تخطى إلى المحتوى

سنن الفطرة . من مقالات الشيخ عبد الله الفوزان 2024.

سنن الفطرة

الإسلام دين النظافة والجمال، اعتني بالطهارة، ونظافة الجسم، والثوب والمكان، وكذلك نظافة الآنية التي يأكل فيها الإنسان ويشرب، وفي القرآن الكريم وسنة الرسول e نصوص كثيرة تحث على النظافة، وكمال الطهارة، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ )) [المائدة: 6].
وقال تعالى: ((وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ)) .
وقال تعالى: ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) [البقرة: 222].
وقال تعالى: ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) [الأعراف: 31].
وقال النبي e: ((الطهور شطر الإيمان)) [1]
وقال- عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجبٌ على محتلم)) [2]
وعن سعيد بن أبي وقاص – رضي ط§ظ„ظ„ظ‡ عنه – قال: قال رسول الله e: ((نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود تجمع الأكباء في دورها)) [3].
وهناك خصال خصَّها الإسلام، وحثَّ عليها، لأنَّها متضمنة لكمال النزاهة والطهارة، وجمال المنظر، وهي خصال الفطرة التي قال فيها النبي e: ((عشر من الفطرة : قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ،وانتقاص الماء )) ، قال زكريا : قال مصعب : ونسيتُ العاشرة إلاَّ أن يكون المضمضة، قال وكيع: انتقاصُ الماء: يعنى الاستنجاء [4].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه–عن النبي e قال: (( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب)) [5] وقد اختلف العلماء في تفسير الفطرة –هنا-على أقوالٍ نذكرُ منها ما يظهرُ رجحانه.
– يقول السيوطي: [ وأحسن ما قيل في تفسير الفطرة أنَّها السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشرائع، فكأنها أمرٌ جبلي فطروا عليه ] ([6]).
– وقال ابن دقيق العيد: [ وأولى الوجوه بما ذكرنا أن تكون الفطرة ما جبل الله الخلق عليه، وجبل طباعهم على فعله، وهي كراهةُ ما في جسده مما هو ليس من زينته]([7]).
وهذا هو الأظهر، وهو أنَّ المراد بالفطرة ما فطر الناس على حسنه، وجبلوا على اختياره، وفيها أقوال آخر.
إنَّ هذه الخصال المذكورة في حق الرجل عنوان النظافة والطهارة، وجمال المظهر، وهي في حقُ المرأة كذلك ، فهي وجهٌ من أوجه النظافة التي تُلطفُ العشرة بين الزوجين، وتزرعُ الألفة بينهما، قال في فتح الباري: ["ويتعلق بهذه الخصال – أي خصال الفطرة – مصالح دينية ودنيوية، تدرك بالتتبع، منها تحسين الهيئة، وتنظيفُ البدن جملةً وتفصيلاً، والاحتياط للطهارة، والإحسان إلى المخالط والمقارن بكف ما يتأذى به من رائحةٍ كريهة، ومخالفةِ شعار الكفار من المجوس، واليهود، والنصارى، وعباد الأوثان، وامتثال أمر الشارع، والمحافظة على ما أشار إليه قوله تعالى: ((وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ )) [غافر، الآية: 64] .
لما في المحافظة على هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنَّهُ قيل: قد حسنت صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها، أو حافظوا على ما يستمر به حسنها، وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة وعلى التآلف المطلوب؛ لأنَّ الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى لانبساط النفس إليه، فيقبل قوله، ويحمدُ رأيه ، والعكس بالعكس [8].

