الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : « امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين ).
الحديث الثالث: عن أبي الدرداء قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكوقسوة قلبه قال : « أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك : ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلين قلبك وتدرك حاجتك .
الحديث الرابع: عن عبد الله بن جعفر قال : لورأيتني وقُثم وعبيد الله ابني عباس ونحن صبيان نلعبُ إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة فقال : « ارفعوا هذا إلي »، فجعلني أمامه، ثم قال لقُثم: « ارفعوا هذا إلي »، فجعله وراءه، وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم، فما استحى من عمه أن حمل قُثماً وتركه، قال : ثم مسح على رأسي ثلاثاً، وقال كلما مسح : « اللهم اخلف جعفراً في ولده » قال : قلت لعبدالله: ما فعل قُثم ؟ قال : استشهد، قلت : الله أعلم بالخير ورسوله بالخير، قال : أجل).
المْسحُ : إمرارك يدك على الشيء السائل أوالمتلطخ تريد إذهابه بذلك كمسحك رأسك من الماء وجبينك من الرشح). ويقال : مسح رأسه أمرّ يده عليه، ومسح يده على رأس اليتيم), وسمي المسيح عيسى ابن مريم مسيحاً على وزن فَعيل بمعنى فاعل، فعول منه مبالغة، قيل : لأنه كان يمسح رأس اليتيم).
اللمس: هوالجسُّ، وقيل المسُّ باليد، ويفرق بينهما فيقال : اللمس قد يكون مس الشيء بالشيء ويكون معرفة الشيء وإن لم يكن ثم مس لجوهر على جوهر، والملامسة أكثر ما جاءت بين اثنين. واللمس قوة مثبتة في جميع البدن تدرك بها الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، ونحوها عند الاتصال به .
وقال ابن دريد : أصل اللمس باليد ليعرف مس الشيء، ثم كثر حتى صار اللمس لكل طالب))). قال ابن جني : ولابد مع اللمس من إمرار اليد وتحريكها على الملموس ولوكان حائل لاستوقفت به عنده))).
ولم أجد من أصحاب اللغة من فرّق بين المسح واللمس، إلا أن تعريف كل منهما يختلف عن الآخر، حيث أدركت من خلال كلا التعريفين أن القاسم المشترك بينهما هوإمرار اليد على الملموس أوالممسوح، وأن اليد هي الأداة المهمة في المسح أواللمس
وأما الفارق بينهما فهوأن المسح يكون مصحوباً بإزالة شيء، هذا ما لم يضمن معنى الإمرار، وأما اللمس فإنما يكون ليعرف اللين من الخشونة، والحرارة من البرودة، وكذلك أن اللمس من الممكن أن يتحقق بالأنامل بينما المسح لابد فيه من كف اليد .
دراسات علمية عن أثر اللمس أو المسح:
واتبعه صحابته الكرام -ومن أتى بعدهم إلى يومنا هذا- على تلك الطريقة . وحاجة الإنسان إلى اللمس لا تقتصر على المرحلة الأولى من عمره، بل يحتاج إليه الصبي والمراهق والزوج والزوجة والشيخ الكبير والأم العجوز …
فالإنسان في حاجة ماسة للمس في جميع مراحل حياته، وبسبب أهميته اعتبر أحد الحواس الخمس الضرورية للإنسان .
نظرية الملامسة (Proximity Theory):
يتبع
أثبتت دراسة في جامعة كولورادوالطبية ) Colorado School Medicine ( على القردة أن المخ السليم في اللمس السليم . وذلك من خلال تلك التجربة التي تم فيها حرمان قردة من لمس أمهم وترك قردة في حضن أمهاتهم؛ حيث وجد أن القردة التي حرمت من حضن أمها كان لديها تغيير في موجات الدماغ وخلل عام في الصحة، وحين يتم إعادة القرد إلى أمه كان كل شيء يعود إلى طبيعته بما فيه موجات الدماغ .
و في تجربة أخري على الفئران وجد أن الفأر الصغير الذي حرم من لمس أمه ينضج بشكل أقل وأبطأ من الفأر الذي تلمسه أمه، كما أن هرمونات الفأر الملموس أفضل. أما حركته فهي كثيرة ومبتهجة قياساً على الفأر الذي لا يلمس والذي يكون منطوياً وكئيباً.
