صحيفة الثوري العدد 1916
1 – أعدم الشهيد محمود محمد طه بتهمة الردة عن الإسلام في 1985/1/18، وكان ذلك من أعمال «الإمام» جعفر النميري، الذي قال عنه الترابي مجدد هذه المائة(1)، في إشارة الى حديث شريف يعتبره بعض المدققين موضوعاً، إذ يرد فيه أن الله يقيض للأمة من يجدد دينها كل مائة عام. وسقط نظام «الإمام» الذي بايعه الترابي بعد 76 يوماً من إعدام الشهيد الذي كان في السبعين من عمره.
وبعد ذلك بسنوات قال الترابي أن حد الردة يجب أن لا يعمل به لأنه ليس من صحيح الإسلام، وثارت ثائرة رفاق دربه، ورأوا في ذلك خروجاً عن الإسلام.
إن ما اعتبر جريمة في أقوال الشهيد، في كتابه «الرسالة الثانية من الإسلام» وتدور على فهم يحاول تطوير التشريع الإسلامي بالتوفيق بينها والعصر. وقد بدأ من الحقيقة المعروفة أن آيات القرآن، وكذلك الحديث والسنة قسمان أحدهما مكي والثاني مدني. ورأى الشهيد أن إمعان النظر في المرحلتين يقود الى جعل الأصل في المرحلة المكية، فهي التي تقرر وتؤكد الكرامة الأصلية للبشر كافة، دون أي تمييز أو اعتبار للعرق أو الجنس (النوع) والدين، وكذلك المساواة بين الرجال والنساء، والحرية المطلقة لاعتناق أية عقيدة دينية، وكان رفض الاكراه في الدين واضحاً في هذه المرحلة، كما أن الدعوة اليه ترتكز على الكلمة والموعظة والحكمة، أي على الإقناع بالحجة المنطقية والاحتكام الى العقل.
يرى الشهيد أن هذا المستوى السامي من الرسالة لم يستطع المشركون من قريش الارتفاع اليه، فعلق، وجاءت المرحلة المدنية التي كانت أكثر واقعية وطبقت أحكامها. بيد أن ذلك لا يعني أن نصوص ومضمون المرحلة المكية ألغيت، وإنما تأجل تنفيذها.
وقدم الشهيد حجته المحورية عندما ناقش فهم الفقهاء المؤسسين لفكرة النسخ، فرأى أن التوفيق لم يحالفهم في هذا الفهم، إذ فهموا أن النسخ في المرحلة المدنية يلغي نصوص الفترة المكية كافة، ويرى أنه لا يمكن أن تكون هذه النصوص الأقدم غير مطبقة الى يوم الدين.. وأبد الآبدين، ولو كان هذا صحيحاً لما كان هناك أي معنى للاتيان بها.
والنسخ على الطريقة التي فهم بها يحرم المسلمين من أسمى وأفضل المبادىء في دينهم ويرى أنه أولى بالمسلمين اليوم أن يعودوا الى الفترة المكية وكأن التأويل هنا عنده يسير في اتجاه معاكس للرأي السائد، ويرى أن هذا سيقود المسلمين الى إصلاح قوانينهم، «ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها» البقرة:106، وقرر أن معنى أو ننسها أن نرفعها ونؤجل حكمها، وهذا ما نجده في تفسير الطبري:
وقرأ ذلك آخرون أو ننسأها بفتح النون وهمزة بعد السين، بمعنى نؤخرها، من قولك نسأت هذا الأمر أنسؤه نسأ ونساء اذا أخرته. وممن قرأ ذلك جماعة من الصحابة والتابعين وقرأه جماعة من قراءالكوفة والبصريين. فتأويل من قرأ ذلك كذلك ما نبدل من آية انزلناها اليك يامحمد فنبطل حكمها ونثبت خطها أو نؤخرها فنرجئها ونقرها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها، نأت بخير منها أو مثلها.