الخصال التي تهم المرأة وهي:
1) قص الأظافر 2) نتف الإبط 3) الاستحداد 4) السواك 5) غسل البراجم .
وأمَّا الختان فلا نتكلم عنه، لأنَّ المشاهد أنَّ حاجة النساء إلى الختان أقل بكثير من حاجة الرجال إليه، فلا تصل آكديته إلى درجة هذه الخصال بالنسبة للمرأة [9].
1- قص الأظافر:
والمراد به قطع ما طال عن اللحم منها، وينبغي الاستقصاء في إزالتها إلى حدٍ لا يدخل فيه ضرر على الإصبع، قالهُ في فتح الباري [10].
وينبغي غسل رؤوس الأصابع بعد قلم الأظافر، لإزالة ما قد يكون تحتها من أوساخ لا سيما إذا طالت.
والحكمة من حثِّ الشرع على قصِّ الأظافر: لأنَّ الوسخ يجتمعُ تحت الظفر فيستقذر، وقد ينتهي إلى حدٍ يمنع من وصول الماء إلى ما يجبُ غسله في الطهارتين، وللبعد من مشابهة الحيوان ذي المخالب [11].
– قال ابن العربي : في كلامه على خصال الفطرة: [ السابع قص الأظافر وما أخفَّها بالافتقاد فإنَّهُ عضو يصرف في منافع البدن وفي تنظيفه عن الأقذار، فيتعلق بالأظفار جزءٌ مما يباشرُ من الأجسام في الأعمال، حتى إذا طال الظفرُ رأيتهُ كأنهُ هلال ظلمة، أو طوق قلفة سوداء، فلا تطيبُ النفس على مباشرة الغذاء من المأكل والمشرب ] ا هـ [12].
وقد انتشرت – اليوم – عادة إطالة الأظافر بين نسائنا تأثراً بنساء الغرب، فتطيل المرأة أظافرها، وتضع عليها الصبغ المعروف بالمناكير! وكما تفعله النساء يفعله الشبابُ وبعض الكبار، وهذه عادةٌ سيئة، منافية لتعاليم الدين لأمور:
– أن في ذلك تشبها بالكفار، لأن هذه العادة دخيلة علينا لم تكن معروفة بين أبناء المسلمين حتى صار تقليد الغرب في زيه ولباسه تقدماً ومدنية!
– أن فيه مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس علي حسنها وكمالها، فمن أطال أظافرهُ فقد عدل عن الفطرة، ورغب في القباحة، ولم يرض بالزينة وتحسين الهيئة.
– قال الشوكاني: [ والمراد بقوله: خمس من الفطرة: أنَّ هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها، وحثهم عليها، واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة .[13]
ثم هو دليلٌ على عدم النظافة – رغم أنف فاعله – لأنَّ الأظافر إذا طالت تجمع تحتها الوسخ، حتى أنَّ النفوس السوية لتكرهُ رؤية الأظافر الطويلة، وتكرهُ الأكل معه، أو مباشرته لإعداد الطعام، لا سيما المرأة، وقد يؤدي إلى حدٍ يمنع من وصول الماءِ على ما يجبُ غسله في الطهارة.
– وقد ذكر القرطبي في تفسيره : أنَّهُ ربما أجنب من يطيل أظافره ولا يصل الماء إلى البشرة من أجل الوسخ، فلا يزال جنباً ا هـ [14].
وإن كان بعض أهل العلم قال بصحةِ وضوئه وغسله، وأنَّه يعفى عنه. لكن تمام الطهارة وكمال النظافة مطلوب، وقلَّ أن يحصل ذلك مع طول الأظافر.
– أنَّ الأظفار الطويلة قد يستترُ تحتها شيءٌ من النجاسة عندما يستنجي الإنسان، لأنَّ الغالب إطالة أظافر اليد اليسرى كما نشاهده فيمن يطيلون أظافرهم، ولهذا قال بعض العلماء: إنَّهُ حامل للنجاسة فلا تصح صلاته [15].
والمقصود أنَّ إطالة الأظافر نبذ لآداب الإسلام العالية، وأخلاقه الرفيعة الموافقة للفطرة، إذ كيف يرضى بتراكم الأوساخ تحت أظافره – مهما نظفها – بل تصبح مأوى خصباً للجراثيم والميكروبات، وأيُّ زينةٍ هذه؟ وأيُّ جمال هذا؟
2- نتف الإبط :
الإبط بكسر الهمزة، وسكون الباء، باطن المنكب، والنتف: هو إزالة الشعر بالقلع، ونتفه لقطع الروائح التي تنشأ من الوسخ الذي يجتمع بسبب العرق فيعلق بالشعر، ونتفهُ وجه من أوجه النظافة، التي تديم العشرة بين الزوجين، وكمال الاستمتاع؛ لأنَّ رائحة الإبط كريهة جداً، فنتفهُ من خصال الفطرة الدالة على اشتمال دين الإسلام على الآداب العالية.
ونتف الإبط أفضل من حلقه، لورود الحديث به، ولأنَّ النتف يضعفُ الشعر فتضعف الرائحة الكريهة، بخلاف الحلق فإنَّهُ يقوي الشعر ويهيجه فتقوى الرائحة، لكن إذا لم يقوى على النتف جازت إزالته بأيِّ مزيل مما وجد في هذا العصر، لحصول المقصود وهو الإزالة [16].
3- الاستحداد :
وهو حلق العانة ، وهي الشعر الخشن الذي ينبت حول القبل – بالنسبة للرجل والمرأة – سُمي بذلك لاستعمال الحديدة فيه وهي الموسى، وهذا هو المشهور، وهو أن لفظ العانة خاصٌ بما حول القبل، ولا يتناول ما حول الدبر.
– قال ابن العربي: [ ولا يتعدى حلق العانة إلى حلق الدبر، وليتركه على حاله] [17].
– وقال الشوكاني: [إن كان الاستحداد هو حلق العانة في اللغة، فلا دليل على سنية حلق الشعر النابت حول الدبر، وإن كان الاستحداد هو الاحتلاق بالحديد كما في القاموس، فلا شكَّ أنَّّه أعم من حلق العانة، ولكن وقع في مسلم وغيره بدل الاستحداد في حديث عشر من الفطرة ((حلق العانة)) ، فيكون مبيناً لإطلاق الاستحداد في حديث ((خمس من الفطرة)) .
وعلى هذا فلا يتم دعوى سنِّيةِ حلق شعر الدبر أو استحبابه إلاَّ بدليل ولا دليل على ذلك، لا من فعله e ولا من فعل أحد من أصحابه] [18].
– وقال ابن دقيق العيد: [كأن الذي ذهب على استحباب حلق ما حول الدبر ذكره بطريق القياس] [19].
والحلق لشعر العانة أولى، لموافقة لفظ الحديث، ولحديث جابر في النهي عن طروق النساءِ ليلاً، حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة، لكن إن أزالهُ بأيِّ شيءٍ حصل المطلوب، إذا لم يكن فيما أزاله به ضرر على البشرة من التهاب ونحوه.
والحكمة من الحث على إزالة شعر العانة للرجل والمرأة:
* أنَّ إزالة هذا الشعر تقي الإنسان من الأمراض والالتهابات، بسبب تراكم الأوساخ.
* أنَّ إزالته متضمنة لكمال الطهارة.
* أن إزالته تلطف العشرة بين الزوجين، وتزرع الألفة بينهما، وتؤدي إلى كمال الاستمتاع [20]

