الجينة يمكن أن يؤثر على أدائها ، لكن الغالبية العظمى من التغييرات المسببة للمرضى تتواجد في منطقتي التشفير البروتيني . وهكذا ، بدأ العلماء البحث عن جينات متغيرة من خلال التركيز على مناطق التشفير البروتيني في HOXAI وباستخدام عينات دم من اشخاص مصابين بالتوحد وأشخاص آخرين من مجموعة المراقبة ، تمكن العلماء من استخراج الحامض النووي الريبي المنقوص الأوكسيجين ( DNA ) وبحثوا عن انحرافات عن التسلسل الطبيعي للنيكليوتيد . كانت النتيجة تحديد جينتين متغيرتين عن HOXAI ، إحداهما ذات انحراف غير هام في تسلسل واحدة من مناطق التشفير البروتيني في الجينة ، وهذا يعني أن البروتين المشفر بواسطة الجينة المختلفة يختلف قليلاً عن البروتين المشفر بواسطة جينة طبيعية . وقد تمت دراسة هذه الجينة بالتفصيل ، وقياس سيطرتها بين المجموعات المختلفة من الناس لتقرير ما إذا كانت تلعب دوراً في التسبب بالتوحد ( أما الجينة الأخرى المتغيرة فدراستها أصعب لأنها تتضمن تغييراً في البنية العضوية للحمض النووي الريبي المنقوص الأوكسجين بها ) . اكتشف العلماء أن معدل الجينات المتغيرة بين الأشخاص المصابين بالتوحد أعلى بكثير من معدلها بين أفراد عائلاتهم الذين لا يعانون من الخلل ، ومن معدلها بين أشخاص من غير الأقرباء لا يعانون منه . وقد كانت الاختلافات أعظم بكثير مما قد يتوقع افتراضياً . لكن الأخبار السيئة هي ، وكما توقعت الدراسة العالية ، أن HOXAI واحدة فقط من جينات عدة ذات صلة بأنواع خلل التوحد المتعددة . لكن وجود هذه الجينة المتغيرة ليس ضمانة لظهور حالة التوحد . وأشارت البيانات الأولية إلى أن الجينة المتغيرة تظهر في 20 في المئة من الناس الذين لا يعانون من التوحد ، وفي حوالي 40 في المئة من الناس المصابين به . www.tartoos.com لكن الجينة المتغيرة تضاعف تقريباً خطر الإصابة بهذه الحالة ، ولكن حوالي 60 في المئة من المصابين بالتوحد لا يحملون هذه الجينة المتغيرة ، مما يعني أن ثمة عوامل وراثية أخرى لا بد من أنها تساهم في هذا الخلل . www.tartoos.com لكشف هذه العوامل ، كان لا بدّ من متابعة البحث عن جينات متغيرة أخرى في HOXAI ، لأن معظم الاضطرابات الوراثية تنتج عن جينات متغيرة عدة من هذه الجينة ذاتها . والتغييرات في الجينات الأخرى ذات الصلة بمرحلة التطور المبكرة قد تميل بحامليها إلى الإصابة بالتوحد . وكان العلماء قد اكتسفوا جينة متغيرة من HOXAI ، وهي جينة تقبع على الكروموزوم 17 مشتقة من المصدر ذاته الذي اشتقت منه HOXAI ، ولها وظائف متشابهة في تطور جذع الدماغ ، لكن تأثيرها يبدو محدوداً في خلل التوحد . ويتفحص علماء آخرون مناطق مرشحة من الكروموزوم 7 . وعلى الرغم من أن الباحثين يركزون بحثهم على الجينات المتغيرة التي تزيد من خطر التوحد ، فإن جينات متغيرة اخرى قد تخفض هذا الخطر ، وقد يساعد هذا في توضيح التعديل المختلف لأنواع الاضطرابات ذات الصلة بالتوحد . www.tartoos.com إن الفهم ، ولو في حده الأدنى ، للأسس الوراثية للتوحد سيكون ذا قيمة عظيمة . على سبيل المثال ، قد يتمكن الباحثون من نقل الجينات المتغيرة المرتبطة بخلل التوحد من البشر إلى الفئران ، وهندستها لتصبح قابلة جينياً للخلل . www.tartoos.com وبتعريض هذه