2 – في نيسان المنصرم تحدث الترابي مرة عبر العربية، وأخرى في جامعة الخرطوم، أكد فيها على مساواة المرأة بالرجل في ما يخص الزواج من الكتابيين وفي الميراث والشهادة والإمامة، وندد بالأفكار التي لا تمت الى الإسلام بصلة، وكذلك بالترهيب، مثل القول بعذاب القبر، والحديث عن علامات الساعة مثل ظهور المسيخ الدجال ودابة الأرض، لأن القرآن لم ترد فيه آية تدل على قيام الساعة، بل إن ما ورد فيه يؤكد انها تأتي بغتة. وقد وصف تحريم زواج المسلمة من كتابي بأنه «مجرد أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل الهدف منها جر المرأة الى الوراء» وكرر القول نفسه في مسألة شهادة المرأة، فهي عنده تعادل شهادة الرجل. كما أن المقصود بالحجاب كما ورد في القرآن هو تغطية الصدر وليس الرأس. ودافع عن إمامة المرأة(2) للرجال وتقدمها الصفوف للصلاة اذا كانت هي الأكثر علماً، مستنداً الى أنموذج السيدة عائشة بنت أبي بكر التي عرف عنها أنها أغزر علماً وفقهاً من العديد من الرجال.
وتدور منذ نحو عامين رحى حرب الفتاوى، وكان نصيب مسألة زواج المسلمة من كتابي(3) هو الأوفر، فأدلى مفتي السعودية بأن الأصل تحريم من غير المسلمين إلا في حال الاستثناء، كما في الآية «والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم» أما القرضاوي فقد وجد ضالته في ضعف المرأة الذي قد يؤدي الى تأثرها بزوجها وخروج ابنائها عن ملة الإسلام، أما عبدالمعطي بيومي فقد رأى أن زواج المسلمة من غير مسلم مناقض للقرآن والسنة والاجماع. أما عبدالصبور شاهين رأس المحتسبين على الزميل نصر أبوزيد، فقد أصر على أن «وليضربن بخمرهن على جيوبهن» تعني أن الحجاب(4) يمتد من الشعر الى الصدر. ولم يلتفت الترابي ولا محاوره أن مسألة تغطية الشعر هي في الأصل نص في التلمود يقرر أن شعر المرأة العاري مثل جسدها العاري.
أقام الشيخ محمد عبدالكريم عضو هيئة علماء السودان دعوى قضائية بناءً على المادة 125 من القانون الجنائي السوداني ضداً على الترابي لإقامة حد الردة عليه، وأصدرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان بياناً في كتيب بعنوان: «الموقف الشرعي من أباطيل الترابي» اتهمته فيه بامتطاءظهر التيه المؤدي الى الزندقة. وطالبوا باستتابته حتى يعود الى الإسلام.
أما الأصوات التي ارتفعت للدفاع عن الاجتهاد والتجديد فقد جاءمعظمها من الدنيويين العلمانيين والليبراليين مثل الفلسطيني خالد الحروب والأردني الزميل صالح قلاب فرأوا في أقوال الترابي إصلاحاً يحتاجه المجتمع الإسلامي. كما أن أحد شيوخ الحركة الإسلامية في السودان رأى ان الترابي «يتصدى لعلماء النصوص التقليدية، العلماء الذين دخلوا نفق النصوص الفقهية ولم يخرجوا منها أبداً رغم تطور وحركة الحياة والظروف».