([1]) أخرجه مسلم (3/101)، والترمذي (9/497)، والنسائي (5/5، 6)، وأحمد (5/342).

([2]) أخرجه البخاري (2/357)، ومسلم (6/380)، وأبو داود (2/5)، والنسائي (2/92).

([3]) انظر: جامع الأصول (4/766)، والحجاب للألباني ص101. وهو حديث حسن. والأكباء جمع كبا وهي الكناسة والتراب الذي يكنس من البيت (النهاية في غريب الحديث 4/146، 147).

[4] أخرجه مسلم (3/152)، وأبو داود (1/79)، والترمذي (8/36)، والنسائي (8/126)، وأحمد (6/137).

[5] أخرجه البخاري (10/334)، ومسلم (3/148)، وأبو داود (11/252)، والنسائي (1/14)، وأحمد (2/229).

[6] تنوير الحوالك شرح موطأ الإمام مالك (3/108)، فتح الباري (10/339).

[7] إحكام الأحكام بحاشية الصنعاني (1/339). الفطرة: سننها بين المحدثين والفقهاء ص21.

[8] فتح الباري (10/339).

[9] الختان في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ولوقوعها على فتحة مجرى البول، فيجتمع تحتها ما بقي من البول ولا تتم الطهارة. وأما ختان الأنثى فهو لإذهاب غلمتها أي شهوتها وتقليلها. راجع كتاب (الختان) للدكتور: محمد علي الباز.

[10] المصدر السابق (10/344، 345).

[11] إحكام الأحكام (1/348)، الفطرة ص107 مقرر الحديث للصف الأول المتوسط بالمعاهد العلمية للشيخ محمد العثيمين ص74.

[12] عارضة الأحوذي لابن العربي (10/217، 218).

[13] نيل الأوطار (1/130).

[14] تفسير القرطبي (2/102).

[15] فتح الباري (10/345).

[16] انظر: الفطرة ص100.

[17] عارضة الأحوذي (10/216).

[18] نيل الأوطار (1/131).

[19] فتح الباري (10/344).

[20] الفطرة ص98.

مقال من موقع فضيلة ط§ظ„ط´ظٹط® عبد الله الفوزان

غاليتي بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خيراً

آمينٍ وٍيآكِ خيتوٍ

بارك الله فيكي
موضوع قيم جدااا

البرونزية

جزاااك الله الخير

آمينِ وِيآكمِ حبيبآتيِ

يعطيك العافيه

يسلموووووووووا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.