تخطى إلى المحتوى

خطبة و بحث عن واجب الأباء نحو الأبناء في الغرب 2024.

واجب الآباء نحو ط§ظ„ط£ط¨ظ†ط§ط، في الغرب

أحمد عبد الكريم نجيب
ملخص الخطبة
1- أهمية اختيار الزوجة الصالحة. 2- تربية الأبناء ظˆط§ط¬ط¨ شرعي. 3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال. 4- واجب من تربية الأبناء وبذل المستطاع في ذلك. 5- خطر وجود الأبناء في مدارس نصرانية. 6- الحزبية المقيتة التي تنتشر بين المسلمين.
الخطبة الأولى

أما بعد:
أمّة الإسلام، إن ممّا ابتلينا به وأُلجِئناإليه لسبب أو لآخر، أن نعيش غرباء في مجتمعات ننكر فيها أكثر ممّا نقر، فتجتمععلينا غربة الدار وغربة الدين، في زمن الضعف والدعة الذي آلت إليه أمّتنا .
وانطلاقاً من يقيننا في أنّ صلاح آخر هذه الأمّة لا يكون إلا بما صلح به أوّلها، وأن السبيل إلى ذلك هو التربية والتخلية والتحلية، لبناء مجتمع مسلم مؤهل للتمكينفي الأرض، نرى لزاماً علينا أن نحرص على أولى لبنات هذا المجتمع، وهو الأسرة التيتصلح بصلاح أفرادها وتفسد بفسادهم .
وأوّل ما يجب على المرء لإقامة تلك اللبنةاختيار الأم ذات الدين، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((اظفر بذات الدين تربت يداك)).

تُرجـى النسـاء لأربـعٍ في ذاتهــا فيها المناقب والمثـالـب والبَــلا
في الـدين أوّلـهـا تلـيـه نضـارة في الوجه أو مالٌ وأصلٌ في المَـلا
فإذا ابتـغيـتَ مـن الأنـام حليـلـةً فـاظفَـر بذات الديـنِ شرطاًأوّلا

وإنّ أعظم مسؤوليات المسلم تجاه أسرته بعد اختيار الزوجة تكمن في تربيةأبنائه التربية الصالحة، ورعايتهم الرعاية الشرعيّة التي كلّفه الشارع بها، وهذا مضمار ابتلاء وامتحان للعباد، لا يجوزه إلا من وفقه الله وأراد به خيراً .
قال تعالى: البرونزيةإِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌالبرونزية [التغابن:15]، أي سبب في امتحان آبائهم واختبارهم.
وفي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها المتفق على صحته يقولالمصطفى صلى الله عليه وسلّّّم: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُنّله ستراً من النار)).
وتأمل قوله: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء))، قالالقرطبي في تفسيره: "سماهن بلاءً لما ينشأ عنهن من العار أحياناً".
ومنأراد النجاة، سلك سبلها، ومن سبلها الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلّم ولزومغرزه في تربية الناشئة، وتعاهدهم بالعناية والرعاية .
ومن ذلك تهيئة الطفللما ينبغي أن يكون عليه، أو يصير عليه في كبره كالقيادة والريادة والإمامة، وكفى دليلاً على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ذي السبعةعشر ربيعاً على جيش يغزو الروم في بلاد الشام، وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمررضي الله عنهم أجمعين، وبعثه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميراً على اليمن وهو فيالتاسعة عشرة من العمر .
ومن هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحهعن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه قال: لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِبَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِي صلى اللهعليه وسلم حَقًّا، فَقَالَ: ((صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّواكَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً))‏.‏ فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌأَكْثَرَ قُرْآناً مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَوَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا إسْتَ قَارِئِكُمْ .‏فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصاً، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيءٍ فَرَحِي بِذَلِكَالْقَمِيصِ.‏
فانظروا رحمكم الله كيف حفظ من أفواه الركبان قسطاً من كتاب الله فاق ما حفظه بنو قومه رغم تلقيهم عن خير الخلق صلى الله عليه وسلّم، والأغرب منذلك أنّه تصدّر لإمامة قومه في الصلاة رغم حداثة سنّه إلى حدّ لا يُعاب عليه فيهانحسار ثوبه عن سوأته .
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال: تعويدهم على فعل الخيرات، ومنه ارتياد المساجد للصلاة والتعلّم والتعبد.

روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله: (حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة).
ولهذا القول ما يؤيده في السنّة فقدروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما عَنْرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((‏الْخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّلَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ)).‏
وقد ورد في السنّة ما يدل على مشروعية تعويد الصغار على الصيام وصلاة الجماعة واصطحابهم للحج صغاراً ومن ذلك: روى الشيخان عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِمُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَإِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: ((‏مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَيَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلْيَصُمْ)).‏ قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُبَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَالْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.
قال ابن حجر: "في الحديث حجة على مشروعيّةتمرين الصبيان على الصيام".
ومن هديه عليه الصلاة والسلام أيضاً ربطالأبناء بالمساجد وتوجيههم إليها، بل كان يذهب أكثر من ذلك فيتجوز في صلاتهمراعاة لحال الصبية الذين تصطحبهم أمهاتهم إلى المسجد .
روى البخاري في صحيحهعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنِّي لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُبُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَىأُمِّهِ))‏.‏
فالمسجد إذاً روضة يجتمع فيها الصغير والكبير ويرتادها الرجل والمرأة، وإن كان بيت المرأة خير لها، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم فيارتيادها يستبقون الخيرات فيذكرون ربهم، ويأخذون العلم عن نبيهم الذي قال: ((منجاء مسجدنا هذا يتعلم خيراً أو يعلمه، فهو كالمجاهد في سبيل الله))، وهذا حديث حسنبشواهده: أخرجه ابن ماجه وأحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وقالعنه: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ فقد احتجا بجميع رواته، ولم يخرجاه، ولا أعلم له علة .اهـ .
لذلك كان المسجد المدرسة الأولى، والجامعة الأم التي تنشرالعلم، وتشيع المعارف بين الناس، وهو المكان الأفضل والأمثل لهذا المقصد العظيم، وينبغي أن لا يعدل به شيءٌ في تعليم الناس والدعوة إلى الله إلا لضرورة.
وما تنكبت الأمة ولا امتهنت علوم الشريعة، ولا جفت منابعها إلا بعد أن أغفل دورالمسجد في التعليم.
أيها المسلمون، إن المسؤولية تقع على كواهلنا جميعـاً، فعلى البيت مسؤولية، وعلى المدرسـة ومناهج التعليم فيها مسؤولية، وعلىالإعـلام والقائمين عليه مسؤولية، وعلى البيئة والمجتمع مسؤولية .
وليس فيتقصير البعض ما يبرر إعراض الآخرين عن القيام بالواجب أو تقصيرهم فيه، لأن الخطألا يبرر خطأً آخر .
وإذا كان الوالدان من الصالحين فاجتهدا في تربية أبنائهماتربية ترضي الله سبحانه، خرّجا جيلاً سويّاً رشيداً، أمّا إن قصّرا في ذلك فربّماتمخّض غرسهما عن عاق أو معوّق ينحرف عن الطريق، ويصير وبالاً على نفسه وأسرته ومجتمعه .
ولا يتعارض هذا مع قوله تعالى: البرونزيةيُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّالبرونزية [يونس:31]، الذي قيل في تفسيره: إن الله تعالى يُعقب الكافر بابن مؤمن، والفاسقبابن صالح، كما قد يُعقِب الصالح والمؤمن بابن فاسق أو كافر .
وبرهان ذلكجليٌّ واضح في قصة نبي الله نوح عليه السلام وابنه الذي كابر وأصر على الكُفرحتى مات عليه، وكان من الهالكين .
فتحمّل أخي المسلم مسؤوليتك كاملةً وكنلابنك كما كان نبيّك لأولاده وأولاد المسلمين، أباً رحيماً ومربّياً حكيماً.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو التوّاب الرحيم .

