اللادينية هي اتجاه فكري يرفض مرجعية الدين في حياة الانسان ويؤمن بحق الانسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو تحكم شريعة، فاللادينية لا تؤمن بأحكام وتصورات معصومة لا تقبل الجدل والنقاش، بل ترى أن النص الديني أيا كان اسمه هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة التي تسمو على الشك.
ويمكن تعريفها أيضا بأنها:
الاعتقاد ببشرية الأديان، بغض النظر عن الاعتقاد بفكرة وجود إله أو آلهة أو عدم الاعتقاد بذلك.
إستنادا إلى كتاب ثقافة اللادينية للمؤلفين كابورالي Rocco Caporale و جروميلي Antonio Grumelli التي طبعت في عام 1971 [1] فإن اللاديني هو شخص لايملك إيمانا بوجود الخالق الأعظم و في نفس الوقت لايملك قناعة بعدم وجود الخالق الأعظم بمعنى آخر انها مرحلة وسطية بين الأيمان و الإلحاد وهناك البعض ممن يعرف اللادينية كإلحاد ضعيف .
واللادينية ضمن هذا الفهم تختلف عن المفهوم التقليدي للإلحاد الذي يتخذ من قضية إنكار وجود الخالق منطلقا وركيزة أساسية، إذ تقدم اللادينية تصورا أكثر شمولا واتساعا للدين، فلا تختزل الدين بمجرد إلهية وإنما تطرح الإلهية باعتبارها جزءا صغيرا من منظومة فكرية واسعة، ومن هذا المنطلق فإن كل ملحد هو لاديني ولكن اللاديني ليس ملحدا بالضرورة بل تحمل اللادينية أطيافا متعددة لفهم الإلهية من الإنكار الكامل لها مرورا باللاأدرية أو عدم الاكتراث أصلا بوجود إله وانتهاء بإيمان خاص بوجود إله وفق فهم محدود لعلاقته بالانسان.
بعض اللادينيين يعتبرون السؤال الأزلي حول وجود الخالق سؤال غير مهم من الأساس ويرى علماء النفس هذه الظاهرة إما تعبير عن شك داخلي عميق بالمرحلة الإنقالية التي يمرون بها من الأيمان إلى الإلحاد او هي محاولة من اللاوعي للتخلص من الجدل الداخلي العميق بالركون إلى تجنب التعمق في إيجاد جواب لهذا السؤال الأزلي الذي حسمه أهل الأيمان و أهل الإلحاد منذ قرون [2]. هناك على الأغلب إلتباس بين مصطلح الإلحاد و مصطلحات أخرى مثل اللا دين و اللاأدرية ويرجع هذا الإلتباس إلى تداخل هذه التيارات مع بعضها و عدم وجود حدود واضحة تميز تيارا معينا عن الآخر ولكن هناك إجماع على إن اللاأدري يؤمن بإن استعمال دين او فلسفة معينة لتأكيد او نفي وجود الخالق الأعظم مهمة مستحيلة و غير مثمرة ولاتضيف شيئا إلى السؤال الأزلي حول معنى الحياة وكلمة اللاأدري هي ترجمة لكلمة إنجليزية مشتقة بدورها من كلمة لاتينية Agnosis وتعني حرفيا عدم المعرفة.
غير ان البعض يميز بينها ويقسمها إلى عدة أقسام هي:
1- اللاأدرية: وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان (كونها من صنع الانسان لا من عند اله) مع التوقف في الجزم بوجود أو عدم وجود إله لعدم كفاية الأدلة على ذلك.
2- الألوهية: وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان (كونها من صنع الانسان لا من عند اله) مع الاعتقاد بوجود إله أو قوةٍ ما أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون والانسان.
3- الالحاد: ويعني الاعتقاد بعدم وجود إله أو آلهة أو أي شيء خارج قوانين الطبيعة.
بدأت تتشكل في العالم العربي والإسلامي حديثاً حركات إلحادية ولادينية ولكنها لا زالت تخشى الملاحقة من الهيئات .وظهرت في السنوات الأخيرة اصوات تحاول تنظيم نفسها وتنشر الفكر الإلحادي في العالم العربي ولكنها لاتزال في مرحلة بدائية جدا ويقتصر نشاطهاعلى شبكة الإنترنت ويتبادل هؤلاء الأشخاص الآراء تحت أسماء غير معروفة ومعظم هذه الأصوات لاتزال في مرحلة التشكيك البدائية بالدين والتي مرت بها الفكر الإلحادي في أوروبا منذ قرون حيث إن الإلحاد الأوروبي يركز الآن على جعل الإلحاد يرتقي إلى مستوى فلسفة مستقلة لها تطبيقات عملية وغرضها الرئيسي الموضوعية و البحث العلمي ولا تعنى بنقد الديانات وتبيين ما تتضمنه من معتقدات وأفكار وممارسات لا يوجد دليل عقلي أو مادي يثبت صحتها أو منفعتها حسب رأيهم.
اللادينية وحرية الرأي
إنّ من أهم الأمور التي يركز عليها اللادينيين هو حرية الشخص في التعبير عن رأيه دون الخضوع لأي قيد ديني بخصوص هذا الشأن ،وحجة اللادينيين في هذا الأمر واضحة جدا وهي أنّ الشخص المتدين يريد الحق لنفسه في نقد الأديان والعقائد الأخرى ،طبعا طالما من حقه أن ينقد الأديان الأخرى فمن حق الآخرين نقد دينه. غير أنهم بالوقت نفسه يتعاملون مع تعريف مبسط و فضفاض لحرية الرأي حيث أنهم يدعون الحاجة لحرية رأي بدون حدود و هو الأمر المتعذر تطبيقه.
يدعي اللادينيين أنهم قد استطاعواأن يثبتوا بالأدلة الموثقة التي لا تقبل الشك أنّ الدول القائمة على أساس لاديني هي أكثر الدول تحقيقا لحرية الرأي ،مما يدل على صحة ما يدعون إليه في أنّ اللادينية تستطيع تحقيق حرية الرأي أكثر من غيرها. غير أن ذلك الادعاء يتعارض مع تحالف اللادينيين مع العديد من الحكومات العربية القمعية و التي هي تحابي العلمانية و تحارب الاتجاهات الدينية. بالإضافة إلى ذلك إن بعض أسوأ الدكتاتوريات في القرن العشرين هي بالحقيقة قائمة على معاداة الدين (كالاتحاد السوفييتي و كوريا الشمالية). تتهم الاتجاهات اللادينية أيضا بأنها مطية للاستعمار إلى دول العالم العربي و بذلك تصبح طريقا لسلب الحرية بدلا من تعزيزها.