لا تكن ظƒطط§ط·ط¨ ط§ظ„ظ„ظٹظ„ !
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
( كحاطب ليل ) مثل عربي قديم يضرب لجامع الحطب ليلاً فيجمع منه الجيد والرديء وكيف له أن يميز بينهما وظلمة الليل تطمس البصر وتعشي النظر!؟
هذا المثل أجده يتطابق وحال كثير من الإخوة والأخوات في شبكة (الانترنت) فلطالما رأينا مواضيع وقد ختم في آخرها بعبارة (وصلني عن طريق الإميل) أو عبارة (منقول) .
فحال الكثير ممن عول على ما ينشر عبر البريد الإلكتروني _الإيميل _ من خبر أو معلومة بشتى أنواعها إنما حاله كحال حاطب الليل ذاك يجمع الغث والسمين والصالح والطالح والجيد والرديء وقد يلتقط الأفعى وهو لا يدري !.
والبعض يظن أن بختم ما ينقله عبر بريده بـ (وصلني عبر الإيميل) أو (منقول) قد أخرج نفسه من العهدة والمسؤولية وهذا بحد ذاته اعتقادٌ وتصرفٌ لا يمتُ بصلة للثقافة الصافية وتوثيق المعلومة وانتقاء مصادرها النقية . فما أشبه هذا أيضا بحامل وعاء مغطى يقدمه لإخوانه لا يعلم ما فيه عسل أم سم وكان عذره إنما أنا ناقل للوعاء !!
والأمانة والتثبت من آداب الإسلام العظيمة التي شدد عليها الله في كتابه ورسوله عليه الصلاة والسلام في سنته ودأب عليها السلف الصالح رضوان الله عليهم وكانت ديدنهم في تلقي الأخبار والعلوم .
قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "(الحجرات : 6 ).
فالتثبت من الأخبار والأقوال من دعائم دين الله وذلك حفظا لحقوق الناس وصدا لدعاة الشر والفتنة .
وقال تعالى : " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " (الإسراء : 36 ).
ومن القول بلا علم اتباع الظنون والسماع لكل ما يقال والترويج وعدم التثبت .
وقال تعالى :" وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاما "ً (الفرقان : 72 )
وقال سبحانه :" َواجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ "(الحج : 30 ) .
والزور هو الباطل والكذب واللغو الساقط من القول أو الفعل .
وقال سبحانه :" مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " (قـ : 18 )
فهذه منزلة التثبت والتبين في دين الله تبارك وتعالى والإسلام منهج اعتقاد وسلوك وأخلاق ومن يتتبع ما ينشر عبر البريد الإلكتروني يجد طوام عظيمة وأخبار ساقطة وإشاعات باطلة يدسها من هب ودب من أصحاب النفوس المريضة والمناهج الغوغائية المصادمة لحقيقة الإسلام وأرباب الفكر الإباحي والمد البدعي من دعاة البدع والأهواء بمختلف مشاربهم وتعدد مذاهبهم كل هؤلاء وغيرهم جعلوا هذه الشبكة منبراً شيطانياً اعتلوهُ ليزعقوا بأباطيلهم وكذبهم تشويهاً لدين الله وتلفيقاً وتحريفاً لمسلماته وأصوله النقية الثابتة حرباً منهم للحق وارصاداً لدعاته .
فلا تكونى أختي في الله بوقاً لهذه الفئات الضالة وصدىً تردد ما يقولون فالحديث بكل ما يُـسمع نوع من أنواع الكذب كما قال صلى الله عليه وسلم :" كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع " (رواه مسلم) .
قال الإمام النووي رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث : " وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن وقد تقدم أن مذهب أهل الحق أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط في كونه إثماً والله أعلم "(شرح صحيح مسلم ) .
ولا يجعلنّ أحدنا شعاره إذا سئل عن مصدر قوله أو خبره ( زعموا) أو بلغة عصرنا ( يقولون ) يروج تحتها ما ينشر من الأكاذيب والبطلان ظنا منه أن قوله ( يقولون ) صك إخلاء مسؤولية عما تستره هذه اللفظة من الخوض بلا علم ولا دراية .
فقد ذم صلى الله عليه وسلم أصحاب هذا الشعار فصح عنه أنه قال: " بئس مطية الرجل زعموا " (صحيح السلسلة الصحيحة رقم 866).
وأحب هاهنا أن أنبه على أمرين مهمين يكثر تداولهما عبر (الإيميل) أو شبكة الإنترنت بشكل عام :
الأول : انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل كبير وتناقلها بصورة واسعة ونشرها بتسليم وانقياد على أنها ثابتة عنه عليه الصلاة والسلام دون تثبت ولا حجة تحت الشعار المعتاد :
(وصلني عن طريق الإيميل) و (منقول) .
وهذا أمر جد خطير وكيف لا يكون خطيراً وأنت تنسب قولاً أي وحيا منزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون التثبت من هذا، خاصة أن الأحاديث الضعيفة والموضوعة قد ملأت الكتب الدينية_ كما تسمى _وهي من المسائل الكبرى التي تفرغ لها واهتم بها علماء السنّة والحديث في كل الحقب ينقحونها ويدرسونها ليستلوا هذه الأكاذيب من كتب التراث الإسلامي لتصفية دين الله منها فكثيرا من البدع وتأصيل مذاهبها الباطلة قائـمٌ على قسط وافر من هذه الأحاديث المكذوبة التي لا تمت للسنة الطاهرة بوشيجة أبدا .
وكلنا سمع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر:" من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار "
وقال صلى الله عليه وسلم : " من حـدّث عني بحديثٍ يرى أنّه كذب فهو أحد الكذابين " (رواه مسلم) .
فهذا التحذير الشديد والوعيد الغليظ في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعك أخيتي في موضع الحذر من التسرع في نشر كل ما يصلنا منسوباً للنبي عليه الصلاة والسلام والحرص على التثبت ، وسؤال أهل العلم المختصين أو البحث في الكتب المهتمة في ذا الشأن لئلا نكون من المشاركين في هذا الكذب بنشره وترويجه .
الأمر الثاني : نشر وإشاعة الأخبار المرجفة التي تمس أمن المجتمع والدولة مما يقف وراءه أهل الفتن والتحزبات المنحرفة عن دين الله تعالى وأكثرها تنسب هذا الإنحراف للدين وتقترفه وتدعو إليه باسم الإسلام ونصرة الإسلام .!
فتجد ما يفترونه ينتشر عبر المواقع والمنتديات كانتشار النار في الهشيم ومعظم هذا النشر والترويج يقوم به من لا يفقه ما وراء هذا من طوام وفتن وشرور ليكون بهذا جندياً يقوم بما يقوم به أولئك المرضى دون شعور فقط لمجرد النشر وتكثير مواضيعه وإن كانت كذباً وزوراً وفتنة .
يقول تعالى عن مثل هؤلاء :" وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً "(النساء : 83 )
فهؤلاء ضعفاء النفوس الذين يسمعون إرجافات المنافقين والإشاعات الباطلة فيذيعونها فتحصل المفسدة المؤدية للفتنة .
فهل ترضى أختي في الله أن تكون حاطب ليل ؟
أسأل الله وحده أن يوفقنا جميعا للخير والهدى ويجنبنا الشر والهوى ولا هدى إلا صراط السنـّة .
وفي النهاية أرجو من الجميع ألا تستقي معلوماتك وثقافتك وبالأحرى دينك من الإيميلات والموضوعات الغير موثقة واهتم بالتحري والتقصي قبل الضغط على:
(((اعتمد الموضوع الجديد))))
وفقني الله واياكم لكل خير