إن الموقف السائد بين دعاة ووعَّاظ الإسلام السياسي هو رفض التجديد، وسبب ذلك إنما هو سياسي بامتياز، فمنذ الاختلاف على ما بدا أنه من القضايا الميتافيزيقية بين أصحاب الفرق الكلامية كان في جوهره دنيوياً سياسياًحتى في مسألة الصفات، لأن ترجيح هذا الرأي أو ذاك يتبعه تقرير حكم سياسي يتصل رأساً بقضية الخلاف الأولى التي سُلت عليها السيوف، كما قال الشهرستاني في الملل والنحل، ألا وهي الإمامة أي السياسة. وممثلو الإسلام السياسي جعلوا الدين في عصرنا ايديولوجيا أي رأياً سياسياً، ولذا فان الهدف الأول في ما يبحث ويفسر أو ما يخضع للتأويل ليس المعرفة التي تثمر فهماً ثم عملاً صالحاً، بل الحكم والسيطرة، ويصدق هذا على كل الايديولوجيات، وهذا الموقف أو المنهج المعرفي مقتل الفكر السياسي وكذلك الفلسفي، فهو وراء البحث المحموم عن ما ينفع في فكر الماضي والحاضر للاستفادة منه في دعم الرأي – الموقف السياسي. فنحن لم نبدأ بالحقيقة المحررة، التي يقول عنها ماركس إنها ثورية دائماً، بل أخضعنا تراثنا وموروثنا وكذلك تراث الغرب لما نظن أنه المفيد، فانتجنا براجماتية أشد قصوراً من البراجماتية الأمريكية، لأن الثانية مؤسسة على نظر فلسفي عميق في الفكر الفلسفي الغربي عند بيرس وجيمس وديوي، بينما تقميش الباحثين منا يبدأ من البحث عن المفيد هنا وهناك ويضرب عرض الحائط وطوله بالتاريخية وشروط إنتاج المعرفة.
3 – رفض الشيخ عبدالعزيز جاويش في كتابه (الإسلام دين الفطرة) أن يكون حد الردة من الإسلام، وذلك في اربعينيات القرن الماضي، ثم تردد هذا الرأي غير مرة في السبعينات فلقي ردوداً غاضبة غضباً جامحاً كان آخرها تخوين وتسفيه جمال البناء المجتهد الشجاع، لأن الفكر عامة والسياسي خاصة كان قد دخل مرحلة جديدة اتسمت بالنكوص فأنكرت معظم إن لم يكن كل ما جاءت به حركة الاحياء ثم الإصلاح أو التجديد الديني، الذي لم يكتمل حتى الآن. وأصبح التكفير على يد المحتسبين من ممثلي الإسلام السياسي أيسر من التنفس فعانى كثيرون قتلاً ونفياً وحصاراً وطرداً من الوظائف وتطليقاً، وبلغنا نهاية المسخرة في نيسان المنصرم عندما قال مفتي مصر جمعة بتحريم نحت التماثيل ونصبها.. وتناقش الصحف والمجلات هذه القضية، علماً بأنها مسألة قد حسمها للمرة الأولى أبوسليمان المعروف بأبي علي الفارسي، النحوي المتوفي في بغداد 377هـ 987م، وان رفضها بعد ذلك بعض الفقهاء ولا سيما الحنابلة منهم، وتؤكد الممارسات الفنية لمئات السنين من الاندلس حتى فارس والهند على أن التحريم إنما كان منصباً على نحت التماثيل للعبادة.
إن قضية القضايا هي أننا لم نعرف عصر نهضة، ثم إصلاحاً دينياً، ثم تنويراً، وهو السياق الذي حدث في الغرب، ذلك لأن الغرب عندما عانى وخاض كل تلك الآفاق الفكرية والعلمية وارتاد عوالمها باحثا ًومغامراً، بلغ التسامح الديني، واعتماد العقل وحده في معرفة الإنسان والكون والمجتمع، وبعد أن سالت دماء غزيرة على امتداد قرون، تصالح مع نفسه وتاريخه.
كان الأفغاني ومعه محمد عبده يطمح الى تحقيق ثورة بروتستانتية في الإسلام، وهو الطموح الذي صرح به الشهيد علي شريعتي داخل الإسلام الشيعي. ولم يحدث هذا حتى اليوم في الإسلامين السني والشيعي، ولم نتصالح حتى اليوم سنة وشيعة، كما لم نتصالح مع العالم من حولنا، ويخوض بعضنا اجتهاداً مدمراً للنفس ورفضاً وقتلاً للآخر مسلماً أو غير مسلم.. وذروة هذه القطيعة مع العالم ومع اللحظة الكلاسيكية الرائعة في تاريخنا شعار «حياتي سلاحي».