الفئران لمواد يشتبه بزيادتها لخطر التوحد ، سيتمكن الباحثون من دراسة تدخل العوامل البيئية مع الخليقة والوراثية وربما تنفيد لائحة مطولة لمواد قد تحتاج السيدات إلى تجنبها خلال الفترة الأولى من الحمل . أكثر من ذلك، إنه بفحص تطور الفئران المهندسة جينياً ، يتمكن الباحثون من زيادة عملهم حول ضرر الدماغ الذي يشكل الأساس لخلل التوحد . إذا تمكن الباحثون من تحديد الضرر في ادمغة الناس المصابين بالتوحد ، فقد يتمكنون من اقتراح علاج بالأدوية أو سواها من العلاجات التي يمكن أن تحسن تأثيرات هذا الضرر . ابتكار فحص وراثي للتوحد ، مشابه للفحوص الحالية لتليف البنكرياس الحوصلي وفقر الدم المنجلي وغيرهما من الأمراض ، سيكون مهمة اكثر صعوبة بكثير . ولأن العديد من الجينات تبدو على صلة بالخلل ، فإنه من الصعب توقع أرجحية إصابة طفل بالتوحد من خلال إجراء اختبارات لجينة متغيرة واحدة أو اثنتين عند الأبوين . ولكن من الممكن تطوير اختبارات لأخوة الأشخاص المصابين بالتوحد ، الذين غالباً ما يخافون من أن يرث اطفالهم هذا الخلل . ويستطيع الباحثون البحث عن مجموعة عوامل خطر وراثية عند الشخص المصاب بالتوحد في العائلة وعند أخيه السليم . فإذا كان المصاب يالتوحد يحمل جينات متغيرة عدة مسببة للخطر على مستوى عال ، في حين أن أخاه لا يحملها ، فهذا سيشعر الأخير بالاطمئنان ، على الأقل ، بأن أبناءه لن يكونوا عرضة للمخاطر المعروفة ضمن عائلته . www.tartoos.comما من شيء سيجعل البحث عن أسباب التوحد اسهل . لكن كل عامل خطر أصبح بالإمكان تحديده يزيل شيئاً من الغموض بشأن هذا الخلل . وما هو أكثر أهمية أن المعلومات الجيدة تؤدي الى فرضيات جديدة . تماماً كما لفت نتائج دواء Thalidomide الانتباه إلى جذع الدماغ وجينة HOXAI . ويتوقع أن تكشف أبحاث علم الوراثة المتطورة ودراسات السلوكيات والتصوير الدماغي وغيرها من المصادر عن معلومات جديدة توسع إدراك الباحثين في خلل التوحد ، ومع مرور الوقت قد يتوصل عملهم إلى المساعدة في رفع المعاناة الرهيبة التي يتسبب بها هذا الخلل . www.tartoos.comالفئات التشخيصية –ضعف التفاعل الاجتماعي : الفشل في استخدام الاتصال البصري ، أو التعابير الوجهية أو الإيماء لضبط التفاعل الاجتماعي ، والفشل في طلب العون ، والفشل في إقامة علاقات مع الند . www.tartoos.com–ضعف الاتصال : الفشل في استعمال اللغة المحكية بدون التعويض عن ذلك بالإيماء ، والعجز في بدء محادثة أو متابعتها على الرغم من القدرة الجيدة على الكلام ، والكلام الشاذ مثل إعادة قول السؤال بدلاً من الإجابة عليه . www.tartoos.com–اهتمامات وسلوكيات محدودة ومتكررة : اهتمام شديد بموضوع أو نشاط واحد ، والانزعاج من التغيير ، والإصرار على الروتين أو الطقس ذاته دونما هدف ، وحركات متكررة . www.tartoos.comالعلاج السلوكي إخضاع الولد المصاب بالتوحد لعلاج سلوكي قد يساعده ليعيش حياة اسعد كما الكبار . ويقوم المعالجون بتقييم العوارض بعناية لدى كل ولد ليتمكنوا من وضع خطة لتغيير سلوكه . ويقوم المعالجون غالباً بإشراك الأولاد في نشاطات ألعاب حافزة . وتوفر بعض المعاهد إقامة مراقبة للكبار المصابين بالتوحد . www.tartoos.com
الله يكون بعون المصابين
يسلموو يالغلا