طريقة طھط§ظ‡ظٹظ„ ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ‚ ط§ظ„ظ…ط¹ط§ظ‚ط© ظ„ظ„ط²ظˆط§ط¬ ذوي الاحتياجات الخاصة
زواج ذوي الإعاقة بين الرفض والقبول
منقول للإفادة
نراهم في كل مكان، بعضهم فقد نعمة البصر وبعضهم الآخر فقد نعمة السمع، وآخرون فقدوا نعمة الحركة بشكل طبيعي، أو شلّت حركتهم بشكل كامل، وتظل بعض هذه العاهات الجسدية أقل قسوة من فقدان نعمة العقل أو فقدان التوازن النفسي. وقد اعتدنا أن نطلق على من رمتهم الأقدار بهذه "المآسي" صفة "المعاقين"، وإن كان البعض يرفضون هذه الكلمة ويستبدلونها بعبارة "الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة". وإذا كان الناس متفقين على حق المعاق بالحياة والحب والصداقة والرعاية والعمل والإبداع والعلم، إلا أنهم يختلفون حول حقه في الزواج والإنجاب وبناء الأسرة، واضعين أسباب الرفض على شمّاعة الإعاقة التي لا يكون للمعاق يد فيها ولا حيلة. معظم المعاقين يحلمون ويشعرون بأن الزواج حق من حقوقهم الطبيعية، فإلى أي حد يمكن أن يتجاوب المجتمع مع هذا الحق؟ وما هي السلبيات والإيجابيات التي تنتج عن زواج المعاقين؟ هذا ما حاولت "الانتقاد" الإجابة عنه في هذا التحقيق.
حكاية احمد وعصام
في البداية يروي أحمد حكايته فيقول انه لم يترك باباً إلا وطرقه عندما قرر الزواج، ولم يدر بخلده أنه سيجد عقبات كثيرة في طريق تحقيق رغبته. مشكلة احمد ليست مادية فهو موظف وقادر على إعالة نفسه، إلا أن المشكلة تكمن في أنه من ذوي الإحتياجات الخاصة ويسيرعلى كرسي متحرك وعلى غير العادة فإن أسرته هي سبب معاناته، حيث ترفض فكرة زواجه لأنه معوّق، ويبرر أحمد أسباب رفضهم بقوله "لديّ إعاقة في جسدي وهذه الإعاقة هي سبب رفض والدتي تزويجي، فهي تشعر بالحرج أمام عائلات الفتيات اللواتي تتقدم لهنّ عندما تخبرهم عن حالتي"، ويضيف "أخبرني الطبيب أن الزواج عامل مساعد ومهم بنسبة كبيرة في علاج المشكلة، وهناك تقرير طبي عن حالتي يؤكد أنني لا أعاني من أي معوقات للزواج". عندما لم يجد أحمد ط·ط±ظٹظ‚ط© لإقناع أهله بتزويجه، قرر ان يأخذ زمام المبادرة فتعرّف الى فتاة ووافقت على الزواج منه لكن والدها رفضه لأنه من ذوي الإحتياجات الخاصة، ثم تقدّم لخطبة فتاة معوّقة حركياً لكنها رفضت الزواج منه أيضاً.
أما عصام فهو شاب في العقد الثاني من العمر، لا يعاني من أي إعاقة جسدية ولكن الخوف من عامل الوراثة وضعه في قائمة الرفض! يحكي عصام عن تجربته قائلاً: "كتب الله على عائلتنا أن يكون ضمن أفرادها أخوان من ذوي الإحتياجات الخاصة، وما لم أتوقعه أن يكون أخواي سبباً رئيسياً في عرقلة زواجي، فقد تقدمت للكثير من الفتيات للزواج منهن، في البداية كنت أواجه بالترحيب، ولكن بعدما يعرف الأهل بوضع إخوتي يرفضون إتمام الزواج مبررين بأنهم لا يريدون أحفاداً معوقين".
وجهة نظر الطب في زواج المعاقين
تقول د. فاطمة حمدان "الإعاقات غير الذهنية كالإعاقة البصرية أو الحركية أو السمعية لها مجموعة من الضوابط، فهناك الكثير من الزيجات الناجحة بين معاقين بصرياً رزقوا أطفالاً طبيعيين، وكذلك بالنسبة إلى الإعاقة السمعية. لكن بالنسبة إلى الإعاقة الحركية فيختلف الأمر بحسب الحالة وقدرة الشخص على القيام بالواجبات الزوجية وما إذا كان قد تم تأهيله من قبل الأسرة أو مراكز التدريب والتأهيل، فالبعض من ذوي الإحتياجات الخاصة المدربين على الحياة الأسريّة يكونون في كثير من الحيان أفضل رعاية لبيتهم وأولادهم من الأشخاص الطبيعيين الذين يعتقدون انهم يعرفون واجباتهم وحقوقهم الأسرية وهم في حقيقة الأمر لا يعرفون شيئاً عنها".