4 – صدر في تركيا في العام 1858 القانون الجنائي، فألغى الردة بما هي جريمة، فأسس بذلك مبدأ الحرية، وحطم قيد القيود عليها، ذلك لأن لوي عنق الوقائع والأقوال وتقرير تحقق الردة فيها كان ولا يزال هو السيف المصلت على الفكر في الفروع قبل الأصول، ولذا فإن الجهود يجب ان تنصب على المطالبة باحياء هذا القانون، الذي سنته دولة الخلافة، التي قامت لاحيائها كل حركات الإسلام السياسي منذ ظهور حركة الاخوان المسلمين في العام 1928 التي أحيا مرشدها العام في نيسان الماضي الدعوة الى اقامة الخلافة في حديث نشرته «روز اليوسف»، وأبدى استعداده فيه للقبول بخليفة ماليزي الجنسية. الخلافة هي الهدف النهائي لكل فرق الإسلام السياسي: التبشيرية، والسياسية، والجهادية.
عاش المسلمون منذ العام 1858م في أصقاع الدولة العثمانية المترامية الأطراف في ظل هذا القانون، وهو بلا شك من مقدمات الدولة العلمانية بعد إلغاء الخلافة العام 1924 على يد أتاتورك- مصطفى كمال، الذي غلَّب القومية على الدين لانقاذ وطنه، بعلمانية عسكرية شرسة، لم تفكر لحظة في أن تكون ديمقراطية أو ليبرالية فهبطت من أعلى على غرار إصلاح بطرس الأكبر في روسيا.
لم تختف المسيحية بعد الإصلاح الديني والعلمنة في اوروبا وامريكا واستراليا وامريكا اللاتينية. وعدد المسلمين في تزايد مستمر، ولذا فإن الخوف من احياء هذا القانون في الدول العربية والإسلامية، ليس إلا دليلاً آخر على أننا لم نعد واثقين في النزعة الكونية التي اتسمت بها المسيحية والإسلام.. أي ذلك الاعتداد: «المهيمن والواثق من نفسه». خوف الاجتهاد والتجديد عجز عن التفكير يستغني عن العقل، ويعلن استقالته، متمسكاً بغريزة الدفاع عن النفس بالانكفاء عليها، وكفى.
المجلة العدلية العثمانية وهي مرآة لحركة الفكر الإسلامي في الدولة العثمانية كانت بين المراجع التي تحمس الشيخ محمد عبده لتدريسها في منفاه ببيروت، الى جانب كتاب الشاطبي «الموافقات» لانهما أقرب الى روح العصر وضروراته.
إن إهمال التشريعات العثمانية والاكتفاء بابتكار بداية جديدة استناداً الى مادة الدستور التي تجعل الإسلام مصدراً أو المصدر الرئيسي للتشريع يدل على أننا لا نعترف بضرورة تراكم المعارف والخبرات التاريخية لاسيما في عالم القوانين الخطير، لأنه سجل لتاريخ الجماعات والأمم والأقوام.
تحرك مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ولاسيما لجنة العقيدة والفلسفة فيه بعد رقدة طويلة، وقتل الشهيد فودة وطعن نجيب محفوظ، واجبار الزميل نصر على الهجرة… الخ، فقررت في جلستها المنعقدة بتاريخ 1445/6/26هـ 2024/9/4م، «أن المرتد لا يقتل وإنما يستتاب»، وهو قرار لا يرقى الى سماء القانون العثماني لأن الاستتابة كثيراً ما تكون مدخلاً لتطبيق حد الردة. وجاء في خبر لصحيفة القاهرة قبل شهر مفاده أن اللجنة نفسها قررت ان تكون الاستتابة طول العمر، ولكن لم تورد نصاً،وهو ان صح أمرمهم، ولكن رغم ذلك فإن العودة الى القانون العثماني أفضل، وتحقق الاستمرار في قضية محورية، يتعذر أن تغدو مجتمعاتنا قادرة على إنتاج المعرفة قبل الحسم فيها، لاسيما في كل ما يتصل بإصلاح الفكر الديني وإحداث ثورة فيه تفتح أفق العقل على الجهات الأربع.