ووجد اختصاصي الأعصاب ) Sual Schanberg ( في تجارب على الأسماك والفئران وغيرها من الحيوانات، لسنوات طويلة من البحث أن المخلوقات التي لا يتم لمسها لا تنموبشكل صحيح، وفي دراسته الدقيقة على هرمون النموأكد أن هذا الهرمون الرئيس لا يعمل بشكل جيد إذا لم يتم لمس المخلوقات.
فقد أجريت بعض التجارب على توائم من الحيوانات )الماعز( حيث فُصل عن الأم أحد التوأمين، بينما بقي الآخر معها طوال مدة طفولته، وقد لوحظ فرق كبير بين سلوك الحيوانين، إذ أن الحيوان الذي تربى مع أمه كان طليقاً في حركاته، بينما الثاني الذي تربى بعيداً عن أمه كان كسولاً متباطئاً يميل إلى العزلة.
يتبع
2. تطبيقات النظرية على الإنسان :
في دراسة على الأيتام في الحرب العالمية الثانية أجريت على الأطفال الرضع الأيتام الذين يتم لمسهم من قبل الممرضات والمعتنيات، مقارنة بالأطفال الذين تتوفر لهم نفس ظروف الغذاء والملبس والعناية الطبية ولكن بدون لمس
وجدت هذه الدراسة أن الطفل الذي يلمس مقارنة بالطفل الذي لا يلمس، يزيد وزنه بمعدل 47 بالمائة، وجهازه العصبي ينضج أسرع، ويكون أكثر نشاط، ويتشافى من الأمراض والالتهابات أسرع، وبعد أن يكبر قليلاً تكون نتائج الاختبارات العقلية والنفسية عنده أفضل .
تمت هذه الدراسة السابقة بعد ملاحظة واضحة على جناحين للأطفال الأيتام الصغار في بداية الحرب العالمية الثانية، حيث لوحظ أن جناحاً من الأجنحة التي فيها أطفال أيتام صغار يبدون أكثر صحة وأقل بكاءً من الأجنحة الأخرى التي فيها الأطفال الأيتام أكثر مرضاً وأكثر بكاءً؛ بل وأكثر وفيات .
ولم يرصد في الفروق إلا حضور امرأة عجوز واحدة متطوعة، هذه المرأة تحضر كل يوم لتحضن الأطفال الواحد تلوالآخر، أو تفتح ذراعيها وتلم أكبر قدر من الأطفال . هذا الاحتضان، تلك اللمسة جعلتهم أفضل، وتتابعت بعد ذلك الوقت دراسة علم دور اللمس في النموالسليم العام للطفل نفسياً، وعاطفياً، وبدنياً .
و في دراسة للباحث اكريمان ) 1991 ackerman ( وجد أن الطفل الذي يحصل على مسح جيد من قبل أفراد أسرته يكون أقل عدوانية وأقل مشاكل في المدرسة والبيت قياساً على الطفل الذي لا يحصل على لمس والديه. وقد أثبت علم النفس أن للَّمسات أثراً عميقاً في نفسية وسلوك الإنسان، واللمسات تعتبر وحدة الإدراك والاعتبار، أي هي الأساس لاعتبار الناس والاعتراف بوجودهم وإعطائهم قيمتهم .
ومن الأمثلة التي تدلك على أهمية التواصل الودي بين البشر، دراسة قام بها مجموعة من الباحثين الكوريين على مجموعة من الأطفال الرضع الأيتام، حيث عمدوا إلى زيادة فترة المداعبة والتواصل البصري، واللعب مع سيدات متطوعات لمدة 15 دقيقة، فكانت النتيجة أن زادت أوزان هؤلاء الأطفال، وأطوالهم، ومحيط رأسهم خلال 4 أسابيع وقلة أمراضهم مقارنة مع أطفال لم يتم إخضاعهم لهذه التجربة
يتبع
وجه ا لإعجاز في المسح على ر أس اليتيم:
واستخدام اليد اليمنى لأداء تلك الشعيرة في الوضوء هوما أمرنا به الله عز وجل في قوله تعالى : (وَامْسحُواْ بِرُؤُوِسكُمْ) ؛ ولأن اليد اليمنى تستخدم في السلام على الآخرين وتتصل بهم، نالت شرف المسح على أهم عضو في جسم الإنسان وهوالرأس .
