تخطى إلى المحتوى

انا ونفسي والشيطان 2024.

  • بواسطة

أنا ونفســـى والشيطـــــان


نارك وجنتك بين جنبيك‏..‏ نارك وجنتك فيما تختار وما تعجل إليه من أقوال وأفعال وما تبادر إليه من
عمل وما تمتد إليه يدك من حلال وحرام‏…‏
يدك هي التي تحفر بها قبرك وتصنع بها مصيرك ولسانك هو الذي يهوي بك إلي الهاوية أو يصعد بك إلي أعلي عليين‏..‏ أنت ما تقول وأنت ما تفعل‏…‏
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك وتشهد قيامتك قبل قيامتك وتعلم ساعتك قبل ساعتك………
قال لي شيطاني مستنكرا‏:‏

وأين أنت من قيامتك وأين أنت من ساعتك‏..‏ هذا الوسواس الشؤم الذي تصحو وتبيت فيه‏..‏ انظر حولك يافتي‏…‏ أنت مازلت في الدنيا‏..‏ اقطف زهرتها وانعم بلذاتها وأمامك فرص التوبة ممتدة بطول عمرك‏…‏ وأنت ما عشت فأنت في رعاية التواب الغفار قابل التوب وغافر الذنب‏…‏ لا تعقد أمورك واضحك للأيام تضحك لك‏.‏
قلت وأنا أتحسب كل كلمة‏..‏
تضحك لي أو تضحك علي يا لعين‏…‏ ومن أدراني إن ما أقول الآن هو آخر أقوالي وما أفعل الآن هو ختام أفعالي وأني ميت اليوم ومن مات فقد قامت قيامته وبدأت ساعته‏.‏
قال شيطاني‏…‏ أعوذ بالله من غضب الله‏…‏
ما هذا الكابوس الذي تعيش فيه‏,‏ حياة كالموت وموت كالحياة‏,‏ لم يبق إلا أن تصنع لنفسك تابوتا وتنسج لك كفنا تتمدد فيه‏..‏ أين أنت من هذا اليوم يا رجل‏.‏
قلت‏:‏
ومن يدريني أن بعد اليوم بعد‏.‏
قال شيطاني‏.‏
هل أقمت من نفسك قابضا للأرواح وفالقـا للإصباح أم أنك المتنبي الذي لا تخيب له نبوءة‏…‏ الزم غرزك يا رجل ما أنت إلا عبد من عباد الله‏..‏ عش يومك كأنك تعيش أبدا‏…‏
قلت‏:‏
ما قالوها هكذا يا لئيم‏..‏ بل قالوا‏…‏ اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا‏…‏ أرأيت كيف تقلب كل الحقائق‏…‏
قال شيطاني‏:‏
إنما أردت لك الحياة وأردت أنت لنفسك الموت‏..‏ ومرادي كان دائما مصلحتك‏.‏
قلت‏:‏
بل موت النفوس كان مرادك وهلاكها في الجحيم كان شغلك الشاغل وهمك المقيم يا سمسار الجحيم‏.‏
هل كنت أكلم أحدا؟‏…‏ أم كان يكلمني أحد هل كان حوارا بحق‏…‏ أم كان خيالا‏..‏ أتخيله‏.‏
إن حديث النفس حقيقة لاشك فيها‏…‏ وهو نوع من الإعجاز الرباني‏…‏ فهو حديث داخلي لا يسمعه غيرك ولا يطلع عليه سواك‏..‏ ولا يستطيع أي جهاز الكتروني بشري أن يسجله عليك‏…‏ والنفس فيه طرف‏..‏ والطرف الآخر يمكن أن يكون النفس ذاتها‏…‏ ويمكن أن يكون الشيطان‏..‏ وإبراهيم الكليم أبو الأنبياء كلمه ربه‏..‏ وهكذا ترتفع المكالمة لكل نفس علي حسب قدرها ومستواها‏.‏
يقول ربنا مكلما موسي في سورة الأعراف الآية‏(144)‏ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
[‏ الأعراف‏:144]‏
وحينما تكون وساوس النفس من المستوي الشيطاني‏..‏ يمكن أن يكون الشيطان طرفا في الحديث‏..‏ وحينما ترتفع النفس إلي المستوي الملائكي‏..‏ يمكن أن يكون القرين المتحدث ملائكيا‏..‏ وكلما ارتفع مستوي الحديث ارتفع مستوي المتحادثين‏.‏
وللغيب علومه كما أن للفيزياء علومها وللذرة علومها وللنفس علومها‏.‏
والشيطان حقيقة وليس شخصية روائية خيالية من بنات خيال المؤلفين‏.‏
