تخطى إلى المحتوى

مطوية و بحث عن تفسير سورة الفاتحة

اعلم أرشدك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة، أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعال: البرونزية فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ( 4 ) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ البرونزية [سورة الماعون:4-5]، ففسر السهو بالسهو عن وقتها – أي إضاعته – والسهو عما يجب فيها، و السهو عن حضور القلب فيها ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله البرونزية قال: { تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر فيها إلا قليلاً } [أخرجه مسلم 1/434] فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: { يرقب الشمس} وبإضاعة الأركان بذكره النقر، وبإضاعة حضور القلب بقوله: { لا يذكره الله فيها إلا قليلاً } إذا فهمت ذلك فافهم نوعاً واحداً من الصلاة، وهو قراءة ط§ظ„ظپط§طھط­ط© لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم قال: سمعت رسول الله البرونزية يقول: { يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: البرونزية الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ البرونزية قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: البرونزية الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ البرونزية قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: البرونزية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: البرونزية إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ البرونزية قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: البرونزية اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ البرونزية قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل } [رواه مسلم:1/296].
فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إلى قوله: البرونزية إِيَّاكَ نَعْبُدُ البرونزية ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه، وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى، وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب تبين له ما أضاع أكثر الناس.

قد هيئوك لأمر لو فطنت له *** فأرباً بنفسك أن ترعى مع الهمل

وأنت في غفلة عما خلقت له *** وأنت في ثقة من وثبة الأجل

فزك نفسك مما قد يدنسها *** واختر لها ما ترى من خالص العمل

أأنت في سكرة أم أنت منتبهاً *** أم غرك الأمن أم ألهيت بالأمل
وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب، ويعلم قلبك ما نطق به لسانك، لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: البرونزية يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ البرونزية [الفتح:11]، وأبدأ بمعنى الاستعاذة، ثم البسملة، على طريق الاختصار والإيجاز.
فمعنى البرونزية أعوذ بالله من الشيطان الرجيم البرونزية: أعوذ بالله وأستجير بجنابه من شر هذا العدو أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة أو قراءة أو غير ذلك، وذلك لأنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: البرونزية إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ البرونزية [الأعراف:27] فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه، واعتصمت به كان هذا سبباً في حضور القلب فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس.
البرونزية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ البرونزية وأما البسملة فمعناها: أدخل في هذا الأمر: من قراءة أو دعاء أو غير ذلك البرونزية بِسْمِ اللهِ البرونزية لا بحولي ولا بقوتي، بل أفعل هذا الأمر مستعيناً بالله، متبركاً باسمه تبارك وتعالى، هذا في كل أمر تسمي في أوله من أمر الدين و أمر الدنيا فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعيناً به، متبرئاً من الحول والقوة كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب، وطرد الموانع من كل خير.
البرونزية الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ البرونزية اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر، مثل العلاّم والعليم، قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي أكثر من الآخر رحمة.
وأما الفاتحة فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله، وثلاثة ونصف للعبد، فأولها: البرونزية الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ البرونزية فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، فأخرج بقوله الثناء باللسان الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال فذلك من نوع الشكر، وقوله على الجميل الاختياري أي الذي يفعله الإنسان بإرادته، وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل الجمال ونحوه فالثناء به يسمى مدحاً لا حمداً، والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحساناً إلى الحامد أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر، لأنه يكون على المحاسن والإحسان، فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى، وما خلقه في الآخرة والأولى، ولهذا قال: البرونزية الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً البرونزية [الإسراء:111] وقال: البرونزية الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ البرونزية [الأنعام:1] إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الشكر فإنه لا يكون إلا على الإنعام، فهو أخص من الحمد من هذا الوجه، لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، ولهذا قال تعالى: البرونزية اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً البرونزية [سبأ:13]، والحمد إنما يكون بالقلب واللسان، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه.
والألف واللام في قوله: البرونزية الْحَمْدُ البرونزية للاستغراق أي إدخال جميع أنواع الحمد كلها لله لا لغيره، فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر والفؤاد وخلق السماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح، وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثنى به على الصالحين والأنبياء والمرسلين، وعلى من فعل معروفا خصوصا إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضاً بمعنى أنه خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به ذلك، وحببه إليه وقواه عليه، وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار.
وأما قوله: البرونزية للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ البرونزية فالله علَمٌ على ربنا تبارك وتعالى، ومعنى الإله أي المعبود في السماوات في الأرض: البرونزية وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ البرونزية [الأنعام:3] أي المعبود في السماوات والمعبود في الأرض البرونزية إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً البرونزية [مريم:93]، وأما الرب فمعناه المالك المتصرف، وأما البرونزية الْعَالَمِينَ البرونزية فهو اسم لكل ما سوى الله تبارك وتعالى فكل ما سواه من ملَك ونبي وإنسي وجنّي وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه، فقير محتاج كلهم صامدون إلى واحد لا شريك له في ذلك، وهو الغني الصمد، وذكر بعد ذلك البرونزية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية وفي قراءة أخرى البرونزية مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف البرونزية قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ البرونزية [الناس:1-3].
فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضع واحد في أول القرآن ثم ذكرها مجموعة في موضوع واحد آخر ما يطرق سمعك من القرآن. فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضع، ويبذل جهده في البحث عنه، ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول قرآن ثم في آخره إلا لما يعلن من شده حاجة العباد إلى معرفتها، ومعرفة الفرق بين هذه الصفات، فكل صفة لها معنى غير معنى الصفة الأخرى، كما يقال: محمد رسول الله، وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير معنى الوصف الآخر.
إذا عرفت أن معنى الله هو الإله، وعرفت أن الإله هو المعبود، ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله. فإن دعوت مخلوقا طيباً أو خبيثاً، أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله، فمن عرف أنه قد جعل شمسان أو تاجاً [ شمسان وتاج- ومثلهما يوسف- رجال كان الناس في عصر الشيخ يعتقدون فيهم الولاية، ويرفعون لهم من العبادة والدعاء ونحوهما ما لا ينبغي أن يرفع إلا لله عز وجل.(راجع رسالة كشف الشبهات للشيخ)] برهة من عمره هو الله، عرف ما عرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل، فلما تبين لهم ارتاعوا، وقالوا ما ذكر الله عنهم: البرونزية وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ البرونزية [الأعراف:149].
وأما الرب فمعناه المالك المتصرف، فالله تعالى مالك كل شيء وهو المتصرف فيه، وهذا حق، ولكن أقرّ به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله البرونزية، كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: البرونزية قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ البرونزية [يونس:31]. فمن دعا الله في تفريج كربته وقضاء حاجته، ثم دعا مخلوقا في ذلك خصوصا إن اقترن بدعائه للمخلوق نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه ( فلان عبدك) أو قول ( عبد عليّ) أو ( عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية، وفي دعائه علياً أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية، ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شراً مع تسمية نفسه عبداً له، قد أقر له بالربوبية، ولم يقر لله بأنه رب العالمين كلهم بل جحد بعض ربوبيته، فرحم الله عبداً نصح نفسه، وتفطن هذه المهمات، وسأل عن كلام أهل العلم، وهم أهل الصراط المستقيم، هل فسروا السورة بهذا أم لا؟
وأما الملك فيأتي الكلام عليه، وذلك أن قوله: البرونزية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية وفي القراءة الأخرى: البرونزية مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: البرونزية وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ البرونزية‏ [الانفطار:17-19]
فمن عرف طھظپط³ظٹط± هذه الآية، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيا لها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن، مع قوله البرونزية: { يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ } [أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم: 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة].
من قول صاحب البردة:

