د. منذر جزائري
يشمل خلع الورك التطوري مجموعة واسعة من التغيرات التشريحية في المفصل تتراوح بين الشكل البسيط حيث يقل عمق المفصل (الحق) ويؤدي الى عدم استقرار خفيف في حركة المفصل، الى حالة الخلع الكلي حيث يكون رأس عظم الفخذ (الكرمة) مفصولاً كلياً عن (الحق). ان وجود الكرمة خارج الحق يؤدي الى تشوه شديد في الطرفين المكونين للمفصل وبالتالي الى حصول تغيرات ثانوية في شكل المفصل، هذه التغيرات تزداد سوءاً مع نمو الطفل طالما بقي المفصل مخلوعاً، خصوصاً اذا بدأ الطفل بالمشي.
يحصل خلع الورك التطوري بنسبة نصف الى واحد بالمائة ( 0.5-1%) من مجموع المواليد، تزداد هذه النسبة الى عشرة اضعاف وذلك عند وجود قرابة بين والدي الطفل او عند وجود حالة خلع سابقة في نفس العائلة. قد يترافق الخلع مع تشوهات ولادية اخرى مثل تشوهات الاقدام (القدم المخلبية).
وتشكل الاناث حوالي 80% من الحالات وفي 30% يكون الخلع في كلا الطرفين، وتزداد نسبة الخلع في حالة ولادة الطفل ولادة مقعدية.
(دور الطبيب)
لا تؤثر طريقة التوليد على المفصل الطبيعي والا تؤدي الى الخلع.
ان طريقة لف المولود (الكوفلة) التقليدية المتبعة في بعض المناطق حيث يتم لف الطرفين السفليين للمولودين حديثاً بشكل مستقيم يؤدي الى دفع رأس عظم الفخذ الى الخارج ويساعد على حدوث الخلع.
– التشخيص:
التشخيص المبكر هو اهم شيء في المعالجة الناجحة ويتم بفحص جميع المواليد بعد الولادة مباشرة من قبل الطبيب، وفي حالة وجود اية علامات تدل على خلع الورك الولادي او عدم استقرار مفصل الورك، يتم تحويل الطفل الى طبيب جراحة العظام المختص في معالجة هذه الحالات. كذلك يتم فحص جميع المواليد في المراجعة الاولى لعيادة المواليد الاصحاء وذلك خلال الاسابيع الاولى من الحياة، مع التركيز وتكرار الفحص السريري عدة مرات وفي عدة زيارات وذلك عند وجود قصة خلع ورك الولادي في نفس العائلة، أ وعند وجود صلة قرابة بين ابوي المولود، أ وفي حالة الولادة المقعدية.
يحتاج اكتشاف الخلع في المولود الصغير الى خبرة خاصة من قبل الطبيب الفاحص اما في الطفل الاكبر سناً لاسيما عندما يبدأ الطفل بالمشي، فان كثيراً من الحالات يتم تشخيصها من قبل الاهل، حيث يلاحظ عرج واضح اثناء المشي. واذا كان الخلع في الوركين معاً فانه يحدث ما يسمى ب (مشية البطة)، مع بروز شديد في البطن الى الامام وبروز منطقة الايتين الى الخلف.
(تأخر المشي)
في اغلب الحالات لايحصل تأخر في المشي نتيجة خلع الورك الولادي ان التشخيص المبكر والعلاج الفوري هما اساس النجاح والوصول الى مفصل طبيعي باذن الله.
-التصوير بالامواج الفوق الصوتية:
وهي طريقة بسيطة وفعالة في تقييم مفصل الورك لدى الوليد في الاشهر الاولى من العمر ويلجأ اليها عندما تكون العلامات السريرية غير واضحة او عند وجود قصة عائلية مشابهة. اما في الطفل الاكبر سناً. فان التصوير الشعاعي العادي يعطي معلومات اكثر وضوحاً.
العلاج:
ان التأخر بالتشخيص او العلاج الغير مناسب يؤدي حتماً الى قصور دائم في مفصل الورك وبالتالي الى خشونة وتآكل المفصل في سنوات العمر اللاحقة.
ويتم اختيار طريقة العلاج حسب درجة الخلع وحسب سن الطفل.
ففي الحالات الخفيفة جداً حيث يكون المفصل مستقراً وثابتاً، ويكتفى بالمراقبة والمتابعة، وفي الحالات ذات القابلية للخلع او في المفصل المخلوع كلياً فانه يتم رد المفصل الى الوضع الصحيح ويوضع للطفل اجهزة طبية للمحافظة على المفصل في الوضع الطبيعي لفترة من الزمن الى ان يصبح المفصل مستقراً تماماً ويتطلب ذلك عادة عدة شهور. اما في الطفل الاكبر سناً (اكبر من 4شهور) فانه يتم تصحيح الوضع تحت التخدير العام ويوضع الحوض، والطرفين السفليين ببنطلون جبسي وذلك لابقاء المفصل في الوضع الصحيح. ويتم تغيير هذا الجبس مرة او مرتين مع اعادة تقييم استقرار المفصل في كل مرة.
ان هذه الطريقة اللاجراحية بسيطة وتؤدي الى مفصل مستقر وثابت وطبيعي تماماً في اكثر من 80% من الحالات.
وفي بعض الحالات الشديدة حيث لايمكن رد الخلع بالطرق البسيطة فانه لابد من الرد الجراحي.
(الحفاظتين)
واستعمال الحفاظتين للطفل هل يكون علاجاً لخلع الورك الولادي فهذا غير صحيح لكنه يستعمل في الحالات المستقرة والغير قابلة للخلع وذلك لابقاء الرجلين متباعدتين ولتذكير الام بعدم لف رجلي المولود بالطريقة التقليدية، ولايفيد لا في رد الخلع ولا في تثبيت المفصل بعد الرد بل قد يفوت الفرصة الذهبية للعلاج الصحيح.
علاج الحالات المتأخرة:
ان اكتشاف الخلع عند عمر اكثر من سنة ونصف يعتبر متأخراً، وفي اكثر هذه الحالات يتجه العلاج الى الجراحة.
ان نتائج الجراحة جيدة في الغالب وتحتاج الى خبرة كبيرة وتخصص في هذا المجال.
وتصبح الجراحة اكثر تعقيداً وصعوبة واقل نجاحاً كلما كان الطفل اكبر سناً، وتظل الجراحة ممكنة حتى سن ست او سبع سنوات،
اما الطفل الغير معالج (المهمل) بعد هذا السن، فان رد المفصل جراحياً يصبح غير ممكن.