والجدير بالذكر أن اليد اليمنى تُعد القطب الموجب ) Male ( لطاقة الإنسان، واليد اليسرى هي القطب السالب ) Female (، وهذا يعني أن النصف الأيسر من الدماغ يمثل القطب الموجب للطاقة، والنصف الأيمن للدماغ يمثل القطب السالب، وتبلغ قوة تدفق موجات الطاقة من اليد اليمنى ثلاثة أضعاف قوة تدفق موجات الطاقة من اليد اليسرى) .
ومنطقة الرأس هي منطقة طاقة الاتصال المحيطي بالآخرين، ففيها الجهاز العصبي، وفيها الدماغ الذي توجد فيه جميع الأعضاء في مناطق مختلفة منه، وهومنطقة كرامة الإنسان.
عندما يضع الشخص )الماسح( يده على رأس اليتيم يحدث اتصال بينهما، فهوعند المسح يقوم بإزاحة وإزالة تلك الشحنات السلبية التي يحملها ذهن اليتيم، وبتكرار تلك العملية يهدأ ذهن اليتيم ويطمئن ويرتاح جسده
والبديع في تلك العملية أنه يحدث لكلا الشخصين )الماسح واليتيم( علاج عضوي من جراء تلك العملية)))، وهذا ما أكده الدكتور )نيل سولو( من أن اللمس هوأكثر علاج موجود في الدنيا يعطي آثاراً إيجابية للطرفين المتلامسين، معطي اللمس ومستقبل اللمس، في ذات الوقت).
وهنا يكمن الإعجاز في عملية المسح، فهوينشط مسارات الطاقة المختلفة لدى الإنسان، ويعطي آثاراً إيجابية لكلا الطرفين المتلامسين، ويبين الأثر الكبير لليد اليمنى في عملية المسح.
يتبع
الأول : على اليتيم : أشار (معهد لمسه للبحوث) إلى الآثار الإيجابية المترتبة على العلاج باللمس في جميع مراحل الحياة من حديثي الولادة إلى كبار السن والتي منها:
1. تسهيل زيادة الوزن عند الخدج.
2. يعزز الانتباه.
3. يخفف أعراض الاكتئاب.
4. يقلل الألم.
5. يقلل من هرمونات الإجهاد.
6. يحسن وظائف المناعة.
فالملاحظ أن العلاج باللمس، والذي من صوره مسح الرأس، أنه يقضي على كثير من الأمور السلبية التي ترهق الإنسان في يومه، كما أنها يضفي إلىه أموراً حسنة نحوزيادة الوزن للخدج، وتحسين أجهزة المناعة في الجسم .الثاني : على الماسح علي رأس اليتيم:
حتى يرغب المصطفى صلى الله عليه وسلم المسلمين في عملية المسح على رأس اليتيم، جعل هذا الفعل مفتاحاً لأمراض القلوب، وطريقاً لإدراك الحاجات، وكلا الأمرين نحن في حاجة ماسة إلىه، فالمرء في هذه الحياة يتعرض لكثير من الأمور التي تُعرض قلبه إلى قسوة، ويحتاج إلى وسائل متعددة ترجع القلب إلى ما كان عليه من اللين والصفووالرقة .
يتبع
الخلاصة:
وإن الإنسان يدخر طاقة عظمى في كفه الأيمن لابد من أن يحسن توظيفها للآخرين ممن يتعايش معهم ومن هم في حاجة إليه .
وإن في اليتيم شحنات سلبية تظهر تلقائياً لفقده لأبيه، ولابد من مساعدته في التخلص منها، وأمثل طريقة تبين مدى تعاطف الآخرين معه وحنوهم عليه المسح على رأسه .
وإن في كف الإنسان الأيمن طاقة كبيرة، لذا استخدمها المصطفى صلى الله عليه وسلم في المسح على رأس اليتيم والمسح على موطن الألم للمريض . وإن رأس الإنسان الذي فيه الجهاز العصبي تهدأ موجة غضبه ونفرته من الآخرين بالمسح عليه أكثر من مرة .
منقول للإفادة
موووفقه