طريقة و ظƒظٹظپظٹط© ط§ظ„طھط¹ط§ظ…ظ„ مع ط§ظ„ظ…ط±ط¶ظ‰ ط§ظ„ظ†ظپط³ظٹظˆظ† في السجون
المرضى النفسيون في السجون … أوضاعهم الصحية بحاجة إلى اهتمام !
المرضى النفسيون قد يكونون معرضين لأن يكونوا سجناء ، ربما أكثر من الاشخاص الطبيعيين والذين لا يُعانون من أي اضطرابات نفسية أوعقلية ، بالرغم أن بعض الدراسات تقول بأن المرضى النفسيين والعقليين ليسوا أكثر من الأشخاص الطبيعيين في السجون ، ولكن هناك بعض الدراسات تقول غير ذلك.
في الدول الغربية هناك مستشفيات تسمى "State Hospital" أي أنها مستشفيات رسمية مهمتها العناية بالمرضى النفسيين الذين ارتكبوا جرائم صعبة مثل القتل أوالجرائم الكبيرة الآخرى مثل الاغتصاب أوالسطوالمسلح أوأي جريمة كبيرة تجعل المجتمع يخشى من أن يُكرر هذه الجريمة تحت وطأة المرض النفسي، وتكون هذه المستشفيات تحت رعاية وزارة الداخلية ووزارة الصحة ، حيث تعنى وزارة الداخلية بالحراسة وتأمين رعاية المرضى النفسيين الذين ارتكبوا جرائم كبيرة ، وفي نفس الوقت هناك رعاية تؤمنها وزارة الصحة من ناحية طبية نفسية، حيث يقوم أطباء استشاريون متخصصون في الطب النفسي برعاية هؤلاء المرضى الذين يتم احتجازهم في مثل هذه المستشفيات.
تجربتي مع المرضى النفسيين في بلادنا لم تكن مُشجعة بالنسبة لي ، فقبل أكثر من عشرين عاماً كانت إحدى المريضات التي أتابعها قامت بجريمة كبيرة وأودعت السجن ، برغم أنها ارتكبت جريمتها وهي تحت تأثير المرض ، ولكن ليس هذا موضوعنا في هذا المقال. تم إيداع هذه الشابة في سجن النساء في الرياض ، وكنّا نُعطيها أدوية نفسية كعلاج لمرضها العقلي الذي تُعاني منه ، وكذلك مواعيد للمراجعة ، ولكن عندما كانت تأتي إلى المستشفى مُكبلة بالاغلال في يديها وقدميها ، وحالتها مُزرية نظراً لمرضها العقلي ، اكتشفنا للأسف بأنها لا تتناول علاجها كما يجب وأنها لا تأتي في المواعيد المحددة لها. كان وضعها يُعد مأساة إنسانية بكل معنى الكلمة ، وهولا يتفق مع حقها كإنسانة مريضة بمرض عقلي وتقبع في سجن لا يعطيها المسؤولون عن السجن الأدوية في أوقاتها ،كما تم وصفها لها ، ولا تتمتع بأي حقوق كمريضة عقلية ، تُعاني من مرضٍ عضال.
خلال سنواتي كطبيب نفسي لمدة تجاوزت الستة وعشرين عاماً ، كانت تجربتي مع المرضى النفسيين الذين يودعون في السجون غير سارة .. المرضى النفسيون في السجون لا يتلقون علاجاً نفسياً بشكلٍ جيد. أعرف بأن بعض السجون فيها طبيب نفسي غير متفرّغ يزور السجن في أوقات محددة ليمر على جميع السجناء الذين يُعانون من اضطرابات نفسية ، ولا أدري ماهي المدة التي يقضيها هذا الطبيب غير المتفرغ في السجون مع كل مريض ، وكيف يستطيع تشخيص المرضى إذا كان الوقت الذي يقضيه في السجن غير كاف ، وكيف يتم إعطاء المرضى النفسيين أدويتهم في الأوقات التي يحددها الطبيب.
بالطبع الخدمات الطبية النفسية ليست متوفرة في جميع السجون في جميع مناطق المملكة ، ولكن ربما يكون في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة وبعض المدن الآخرى الكبيرة ، لكن في المدن الصغيرة والقرى ، لايوجد أطباء نفسيون يُراعون ويُعالجون المرضى النفسيين الذين يقبعون في السجون وربما تكون الجريمة التي ارتكبها هي بسبب مرضه النفسي أوالعقلي.