إن الآية المؤسسة في قضية الدين «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي..» البقرة:256، أما الآيات التي تتحدث عن الردة، فانها تقرر أن أمرها يعود الى الله في الآخرة، وليس لها حد في الدنيا، فيصبح الإيمان والكفر امراً متعلقاً بالإنسان – الفرد. «أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل» البقرة:108 «… ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» البقرة:217 «إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون» آل عمران:90 «إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادواً كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا» النساء:137 «إن الذين ارتدوا على ادبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى عليهم» محمد:25 «ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم» المائدة:54 «يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فان يتوبوا يك خيراً لهم وان يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير» المائدة:74.
قد لا يحاكم الترابي لأسباب ومخاوف سياسية، أي لأسباب تتعلق لا بالدين، بل بالدنيا السياسية حصراً. لكن السيدة إلهام مانع، المدرسة بجامعة زيورخ تلقت تهديدات بالقتل لأنها قالت آراء قريبة ومتطابقة أحياناً مع أقوال الترابي ولن تجد مؤسسة سياسية تحميها، وهي في نظر المتطرفين امرأة أولا ًوأخيراً، ولا قيمة للقبها العلمي أو رأيها في ميزان العقل، ولذا فإن احياءالقانون العثماني سيكون في المقام الأول حماية للمفكرين والمفكرات الذين يستندون الى العقل وحده. ولا يغضب لهم ولهن حزب أو عشيرة. لقد زادت الزميلة إلهام جواز صلاة الحائض، وكانت رائعة وشجاعة وصادقة في مناظرتها على شاشة الحرة (2017/6/10) مع د.عبدالفتاح ادريس، الامارات / الأزهر، الذي لم يجد ملجأ وملاذاً إلا في مطالبتها بالتوبة، دون أن يقيم الحجة على خروجها عن العقيدة التي قالت بوضوح أنها تفكر في إطارها «وتنصح» بالصلاة والصوم… الخ وانها لو كانت ملحدة لأعلنت ذلك. أعجبني قولها «أنا إنسان». بعربية فصحى تقرر وحدة الرجل والمرأة في الإنسانية كما قال محي الدين بن عربي، لأن إنسانة رطانة عامية. والمحبة من كل الذين لا يعترفون إلا بإمامة العقل، كما قال المعري العظيم. الرجل إنسان والمرأة إنسان، فالأصل الإنسانية وهي أرومة المساواة. لك ياإلهام التقدير.
إن حرب الفتاوى رغم أنها تشير الى واقع راكد إلا انها في جانب منها علامة على أن العقل لم يستقل بصورة كاملة، وما كان له. 2024/6/11 .
——————————————————————————–
هوامش:
(1) اورده الزميل حيدر ابراهيم حيدر في كتابه أزمة الإسلام السياسي الجبهة الإسلامية القومية في السودان نموذجاً – القاهرة 1991، ص98، ويرى حيدر أن آراء الترابي في كتابه تجديد الفكر الإسلامي، الدار السعودية، جدة 1987 فيها الكثير مما قاله الشهيد محمود محمد طه رئىس (الاخوان الجمهوريون).
(2) بعد قراءة بيان مجمع البحوث الإسلامية في السعودية بشأن إمامة المرأة تبين أنه لا يورد حجة واحدة تستند الى القرآن أو صحيح الحديث.
(3) أما الراحل شلتول فيرى حظر زواج المسلم من الكتابية اذا ما كان ذلك خطراً على عقيدة المسلم؟! اجتهاد (محمود شلتوت – الفتاوى – الطبعة الثانية – القاهرة).
(4) فصلت الباحثة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي في كتابها «الحريم السياسي – الرسول والنساء» 1987 فأوردت في قسمه الثاني المدنية والثورة، أن الحجاب إنما هو الساتر بين العام والخاص وليس ذلك الذي يغطي وجه المرأة في سياق دراسة الآية 53 من الأحزاب.
نقلا عن صحيفة الثوري العدد 1916