الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذه عبارة طالما سمعناها من عوام المسلمين في سائر البلدان:
وربما ظننا أحيانا أن ذلك مبالغ فيه؛ فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وإنما يخشى الله من عباده العلماء، وقل رب زدني علما، فهذه وغيرها من النصوص الواردة في فضل العلم أحيانا ما تخيل إلى بعضنا مبالغة في العبارة السابقة، وهذا في الحقيقة إنما نشأ في شباب الصحوة وأبناء الدعوة في الآونة الأخيرة لسببين أحدهما خاص، والآخر عام:
أما الخاص: فهو الجهل التام عند أكثرنا كأفراد بمفهوم العلم والمراد به عند السلف.
وأما السبب العام: فكثرة الكلام بين دعاة الصحوة وعلماءها عن العلم وفضله وأهميته، مع إهمال الكلام في جانب الأدب إهمالا شبه كامل، وهذا ربما تفرضه علينا أحيانا ظروف خاصة.
وهذا كله: مع سهولة العلم وتحصيله على النفس إذا ما قارناه بالتأدب بالعلم، فالإنسان منا يستطيع أن يقرأ رياض الصالحين مثلا في ليلة، ولكن أن يقوم بتطبيق ما قرأه فهذا من أصعب ما يكون، لذلك فإننا نحاول أن ننشغل بقراءة كتاب وراء كتاب، وختمة وراء ختمة؛ لنقنع أنفسنا بأننا نقوم بواجبنا ناسين أو متناسين قول ابن مسعود رضي الله عنه: «رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه» .
وهذا ما أوصلنا إلى هذا الواقع المر الذي نحياه، وأنتج عندنا هذا الانفصام العجيب الذي نراه في شخصيات شباب الدعوة وأبناءها.
وأنا أريد أن أتعرض هنا لبعض كلمات السلف التي توضح لنا أن هذا النهج العام الذي ينتشر بين أبناء الدعوة والقائمين عليها بدرجة كبيرة؛ من الاهتمام بالعلم دون أثره، والفرح بالكمِّ ولو كان على حساب الكيف، مما أسهم إسهاما كبيرا في تأخر حالنا حتى فيما بيننا وبين الله تبارك وتعالى، وأرجوا من الجميع تدبر هذه الكلمات ومحاولة فهمها والوقوف على حقيقة معانيها؛ لعل الله عز وجل أن ينفعنا جميعا بها:
قال ابن المبارك: «نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم».
وقال: «إذا وُصف لي رجل له علم الأولين والآخرين لا أتأسف على فوت لقاءه، وإذا سمعت برجل له أدب النفس تمنيت لقاءه وتأسفت على فوته»
وقال سفيان الثوري:«كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب وتعبد قبل ذلك عشرين سنة!».
وقال البوشنجي: «من أراد العلم والفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله»
وقال مالك بن أنس: «تعلم الأدب قبل أن تتعلم ط§ظ„ط¹ظ„ظ…آ» ولا عجب أن يصدر مثل ذلك من مثل مالك رحمه الله فهو الذي كان يقول عن نفسه:
«كانت أمي تعممني وتقول لي: اذهب إلى ربيعة، فتعلم من أدبه قبل علمه»
ومن أراد الاستزادة فليراجع الفصل الخاص بالأدب من كتاب «حرمة أهل العلم» للشيخ المقدم حفظه الله.
وأخيرا؛ أيها الإخوة والأخوات:
اللهم أدبنا وعلمنا، وقنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، اللهم آمين.
جزاكِ الله خير
موضوع اكثر من رائع
مشكوووووووووووووورة جزاك الجنة بغير حساااااااااب
جـزآك الله خـير