كانت مصر هي الوطن الأول الذي نشأت فيه اليهودية، و بالتالي فإن الوجود اليهودي بمصر هو الأقدم في العالم حتى لو قورن بفلسطين ، ذلك أن الوصايا العشر التي تعد البداية الفعلية لليهودية نزلت بشبه سيناء، التي تعد جزء من مصر منذ عهد الأسرات الفرعونية الأولى و الدلائل الأثرية الفرعونية بسيناء تؤكد على مصريتها.
العلاقة بين اليهود و مصر في العصر الفرعوني، و بدأ تأسيس الجالية اليهودية في مصر
رغم الخروج اليهودي من مصر، بما فيه الخروج من سيناء، فإن العلاقة بين اليهود بعد هزيمتهم للكنعانيين و إستيطانهم مكانهم بفلسطين، لم تنقطع تماما، فيرد ذكر مصر و بعض حكامها في التاناخ ( المعروف في المسيحية بالعهد القديم أو التوراة و المزامير و الأمثال و كتب الأنبياء)، و قد تراوحت العلاقة بين علاقات طيبة إلى عدائية، فنجد على سبيل المثال ذكر لزواج الملك سليمان، س، ثاني ملوك بني إسرائيل، من ابنة فرعون مصر – أي حاكم مصر – كتاب الملوك الأول، الفصل الثالث، الآيتان 1 و 2. مثلما أيضا نجد أيضا تحالفات أقامها بعض الملوك من نسل داود، س، مع حكام مصر، تلك التحالفات التي أدانها أنبياء بني إسرائيل في التاناخ. و على الجانب الأخر نجد أيضا علاقات عدائية أحيانا أخرى كما في النص الذي أمر بنقشه الملك مرينبتاح بن رمسيس الثاني، و الذي يخلد فيه إنتصاره على إسرائيل بقوله: و إسرائيل هزمتها لم يعد لساكنيها من وجود.
و في أوقات الأزمات التي بدأ يتعرض لها اليهود من سكان المملكة الجنوبية، و التي حكمها الملوك من نسل داود، س، مع نهايتها، بدأ سكانها في النزوح لمصر، برغم نهي التوراة الصريح لهم بالعودة لمصر. و برغم تحذير النبي إرميا من النزوح لمصر، كتاب إرميا الفصول 41 و 42 و 43 و 44 . و إن كان هذا النزوح لا يمنع أن تكون هناك جاليات يهودية سابقة على نزوح اليهود في عهد إرميا، ذلك إن العلاقات التجارية كانت قائمة بين مصر و اليهود المقيمين بفلسطين، كما ذكر في التاناخ إستيراد سليمان، س، بواسطة تجاره، لخيول و مركبات مصرية، كتاب الملوك الأول، الفصل العاشر، الآيات 28 و 29. و كان نزوح اليهود في عهد إرميا النبي، معاصرا لحكم الملك المصري إبريس من ملوك الأسرة السادسة و العشرين الفرعونية. كما أن بعض اليهود عملوا كمرتزقة في جيوش الأسرة السادسة و العشرين الفرعونية، فأقام لهم أحد ملوكها مستعمرة في جزيرة الفنتين – فيلة – في جنوب مصر و سمح لهم بإقامة معبد هناك، و تواجد اليهود في مدينة أسوان، و قد إغلق المعبد في العصر الفارسي بأمر من الملك داريوس توددا للكهنة المصريين للإله خنوم المقيمين بالجزيرة، حيث شكل وجود المعبد اليهودي بالقرب منهم شوكة في أعينهم على حد تعبير أودلف أرمان (عالم المصريات الشهير)، كما إختفت المستعمرة و الوجود اليهودي في بدايات القرن الرابع قبل الميلادي. أما عن اليهود النازحين، الناجين من السبي البابلي، و القادمين في عصر النبي إرميا، فقد إستقروا أولا في مدينة تحفنحيس الواقعة على مشارف دلتا النيل، و منها تفرقوا في أنحاء مصر المختلفة فمنهم من إستقر بمنف و تانيس و منهم من أقام بالدلتا و الصعيد.
