قوله تعالى: ( فَإِذَا قَضَيْتمْ مَنَاسِكَكمْ فَاذْكروا اللَّهَ كَذِكْرِكمْ آبَاءَكمْ ) الآية 200.
قال مجاهد: كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا فأنـزل الله تعالى: ( فَاذْكروا اللَّهَ كَذِكْرِكمْ آبَاءَكمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ).
وقال الحسن: كانت الأعراب إذا حدثوا وتكلموا يقولون: وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا. فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يعْجِبكَ قَوْله فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا ) الآية 204.
قال السُّدّي نـزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأظهر له الإسلام وأعجب النبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإسلام، والله يعلم إني صادق، وذلك قوله: ( وَيشْهِد اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ) ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنـزل الله تعالى فيه: ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيفْسِدَ فِيهَا وَيهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ).
قوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَه ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ) الآية 207.
قال سعيد بن المسيّب: أقبل صهيب مهاجرًا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من قريش من المشركين، فنـزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه، ثم قال: يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم قالوا: دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك، وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه ففعل. فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبا يحيى ربح البيع ربح البيع"، وأنـزل الله: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَه ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ) وقال المفسرون: أخذ المشركون صهيبًا فعذبوه، فقال لهم صهيب: إني شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أم من غيركم، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتذروني وديني؟ ففعلوا ذلك وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة، فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال، فقال له أبو بكر: ربح بيعك أبا يحيى، فقال صهيب: وبيعك فلا يخسر، ما ذاك؟ فقال: أنـزل الله فيك كذا، وقرأ عليه هذه الآية.
وقال الحسن: أتدرون فيمن نـزلت هذه الآية؟ في أن المسلم يلقى الكافر فيقول له: قل لا إله إلا الله فإذا قلتها عصمت مالك ودمك فأبى أن يقولها فقال المسلم: والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل حتى يقتل. وقيل: نـزلت فيمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر. قال أبو الخليل: سمع عمر بن الخطاب إنساناً يقرأ هذه الآية فقال عمر: إنا لله قـام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل.
مشكورة غناتي