ولن يضيق رسول الله جاهك بي *** إذا الكريم تجلى باسم منتقم

فإن لي ذمة منه بتسميتي *** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي *** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليتـأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعي أنه من العلماء، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن.
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: البرونزيةيَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ البرونزية [الانفطار:19] وقوله البرونزية: البرونزية يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ البرونزية لا والله، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق، وأن فرعون صادق، وأن محمداً صادق على الحق، وأن أبا جهل صادق على الحق.

لا والله ما استويا ولن يتلاقيا *** حتى تشيب مفارق الغربان
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العداوة واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: البرونزية فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً البرونزية [الجن:18] وعند قوله: البرونزية أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ البرونزية [الإسراء:57] وقوله: البرونزية لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ البرونزية [الرعد:14].
فهذا بعض المعاني في قوله: البرونزية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ البرونزية بإجماع المفسرين كلهم، وقد فسرها الله سبحانه في ط³ظˆط±ط© البرونزية إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ البرونزية [الإنفطار:1] كما قدمت لك.
وأعلم أرشدك الله أن الحق لا يتبين إلا بالباطل كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.
فتأمل ما ذكرت لك ساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبراهيم ودين نبيك فتحشر معهما، ولا تصد عن الحوض يوم الدين، كما يصد عنه من صد عن طريقهما، ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة، ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل، فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور قلب وخوف وتضرع.
وأما قوله: البرونزية إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ البرونزية فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل، وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول التبرؤ من الشرك، والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: البرونزية إِيَّاكَ نَعْبُدُ البرونزية أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحداً، لا ملكاً ولا نبياً ولا غيرهما، كما قال للصحابة: البرونزية وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ البرونزية [آل عمران:80]، فتأمّل هذه الآية وأعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلي تاج ومحمد بن شمسان، فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟
وقوله: البرونزية وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ البرونزية هذا فيه أمران أحدهما سؤال الإعانة من الله وهو التوكل والتبري من الحول والقوة. وأيضاً طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
وأما قوله: البرونزية اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ البرونزية فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه، كما منّ الله على رسوله البرونزية بعد الفتح بقوله: البرونزية وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً البرونزية [الفتح: 2]، والهداية ها هنا التوفيق والإرشاد، فليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
و البرونزية الصِّرَاطَ البرونزية الطريق الواضح والبرونزية المُستَقِيمَ البرونزية الذي لا عوج فيه، والمراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله البرونزية وهو البرونزية صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ البرونزية وهم رسول الله البرونزية وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلي طريقهم، وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم، وكل ما خالفه من طريق أو علم أو عبادة فليس بمستقيم، بل معوَج. وهذه أول الواجبات من هذه الآية، وهو اعتقاد ذلك بالقلب، وليحذر المؤمن من خدع الشيطان، وهو اعتقاد ذلك مجملاً وتركه مفصلاً، فإن أكثر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله البرونزية على الحق وإن ما خالفه باطل، فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: البرونزية فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ البرونزية [المائدة:70].
وأما قوله: البرونزية غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ البرونزية فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون العاملون بلا علم، فالأول صفة اليهود، والثاني صفة النصارى. وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم، وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات، فيا سبحان الله كيف يعلمه الله، ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائماً مع ظنّه أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله، هذا من ظن السوء بالله. والله أعلم، هذا آخر الفاتحة.
أمّا آمين فليست من الفاتحة، ولكنها تأمين على الدعاء، معناها اللهم استجب، فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله، والله أعلم.

[IMG]http://gselazhry.******.com/photos/gif/1602994_lm.jpg[/IMG]

حياكِ الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.