ليس الأمر مقتصراً على المدن الصغيرة والقرى ، بل ان في الرياض بعض السجون لا يوجد فيها رعاية نفسية للمرضى النفسيين. وقد مررت بتجربة مع أحد سجون الرياض ، وفيه سجناء من جميع الفئات. ولكن ليس هناك رعاية نفسية للمرضى النفسيين الذين يُعانون من أمراض نفسية ، بل ان المرضى لا يتناولون علاجهم الذي يوصف لهم من قبل الطبيب النفسي المعالج.
المشكلة الأخرى أن المستشفى لا يقبل أحياناً أن يحوّل المرضى النفسيين إلا إلى مستشفى الأمل حتى ولوكانوا يُعالجون في مستشفى آخر معهم مواعيد في تللك المستشفيات التي يتعالجون فيها وهي مستشفيات حكومية كبيرة مثل المستشفى العسكري أوالجامعي مثلاً.
أحد المرضى كان يُتابع معنا لفترة طويلة ، حيث أنه كان منوّماً في القسم النفسي ، بعد ذلك تم أخذه إلى سجن الملز ، وأصبح يأتي في مواعيد مرات ومرات لا يستطيع الحضور ، ولا أعرف لماذا لا يمكن أن يأتي إلى المستشفى في مواعيده التي يُعطيها له طبيبه المعالج ، وفي نهاية الأمر أعتقد أنه تم تحويله إلى مستشفى الأمل في الرياض ، ولا أعرف أي مبرر لأن يتم حرمان مريض نفسي من علاجه في مستشفى حكومي رسمي ليُعالج في مستشفى آخر ، ولماذا لا تعترف السجون إلا بمستشفى الأمل لعلاج المساجين حتى من كانوا يتابعون في مستشفيات آخرى حكومية وكبيرة وبها أقسام نفسية بها استشاريون وفرق كاملة للعلاج النفسي وكذلك أقسام داخلية للتنويم.
مريض يُعاني من اضطراب نفسي وله مشاكل قادته إلى السجن وأعطي مواعيد ولكن كما ذكرت في كلماتٍ سابقة في هذا المقال فإن حضوره لمواعيده لم يكن منتظماً وكما ذكر لي فإن علاجه لم يكن يُعطى له بانتظام.
شاب آخر عانى من اضطراب نفسي وحاول أهله إدخاله إلى المستشفى ولكنهم لم يستطيعوا وحاولوا الاستعانة بأي جهة لمساعدتهم ، فطلبوا من الشرطة التي أحالتهم إلى الدوريات وبدورهم دوريات الأمن أحالوهم إلى الهلال الأحمر الذي لاينقل المرضى النفسيين ، وعند ذلك جاء من يقول لهم لو ان أباه اتهمه بالعقوق فسوف تقوم الشرطة بالقبض عليه ثم تسليمه إلى المستشفى إن استدعى الأمر ، وفعلاً هذا ما فعله والده المسن ، الذي ربما يكون قد تجاوز الثمانين من العمر. وتم إدخاله إلى المستشفى وعند خروجه من القسم النفسي بالمستشفى جاءت الشرطة لتأخذه إلى سجن الملز ايضاً ، وبرغم تنازل والد المريض عن قضية العقوق إلا أنه بقي في السجن ، وأُعطي موعداً للحضور للمستشفى إلا أنه لم يحضر ، وجاءت والدة الشاب إلى المستشفى ، حيث قالوا لها في سجن الملز بأنهم سوف تتم إحالته إلى مستشفى الأمل ، برغم أن ليس له أي علاقة بمستشفى الأمل ، والشرطة جاءت إلى مستشفى آخر ،حكومي وأخذته إلى سجن الملز ، ورفضوا جلبه إلى المستشفى الذي أخذوه منه ، برغم أن معه موعدا للحضور للعيادات الخارجية في المستشفى الذي يُعالج فيه ، ولكن ادارة السجن رفضت إرساله إلى المستشفى وطلبت من والدة الشاب السجين بتهمة العقوق أن تذهب وتحضر خطابا من المستشفى الذي يُعالج فيه، ونظراً لأن والده طاعن في السن فإن هذا الوالد لم يستطع الحضور ولم يكن هناك من أحدٍ يدور بين سجن الملز والمستشفى الذي يُعالج فيه المريض إلا والدة المريض المسكينة ، والتي تاهت بين أنظمة غير مفهومة بالنسبة لها ، فهي تُريد إخراج ابنها من السجن ولكن المشكلة أن هناك قضية عليه وهي قضية عقوق رفعها والده المسن لكي تقوم الشرطة بنقله إلى مستشفى يتعالج فيه ، ولكن الأمر تعقّد ولم تعرف الوالدة ماذا تفعل؟
هذه قصص وربما هناك الكثير من القصص المشابهة لمرضى نفسيين في السجون يُعانون ، خاصةً في السجون البعيدة عن المدن البعيدة أو بعض السجون الصغيرة حتى في المدن الصغيرة.
