سورة ط¨ط±ط§ط،ط©
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ ) الآية 23-24.
قال الكلبي: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه وأخيه وامرأته: إنا قد أمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه، ومنهم من يتعلق به زوجته وعياله وولده، فيقولون: ناشدناك الله أن تدعنا إلى غير شيء فنضيع، فيرقّ فيجلس معهم ويدع الهجرة، فنـزل قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ ) الآية. ونـزل في الذين تخلفوا بمكة ولم يهاجروا قوله تعالى: ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ ) إلى قوله: ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) يعني: القتال وفتح مكة.
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ) 34
نـزلت في العلماء والقراء من أهل الكتاب كانوا يأخذون الرشاء من سفلتهم، وهي المآكل التي كانوا يصيبونها من عوامهم.
قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنـزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) الآية 34.
أخبرنا أبو إسحاق المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن نصير قـال: حدثنـا عمرو بن زرارة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حصين عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر فقلت له: ما أنـزلك منـزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: ( وَالَّذِينَ يَكْنـزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) فقال معاوية: نـزلت في أهل الكتاب، فقلت: نـزلت فينا وفيهم، وكان بيني وبينه كلام في ذلك، وكتب إلى عثمان يشكو مني، وكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها، وكثر الناس عليّ حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت وكنت قريبا، فذلك الذي أنـزلني هذا المنـزل ولو أمروا عليّ حبشيًا لسمعت وأطعت، رواه البخاري، عن قتيبة، عن جرير، عن حصين. ورواه أيضًا عن عليّ، عن هشيم.
والمفسرون أيضًا مختلفون: فعند بعضهم أنها في أهل الكتاب خاصة. وقال السدي: هي في أهل القبلة. وقال الضحاك: هي عامة في أهل الكتاب والمسلمين. وقال عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنـزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) قال: يريد من المؤمنين. أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار قال: حدثنا سليمان بن أيوب الطبراني قال: حدثنا محمد بن داود بن صدقة قال: حدثنا عبد الله بن معافي قال: حدثنا شريك، عن محمد بن عبد الله المرادي، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: لما نـزلت: ( وَالَّذِينَ يَكْنـزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تبا للذهب والفضة"، قالوا: يا رسول الله فأي المال نكنـز؟ قال: "قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا وزوجة صالحة".
قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا ) الآية 38.
نـزلت في الحثّ على غزوة تبوك، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف وغزوة حنين أمر بالجهاد لغزو الروم، وذلك في زمان عسرة من الناس وجدب من البلاد وشدة من الحر، حين أخرفت النخل وطابت الثمار، فعظم على الناس غزوة الروم وأحبوا الظلال والمقام في المساكن والمال، وشقّ عليهم الخروج إلى القتال، فلما علم الله تثاقل الناس أنـزل هذه الآية.
قوله تعالى: ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ) 41.
نـزلت في الذين اعتذروا بالضيعة والشغل و انتشار الأمر، فأبى الله تعالى أن يعذرهم دون أن ينفروا على ما كان منهم.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن عليّ قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان عن أنس قال: قرأ أبو طلحة: ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ) فقال: ما أسمع الله عذر أحدًا، فخرج مجاهدًا إلى الشام حتى مات.
وقال السدي: جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عظيمًا سمينًا، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنـزلت فيه: ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ) فلما نـزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله تعالى وأنـزل: ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى ) الآية. ثم أنـزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى: ( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا ) الآية. وقوله تعالى: ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا ) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج ضرب عسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أُبيّ عسكره على ذي جده أسفل من ثنية الوداع، ولم يكن بأقل العسكرين، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أُبيّ بمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، فأنـزل الله تعالى يعزي نبيه: ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا ) الآية.
مشكورة غناتي