بين الإعاقة الأصلية والإعاقة المكتسبة
تضيف د. حمدان "لا يوجد حكم واحد يشمل جميع المعاقين لأنه يمكن تصنيف المعاقين في قسمين كبيرين مبدئياً: الإعاقة الأصلية الناجمة عن سبب وراثي والإعاقة المكتسبة وفيها يختلف حكم الطب حسب نوعية الإعاقة ودرجتها. فهناك إعاقات لا تشكّل حائلاً دون الزواج الذي يعيد للمصاب نوعاً من التوازن النفسي والصحي ويعيده الى دوره الطبيعي في الحياة". أما بالنسبة إلى المعاقين الذين يولدون حاملين هذه الإعاقة فبحسب الدكتورة حمدان "هناك قسم منهم يمكن أن تعود أسباب إعاقتهم إلى الوراثة، وهنا ننصح على الأقل بعدم الزواج من الأقارب أو من شخص يحمل نفس الإعاقة أو توجد في عائلته إعاقة مماثلة. وفي كل الأحوال لا بد من دراسة كل حالة على حدة لأن الفروق الطبيعية بين الأشخاص هي من التنوع بحيث لا يمكن إصدار حكم واحد يشمل الجميع. أما بالنسبة إلى المتخلّف عقلياً فالأمر يتعلّق بدرجة التخلّف ومدى القدرة على معالجته لنستطيع تعويده على حياة اقرب ما تكون إلى الحياة الطبيعية، فإذا لم يكن هذا التخلّف مسيئاً لمن حوله، فلا يوجد مانع طبي من زواجه مع الإحتكام إلى القاعدة الأصلية وهي الإبتعاد عن الزواج من الأقارب والزواج من الأشخاص الذين يحملون الإعاقة نفسها".
بالإضافة إلى ذلك تؤكد د. فاطمة حمدان أن حالات الإعاقة العقلية ليست جميعها وراثية، ففي نحو 50% من الحالات لا يعرف سبب الإعاقة والـ 50% من الحالات الأخرى يكون لها أسباب كثيرة، فمنها مثلاً ما يحدث أثناء الحمل كتعرض الأم لمواد سامة كالكحول بنسبة كبيرة أو وجود نقص في هرمون الغدة الدرقية. ومن المسببات التي يمكن أن تحدث بعد الولادة وجود أمراض الأيض التي تنتج عادة عن وجود نقص في بعض الأنزيمات ما يؤدي إلى تجمع مواد سامة في الجسم تؤثر على النمو وتؤدي إلى عطب في الدماغ وإعاقة جسدية وعقلية وهو ما يعرف بالشلل الدماغي.
وبيّنت د. حمدان أنه إذا كان سبب الإعاقة عند الأبوين وراثياً فعادة ما يتراوح احتمال الإعاقة ما بين 25 و50 في المئة لدى الأطفال. أما إذا كان السبب غير وراثي كالإصابة نتيجة حادث أو غيره، فإن احتمال إنجاب أطفال معوقين لا يختلف عما هو عليه عند الناس الطبيعيين. وبالتالي يمكن لمعوّق أن يتزوّج من معوّقة ولا ينجبان أطفالاً معوقين إذا لم تكن الإعاقة وراثية، وحتى إن كانت وراثية فهناك إمكان بين 50 و75 % لإنجاب أطفال طبيعيين.
ماذا يحدث للمعاق عندما يحرم فرصة الزواج؟
تجيب د. حمدان عن هذا السؤال قائلة: في حال حرم المعاق من الزواج، فعادة يحدث ما يلي:
ـ الكبت: عدم الزواج يؤدي بصاحب التحدي الخاص أي المعاق إلى كبت عاطفته وحاجته الجسدية. والكبت كما هو معروف في علم النفس يؤدي إلى عقد نفسية يترتب عليها أنماط سلوكية شاذة، حيث يتحول إلى شخص سلبي غير متفاعل مع مجتمعه، كاره وحاقد، مفهومه لذاته متدنٍ، لديه الكثير من العدوانية، إنسحابي وغير إجتماعي، وقد تتكوّن لديه عقدة الشعور بالنقص وهذا ما يؤدي به إلى الإكتئاب الذي يعتبر الإنتحار أخطر وآخر مراحله. فالكبت هو أساس كل العقد النفسية.
ـ التسامي: تتحول الطاقات العاطفية والإحتياجات الجسدية الغريزية التي تخلق مع كل إنسان إلى طاقات إبداعية فنية، مهنية، علمية، إلخ … فإصرارهم على التسامي على احتياجاتهم ونقصهم يجعلهم مبدعين، وكما يقال فإن كل ذي عاهة جبّار.
ـ التعويض: يكون عن طريق تكوين علاقات إجتماعية متشعبة وكثيرة يترتب عليها إلتزامات وواجبات إجتماعية تشغل تفكيرهم وعقلهم ووقتهم وفراغهم العاطفي.