أنا أعلم أن إدارة السجون تحاول مساعدة المساجين بكل ما تستطيع ولكن أرى أن وضع المرضى النفسيين في السجون ليس جيداً ، إن هناك جهودا من إدارة السجون لتطوير السجون ولمساعدة المساجين للتخفيف من المضايقات التي يُعانون منها ، لكن موضوع المرضى النفسيين لا أدري لماذا لا يحظى بعناية المسؤولين عن السجون ، وإذا كان وضع المرضى النفسيين في سجن الملز بهذا السوء فكيف يكون وضعهم في المدن النائية والقرى البعيدة التي لا يتوفر فيها أطباء نفسيون أصلاً في المستشفيات التي في تلك المدن الصغيرة والقرى ، بالتأكيد ان علاج المرضى النفسيين الذين يقبعون في تلك السجون التي في المدن الصغيرة والقرى النائية ليس متوفراً.
أنا أعلم الأعباء الملقاة على عاتق المسؤولين عن إدارة السجون لكن يظل هناك الكثير من الذي يمكن لهم أن يفعلوه لتخفيف معاناة المساجين ، وما يخصني في هذا المقال هو وضع المرضى النفسيين في السجون ، ويمكن لإدارة السجون بالتنسيق مع وزارة الصحة أن يُخصص مستشفى نفسي في المملكة لجميع المرضى النفسيين الذي محكوم عليهم بالسجن في قضايا جنائية أوغيرها ، وليس هذا بالأمر الصعب. لقد زرتُ مستشفى الصحة النفسية في الطائف المعروف بشهار قبل عدة سنوات ، وكان هناك قسم للمرضى النفسيين الذين حكم عليهم في قضايا جنائية كبيرة ، ولكن هذا لا يكفي ، فيظل قسماً صغيراً في مستشفى يُعاني الكثير من مشاكل التشغيل ، لكن لو تم كما هو الحال في المستشفيات في بريطانيا مثلاً حيث يكون مستشفى خاصاً بالمرضى النفسيين الذين حُكم عليهم بعقوبة السجن لفترات قد تطول أو تقصر ، ويكون تحت إشراف وزارة الداخلية ووزارة الصحة ، كما هو معمول به في الدول المتقدمّة ، حيث ان اختلاط المرضى النفسيين بالسجناء العاديين قد يكون مآله غير مرغوب حيث يمكن استخدام المرضى النفسيين في عمليات غير مرغوبة مثل استخدامهم في عمليات الإرهاب او تهريب المخدرات أو في أي عمليات غير نظامية أو قضايا إجرامية يُخطط لها أشخاص مجرمون يُجنّدون في السجون مثل هؤلاء الأهداف السهلة التي لا تتمتع بعقليات ناضجة ومن ثم يمكن استغلالهم من قبل المجرمين الذين يبحثون عن مثل هؤلاء الضعفاء الذين لا يمكن أن يُدركوا نتائج الأفعال التي قد يكّلفهم بها بعض المجرمين. عندما يكون المستشفى خاصا بالمرضى النفسيين الذين محكوم عليهم بعقوبات ، يقضون عقوبات مع مرضى مثلهم وليس هناك سجناء خطيرين يُجنّدون السجناء البسطاء والمرضى النفسيين ، كذلك عندما يكون جميع نزلاء المستشفى مرضى نفسيين وسجناء ، فتستطيع وزارتا الداخلية والصحة العناية بالمرضى السجناء.
حتى يتحقق مثل هذا الأمر فآمل أن يتم التعامل مع المرضى النفسيين في السجون بطريقة أكثر اهتماماً ، لأن المريض النفسي له ظروف خاصة ويحتاج إلى أن يتناول علاجه وأن يُراجع طبيبه الذي يعالجه إذا كان يراجع مستشفى حكوميا وليس بالضرورة أن تكون البيروقراطية هي أساس التعامل مع المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة ، مثل أن يكون جميع السجناء يُراجعون مستشفى الأمل وكذلك ماهو مصير المرضى النفسيين الذين في المدن الصغيرة أو القرى النائية والذين محكوم عليهم في قضايا جنائية ومحكوم عليهم بقضاء عقوبة طويلة في السجن.
مشكورة ياعسل