يهود مصر في العصر البطلمي
ظٹظ‡ظˆط¯ مصر في العصر الروماني
رحب اليهود بدخول الرومان لمصر في عهد أخر ملوك البطالمة، الملكة كليوبترا السابعة، و قد كافىء أكتافيوس، الذي عرف فيما بعد بإسم أغسطس، اليهود على تأييدهم إياه، بأن أبقى لهم حقهم في مجلس للشيوخ و أكد على إحترام جميع حقوقهم التي كانت لهم في العصر البطلمي. في حين حرم سكان الأسكندرية الذين رفضوا الإحتلال الروماني لمصر، من حقهم في وجود مجلس لهم، بما جعل العلاقة بين اليهود و سكان الأسكندرية متوترة طوال العهد الروماني، و وصلت لحد الصدمات المسلحة الدموية في بعض الأحيان، و رفع أحيانا كل طرف شكواه للعاصمة الرومانية روما. على إن اليهود لم يحافظوا على المزايا التي تمتعوا بها طوال العهد الروماني بمصر، و ذلك لثوراتهم المتعددة على إمتداد القرنين الأول و الثاني للميلاد. و كانت أكبر ثوراتهم في عهد الإمبراطور ترجان عام 115 للميلاد و إستمرت لفترة وجيزة من عهد الإمبراطور هدريان، فبالرغم من إنها أخمدت بسرعة في الأسكندرية إلا إنها ظلت مشتعلة لثلاث أعوام في صعيد مصر من نهاية الدلتا إلى إقليم طيبة بصعيد مصر، و ظل صعيد مصر ميدانا لحرب عصابات خلال تلك الأعوام الثلاثة. و قد ظل المصريين في بعض مناطق مصر الوسطى، يتذكرون أحداث تلك الثورة بالرغم مرور مائة عام على إشتعالها، و ظل المصريين في تلك المناطق يذكرون الرومان بصدقاتهم عندما حاربوا معهم جنبا إلى جنب ضد اليهود، و ظلت ذكرى إخماد تلك الثورة إحتفالا للمصريين بالرغم من مرور مائة عام على حدوثها، فقد كانت ثورة مدمرة دمرت فيها طرق و أحرقت فيها بيوت و خربت فيها ممتلكات. كانت نتيجة ثورات اليهود، أن قلص الرومان إمتيازتهم، ففي عام 70 للميلاد، و بالرغم من عدم اشتراك يهود مصر في الثورة التي حدثت في فلسطين، فإن السلطات الرومانية أغلقت معبد اليهود بمنف، كما ألزم اليهود بدفع ضريبة قيمتها درخمتان عن كل ذكر بالغ، و التي كانوا يقدمونها من قبل للمعبد الرئيسي ببيت المقدس، و ذلك لبناء معبد للإله الروماني جوبيتر الذي أحرق اليهود معبده في ثورتهم تلك ببيت المقدس. و قد إستمر الرومان في جباية تلك الضريبة حتى بعد إنتهاء بناء المعبد و ذلك حتى القرن الثاني للميلاد. على إن الرومان لم يحاولوا رغم ذلك أن يرغموا اليهود بمصر على التحول عن عاداتهم، فأبقي لهم حق العيش حسب معتقداتهم و عادتهم، و سمح لهم بختان مواليدهم، و هو الأمر الذي حرم منه المصريين فيما عدا الذين يسلكون سلك الكهنوت.
أما عن أعداد اليهود في ذلك العصر، فيلاحظ ضخامتها بالمقارنة بالعصور التالية مع إنتشار المسيحية و الإسلام، حيث وصل عدد اليهود في دول حوض البحر المتوسط في العصر الروماني إلى ما لا يقل عن عشرة بالمائة من السكان. و ذكر العهد الجديد الكثير من تلك التجمعات، و أورد فيلون السكندري اليهودي أن تعداد يهود الأسكندرية في حياته كان مليونانسمة و كان الحي اليهودي هو أحد الأحياء الخمسة بالمدينة. على إنه يجب الأخذ في الإعتبار بأن اليهود في العصرين البطلمي و الروماني عرف عنهم نشاطهم التبشيري المحموم، و الذي أشار إليه الإنجيل، بما يعني أن هناك فارق بين اليهودي في العصرين الإغريقي و الروماني و ما سيليهما من عصور، و بين بني إسرائيل الأصليين.
يهود مصر في العصر الحديث
كانت ان آخر احصائية لتعداد اليهود في مصر كانت عام 2024 و بلغ عددهم 4088 ألاف نسمة موزعين بين القاهرة و اسكندرية و أقلية منهم لا تتجاوز 242 يعيشون في الفيوم و هم آخر من تبقى من الطائفة العريقة التى كان عددهم وقت انشاء دولة إسرائيل عام 1948 مليون و989 ألف نسمة و كانوا أعضاء فاعلين في المجتمع المصرى يبنون مع باقى طوائف الشعب المصرى مصر الحديثة و هذا غير اليهود الأجانب الذين كانوا يعيشون في مصر و كان عددهم لنفس الفترة الزمنية يبلغ 2 مليون نسمة فكانت بذلك مصر ثانى أكبر دولة في العالم يعيش فيها يهود بعد الولايات المتحدة . واليهود المصريين أصحاب ثقافة فرنسية و لهذا فقد هاجر الكثير منهم إلى فرنسا و بلجيكا و سويسرا واقليم الكبيك في كندا حيث يوجد جاليات كبيرة منهم في هذة الدول تحديدا هذا غير كثيرين يقيمون في الولايات المتحدة و استراليا و الأرجنتين و بريطانيا . أما اليهود من أصل مصرى في إسرائيل فعددهم في أحصاء عام 2024 بلغ 294 ألف نسمة .هذا و يعتبر اليهود المصريين هم أكثر يهود العالم العربى انفتاحا على الغرب بسبب ثقافتهم و اهتمامهم الشديد بالتعليم كما تعتبر مصر من أكثر الدول العربية أنفتاحا و تقبلا للمبادئ الغربية .