مع ذلك للزواج تأثير شديد الإيجابية على المعاق، فهو يرفع مفهوم الذات لديه بشعوره أنه يمتلك الحق مثل غيره بالزواج ويخلصه من العقد النفسية.
حكاية ريما
فتاة في أواخر العشرينات في كامل أناقتها، ريما تتحدث عن تجربتها فتقول "أصبت بإعاقة حركية في قدمي منذ كنت طفلة، فكنت اعرف أنني مختلفة عن الأطفال وأن لديهم مميزات كثيرة لا يمكنني ان اتمتع بأبسطها كاللعب مثلاً، كبرت وكبر معي هذا الشعور، ولكن شيئاً في داخلي كان أقوى من كل هذا، أكملت دراستي وحصلت على شهادة تخولني أن أكون سكرتيرة وتميزت في عملي بعدما تقدمت لأحد المراكز المهتمة. وبعد دخولي المجال العملي تعرفت إلى الكثير من الأصدقاء ورأيت من هم اصعب حالاً مني فحمدت الله عزّ وجل، فانا أرى وأسمع وأستطيع التحدث وكلها نِعم عظيمة، فالله كريم معي فلماذا أحزن إن أعطاني كل شيء وأخذ مني شيئاً واحداً؟! أنا أفضل حالاً من غيري بمراحل عديدة، كذلك تفوقي في عملي وثناء مديريّ عليّ عزز ثقتي بنفسي".
وعن الزواج تقول ريما: "بصراحة في داخلي قلب ككل فتاة، لكنني دوماً أقول لنفسي انه حتى الفتاة التي ليس لديها احتياج خاص يمكن ألا يرزقها الله الزوج ويعوضها بشيء آخر، وأنا عوضني الله بحب أهلي وأصدقائي ومع هذا لا شيء يعوض عن الزوج والحبيب، ولعلني أجد من يحب بداخلي المرأة الإنسان والمرأة الروح ..".
رأي أولياء الأمور
أولياء أمور الشباب والشابات من ذوي الإعاقات لهم آراء مختلفة حول زواج أبنائهم، فإيمان والدة سامر تقول: "أحاول أن أعلمه كيف يعتمد على نفسه، يأكل، يستحم، يتعلّم أي حرفة لينفع نفسه، أما الزواج فلا، لأن الزواج لا يكفي فيه أن يستطيع الشخص الإنفاق على بيته، فحتى إن وصل ابني إلى مرحلة يستطيع فيها كسب عيشه فلن يستطيع القيام بمهمة تربية الأبناء وتكوين الأسرة أو حتى القيام بعلاقة سويّة مع زوجته".
أما والدة ابراهيم فترى أن ابنها "في حالة تمكنه من الزواج، فهو ليس من شديدي الإعاقة الذهنية، وبشكل عام الزواج تحصين له وهو يعمل ويستطيع كسب رزقه. وعندما سألت طبيباً عن إمكانية أن ينجب أطفالاً أسوياء، قال لي انه ليس هناك ما يؤكد أنه سينجب أطفالاً معاقين ذهنياً خصوصاً إذا تزوج من فتاة طبيعية".
ما هي حالات الزواج المرفوضة طبياً؟
يجيب الدكتور في الأمراض النفسية والعصبية رامي خليفة عن هذا السؤال قائلاً: "تعتمد قدرة المتخلف عقلياً والمعاق على درجة إعاقته ومقدرته على أداء واجباته الزوجية بغض النظر عن إمكان الإنجاب لأن هناك حالات كثيرة من أصحاب التخلّف العقلي لا يمكنهم الإنجاب طبياً مثل الأشخاص حاملي جين "منغوليان" أو "التوحد". لكن لو افترضنا وجود طرف آخر يقبل الزواج بمثل هؤلاء ليساعدهم على حياتهم ومتطلباتهم فنظرياً يمكن أن نرحب بذلك".
ويضيف خليفة "يجب أن يكون أهل الفتاة او الرجل الذين لديهم حالة خاصة صريحين في حال تزويج ابنهم أو ابنتهم، فمثلاً لا يجوز إخفاء مرض "الفصام" عن الطرف الآخر حتى لو تم الشفاء لأن آثار هذا المرض تبقى. وبشكل عام فإن معظم الأمراض النفسية كـ"الفصام" و"الإكتئاب" تتحسن مع الزواج إذا كان الطرف الثاني متفهماً". وعن سؤالنا إذا ما كانت الأمراض العقلية والنفسية يمكن أن تورث للأبناء يقول د. خليفة: "كأي مرض آخر موجود لدى الأهل يمكن أن تورث الأمراض النفسية والعقلية من الناحية العلمية، ولكن هذا ليس حتمياً، إذ يمكن أن ينجب المريض نفسياً أو عقلياً أولاداً أصحاء معافين.
ويبقى الزواج حقاً طبيعياً لكل فرد قادر على القيام بواجبات هذا الزواج وأعبائه وتكوين أسرة حتى لو لم يكن الأبناء ثمرتها كما في الأحوال الطبيعية".
منقول للإفادة