الخطبة الثانية
أما بعد:
إخوة الإسلام، لو عُدنا إلى واقعنا المعاصر، ووضعناأيدينا على موطن المعاناة وسبب البلاء، لوجدنا أنّ لإقامتنا في مجتمع غربيالثقافة، مادي النزعة، فاسد العقيدة ثمن باهظ ندفعه، وأثر سيءٌ في تربيةأبنائنا شئنا أم أبينا .
وهنا لا بد من التحذير من لوثتين يعاني منهما الكبارقبل الصغار في ديار المهجر وهما :
أوّلاً: الافتقار إلى منارات تربويّة تجمعبين سلامة المعتقد وأصالة المنهج، كمدارس تحفيظ القرآن الكريم، ودور الرعاية والحضانة والتربية والتعليم، وإن وجد شيء من ذلك فهو على علاته لا يفي بالمطلوب، ولا يرقى إلى المستوى المنشود، ممّا يزيد من مسؤولية الآباء والدور المناط بهملأداء الواجب .

وإنني لأعجبُ غاية العَجب ممّن يزجّ بأبنائه في مدارس غيرإسلاميّة تدرّس العقيدة النصرانيّة وتبدأ دروسها بالصلاة الصليبيّة والترانيمالدينيّة الباطلة، وربّما ظنّ بعضهم أنّه حصّن أبناءه من هذا البلاء بتسجيل ابنهفي مدرسةٍ على هذه الحال شريطة عدم مشاركته في أنشطتها الدينيّة والتعبّديّة، وهذا المسكين قد أُتي من قبل فهمه وأخلّ به تفرّسه، فما ظنك بمستقبل طفل ينشئ علىقرع النواقيس وترانيم الكنائس ويفتتح بها كلّ صباح قبل دخول فصله المدرسي، وينزوي في زاوية من زوايا المدرسة كالفريد الطريد، وتعتلج الشكوك والظنون والتساؤلات الملحة في نفسه، فيخرج وقد استمرأ الضلالة، ولم يعد وجهه يتمعر غضباًلله تعالى إذا مرّ بها وببعضها، فأيّ نجاةٍ من الفتن أدرك، وأي علم وتربية أحرز .
وهنا أقول لأولياء الأمور :علّموا أولادكم في بيوتكم أو وجهوهم إلىالمدارس الإسلامية والقرآنيّة في هذه البلاد على قلّتها وعلاّتها، فما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه
.
ولا يقولنّ قائلٌ: إن في هذا موازنة بين مصالح المدارس ومفاسدها، أو خيرها وشرّها، فإن بعض الشر قد أطل على الأمّة وأضر بالصحوة من سوءوضع الأمور في موضعها أو تقديرها قدرها، أو الموازنة في الحكم عليها، وما رافق ذلك من إفراطٍ وتفريط
.
وثانياً: إنّ الكثير من المراكز والمدارس الإسلاميّةفي ط§ظ„ط؛ط±ط¨ تئط وتئن تحت آصار حزبيّة مقيتة، وتدور في فلك جماعات وأحزاب ترسم سياساتها، وهذا قد يغرس في أذهان الطلاّب الجنوح إلى التحزّب أو الانتساب إلى بعضالجماعات العاملة في الساحة، ما عُرف منها وما لم يُعرف، وكما أنّنا دَأَبْناعلى الدعوة إلى التعاون الشرعي بديلاً عن التعصّب الحزبي، وحذّرنا ونحذّر أنفسنا وإخواننا من الأحزاب والتحزب والتحزيب، والتعصب والموالاة والمعاداة علىالأسس الحزبية، وفي أُطُرٍ جماعيّة فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان، فإنناندعو الآباء ليأخذوا بحُجَز أبنائهم عن ذلك كلّه، بتحصينهم وتوجيههم إلى منهجأهل السنّة والجماعة كما عرفه ولزمه السلف الصالح وأوصوا وتواصوا به .

ولاأقول هذا من فراغ، كما لا أختلق قضيّةً لا وجود لها، فأنا أحد أطراف المعاناة، وقد بكيت ـ وحق لي أن أبكي ـ وأنا أسمع سؤال ابنتي ذات السنوات الثمان وهي تقول لي: أبتاه! يسألني الطلاّب: هل أنا قطبيّة أو سروريّة أو إخوانيّة أو سلفيّة أو غير ذلك، ماذا أقول؟
فوا حرّ قلبي على هذا الواقع، وأنى لي ولإخواني أن نحرز النجاةفي زمن الفتنة .
فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه مراقبة من يعلم أنّه يراه، وصلّوا وسلّموا على عبده ورسوله محمّد وآله وصحبه ومن والاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.