وفي آخر الزمان حينما تقوم القيامة سوف يعترف الشيطان بما فعل بضحاياه أمام الملأ وأمام الحشر المجتمع من كل الخلائق‏.‏ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
[‏ إبراهيم‏:22].‏
وهكذا ينزل ستار الختام علي الدراما الكبرى للوجود التي استغرقت أجيالا وقرونا من آدم أول الخلق إلى الخاتم محمد بن عبد الله آخر الرسل عليه الصلاة والسلام‏…‏ في كلمات هائلة تتصدع لها القلوب ومشهد جامع يشيب لهوله الولدان‏.‏
وسوف نري الشيطان ساعتها وهو يتكلم في قلب الجحيم وسوف نسمع آخر كلماته‏.‏
إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
.‏
إن الشيطان حقيقة وليس أسطورة‏.‏
والنار حق
والعذاب حق‏.‏
إنها ليست أوبرا يا سادة‏..‏يصفق بعدها الحضور وتنزل الستار‏…‏ كما يتصور الأوروبيون المتحضرون عشاق الفن‏.‏
والأمر ليس كما تصوره الرئيس الفرنسي السابق فران سوا ميتران في حديث تليفزيوني أجاب فيه علي المذيع الذي سأله‏..‏ ماذا تقول لله حينما تراه يا سيادة الرئيس‏….‏ فأجاب ميتران‏:‏
سوف أقول له‏..sorry‏
هكذا قال الرئيس ميتران في بساطة فرنسية‏.‏
ولا أظن أن الرئيس ميتران سوف يري الله‏…‏ ولا أظنه سوف يقوي علي مكالمته‏.‏
ولا أظنه سوف يجتمع له رشد أمام ذلك المشهد الرهيب أو يبقي فيه لب لينطق‏.‏
وكان آخر ما شهدت من الرئيس ميتران مشهدا لا أنساه أيام حرب الابادة التي أعلنها الصرب علي مسلمي البوسنة‏.‏
رأيته وقد جاء مسرعا من فرنسا ليري بعينيه مصارع المسلمين في الأرض الأوروبية‏…‏ ووقف يتلفت حوله في ثقة واعتداد‏.‏
أخيرا جاء يوم الطرد النهائي للمسلمين من الأرض الأوروبية‏.‏
هكذا نطقت عيناه‏…‏ وإن لم تنطق شفتاه‏.‏
وقلت له في نفسي ساعتها‏.‏
بل لم تنته القصة بعد يا سيادة الرئيس‏.‏
وقد انتهت حياة ميتران ومات بالسرطان‏.‏
ولم تنته القصة بل تعددت فصولا‏..‏ فشاهدنا لها فصلا ثانيا في حرب كوسوفا ثم فصلا ثالثا في حرب الشيشان تخوضها روسيا بتمويل أمريكي ومساندة إسرائيلية وسكوت اوروبي‏.‏ والحرب معلنة علي المسلمين في كل مكان هذه الأيام‏.‏
وللشيطان أعوان من شياطين الإنس بلا عدد‏.‏
ولله شهداء يختارهم كل يوم ليزين صدورهم بأوسمة البطولة‏.‏
والحرب مستمرة‏…‏ وسوف تتعدد فصولها إلي آخر الزمان‏…‏ حينما ينزل ستار الختام‏..‏ وتعلن الحقائق في مشهد جامع هو يوم القيامة‏.‏
وأعترف بأني شديد الفضول لرؤية السيد ميتران ساعتها‏…‏ شديد الفضول لما سيقول‏…‏ هل سيقول لرب العالمين‏sorry..‏ كما زعم في حديثه الكوميدي في التليفزيون‏.‏
ليرحمنا الله جميعا‏…‏
فهذا مشهد يشق علي الجبابرة‏…‏
فما بال الضعفاء أمثالنا‏.‏
وما زلت أعجب كيف قالها‏…‏ بهذه البساطة الفرنسية‏.‏
إنه قطعا لم يتصور انه يتحدث عن واقع سيقع‏…‏ ولم يخطر بباله أبدا انه سوف يحدث كما تروي الكتب الدينية‏.‏
والأوروبي العادي يفتح فمه في دهشة إذا قلت له انه سوف يقوم من الموت ليقف بين يدي الله‏..‏ رب العالمين‏…‏ ولو انه أيقن بذلك وأمن به‏..‏ لما كان هناك استعمار‏…‏ ولما كانت هناك تلك المجازر البشعة والإبادة المنظمة التي زاولها الرجل الأبيض في حروبه مع السود في أفريقيا وآسيا ومع المسلمين في كل مكان‏..‏
وإنما الظلم كان يملأ صفحات التاريخ ليقين الظالمين بأنه لا قيام بعد الموت ولاحساب ولا مساءلة‏.‏
والكبـار كلهم ظنوا أنهم لا يموتون ولا يحاسبون‏..‏ والذين خطر لهم أنهم يمكن أن يموتوا كان يقينهم أن الله سيبعثهم ملوكا‏..‏ وان جنة الآخرة لهم‏…‏ كما كانت جنة الدنيا لهم‏..‏
وشيطانهم صنع لهم ذلك الوهم وأقنعهم به‏.‏
وكان قدماء المصريين أكثر من آمن بالبعث والحساب والميزان‏.‏ ولهذا كان المصريون أكثر الشعوب إنسانية‏.‏
إنه إفك قديم قدم التاريخ حكاية إنكار الناس للبعث‏.‏
وأكثر الشعوب تقدما وأقواها بأسا كانت أكثرها كفرا‏…‏ وهكذا كان ظن جاجارين حينما خرج من جو الأرض إلي الفضاء‏…‏ بلا نهاية‏…‏ لا وجود لأحد هنا غيري‏…‏ ولم أجد الله‏..‏ وحيثما أتلفت لا أجد إلها‏…‏ لا أحد سواي‏…‏ ورددت أبواق الإذاعة الشيوعية في موسكو لفورها‏…‏ أن جاجارين جاء بالخبر اليقين وانه لم يجد إلها في السماوات‏.‏
هل تصور جاجارين انه سيجد الله في شرف استقباله وان موسيقي الملائكة سوف تعزف له السلام الملكي‏.‏
وقد مات جاجارين بعد ذلك بشهور في حادث تصادم‏..‏ ليس في الفضاء‏..‏ ولكن في الأرض‏…‏ وفي أزقة موسكو كأي كلب ضـــال‏…‏ ورأي ســــاعتها ما كان ينكره‏…‏ ولكن بعد فوات الأوان بعد أن أصاب لسانه الخرس وتوقف قلبه عن الخفقان‏..‏ودفن مع سره في ظلام النسيان‏.‏
وسيظل ما بعد الموت طلاسم وظنونا وغيوبا مغيبة ولن يكشف السر إلا بعد أن يغلق الباب الدائري خلف كل مرتحل ويستحيل التواصل بينه وبين أحد من الأحياء‏..‏ وفي ظلام الوحدة المطلقة سوف تتجلي له الحقيقة وسوف يري كل شئ‏…‏ وساعتها لن ينفع الندم‏…‏ فكتاب الأعمال أغلق‏…‏ وحياته انتهت‏…‏ وما بقي سوف تتقطع له نياط القلوب‏.‏
والويل لمن لا يفهم‏.‏
أن الله موجود‏,‏ ليس لأن المسلمين يؤمنون بوجوده ولكن لأنه حقيقة مطلقة أزلية لا معني لأي شئ بدونها‏.‏
الله هو سر الجمال والرحمة والمودة والحرية والحياة وأسماؤه الحسني مطبوعة علي الوردة وعلي إشراقة الفجر وعلي ابتسامة الوليد وعلي إطلالة الربيع وعلي كفتي الميزان وعلي صولجان الحكم‏..‏ فهو العدل الحكم‏…‏ وبدونه يستحيل العدل وتستحيل الرحمة وينطمس الكون ويظلم فهو نور السماوات والأرض‏.‏
وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده‏..‏
إن الدين يبدأ به‏..‏ والفلسفة تنتهي إليه‏…‏ والعقل يتوقف عنده‏…‏ فلا كيف ولاكم ولا أين ولا متى‏!!!‏
وإنما‏…‏ هو‏..‏
ولا إله إلا هو‏…‏
ولا يملك العقل إلا السجود‏..‏ ولا تملك العين إلا البكاء ندما‏.‏
رفعت الأقلام وجفت الصحف‏.‏
اسألوا لنا ولأنفسكم الرحمة‏…‏
والتمسوا لنا ولأنفسكم النجاة‏.‏
لم يبق إلا التوسل‏…‏

دكتور/مصطفى محمود منقول

جزٍآكيٍ الله كل خيرٍرٍ

جـــزاكـ الله خــيــر

الله يجزاك خير

مشكــــــــــــــــــــووووره والله يجزاك خير

هلا ومرحبا شرفتوا ونورتوا

البرونزية

الله يسلمك وتحياتي لك

البرونزية

الله يسلمك مشكورة عالمرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.