خطبة و بحث عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم 2024.

وفاة ط§ظ„ط±ط³ظˆظ„ صلى ط§ظ„ظ„ظ‡ ط¹ظ„ظٹظ‡ وسلم

عبدالعظيم بدوي الخلفي
ملخص الخطبة
1- بعض الأمور التي كانت علامات على اقتراب أجل النبي البرونزية. 2- بداية مرض رسل الله البرونزية الذي كان فيه موته. 3- ما حصل قبل ظˆظپط§ط© رسول الله بخمسة أيام. 4- حال الصحابة بعد وفاة رسول الله واتفاقهم على بيعة أبي بكر الصديق.
الخطبة الأولى

عن أبي سعيد الخدري البرونزية قال: خطب النبي البرونزية فقال: ((إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله))، فبكى أبو بكر، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله؟ فكان رسول الله البرونزية هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، قال: ((يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)).
كانت هذه الخطبة قبل أن يموت النبي البرونزية بخمس، وهذا يدفعنا إلى محاولة الوقوف على حقيقة هذه الأيام الأخيرة من حياته البرونزية، فنقول وبالله التوفيق: خرج رسول الله البرونزية في السنة العاشرة من الهجرة للحج، وفي هذه الحجة استشعرت النفوس قرب أجله البرونزية، وذلك لما نزل عليه فيها من القرآن الكريم، فقد نزل عليه البرونزية بعرفة قول الله تعالى: البرونزية اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا البرونزية [المائدة:3].
فلما تلاها البرونزية على أصحابه بكى عمر البرونزية، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان.
وقد أشار البرونزية إلى هذا الذي فهمه عمر فقال وقد وقف عند جمرة العقبة: ((خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد حجتي هذه)). وفي أوسط أيام التشريق نزلت عليه البرونزية سورة النصر، فنعى نفسه إلى فاطمة ابنته: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت النصر دعا النبي البرونزية فاطمة فقال: ((نعيت إلى نفسي))، فبكت.
فقال: ((لا تبكي فإنك أول أهلي لحاقاً بي)) فضحكت، فرآها بعض أزواج النبي البرونزية فقلن: يا فاطمة! رأيناك بكيت ثم ضحكت؟ قالت: إنه أخبرني أنه نعيت إليه نفسه فبكيت، فقال لي: لا تبكي فإنك أول أهلي لحاقاً بي فضحكت.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم، وما رأيت أنه أدخلني معهم إلا ليريهم. فقال: ما تقولون في قوله تعالى: البرونزية إذا جاء نصر الله والفتح البرونزية – السورة – فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله البرونزية أعلم به؟ قال: البرونزية إذا جاء نصر الله والفتح البرونزية ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا البرونزية وذلك علامة أجلك البرونزية فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا البرونزية.
فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول، وهكذا استشعرت النفوس قرب أجله البرونزية في حجة الوداع، ثم رجع البرونزية إلى المدينة في ذي الحجة فأقام بها بقيته والمحرم وصفرا، وبعث بعثا إلى الشام وأمر عليهم أسامة بن زيد البرونزية.
فبينا الناس على ذلك ابتدى البرونزية بشكواه التي قبض فيها، لما أراده الله له من رحمته وكرامته في بضع ليال بقين من صفر، أو أول شهر ربيع الأول.
وكان أول ما ابتدى به البرونزية صداع شديد يجده في رأسه، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((رجع رسول الله البرونزية ذات يوم من جنازة من البقيع وأنا أجد صداعا، وأنا أقول: وارأساه!! فقال البرونزية: بل أنا يا عائشة وارأساه. ثم قال: وما ضرّك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصلّيت عليك ودفنتك! قلت: لكأني بك والله لو فعلت ذلك فرجعت إلى بيتي فعرست فيه ببعض نسائك! فتبسم البرونزية، ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه.
وكان البرونزية يدور على نسائه، كلما أتى واحدة قال: أين أنا غدا؟ – يريد عائشة – حتى اشتد عليه وجعه، وغلبه على نفسه وهو في بيت ميمونة. فبينما هو كذلك لدّوه، فجعل يشير إليهم أن لا تلدّوني. فقالوا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدّوني؟ قالوا: قلنا كراهية المريض للدواء. فقال: لا يبقى في البيت أحد إلا لدّ، إلا عمي العباس فإنه لم يشهدكم.
ثم استأذن البرونزية نساءه أن يمرّض في بيت عائشة فأذنّ له. فخرج بين رجلين من أهل بيته حتى دخل بيت عائشة.
وكان البرونزية يقول: ((يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم)).
وكان البرونزية يخرج للصلاة فلما غلبه الوجع قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس. فقالت عائشة: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس، فقال البرونزية: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقلت لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس، ففعلت حفصة، فقال البرونزية: مه! إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا)).
قالت عائشة: لقد عاودت رسول الله البرونزية في ذلك، وما حملني على معاودته إلا أني خشيت أن يتشاؤم الناس بأبي بكر، وإلا أني علمت أن لن يقوم مقامه أحد إلا تشاؤم الناس به، فأحببت أن يعدل ذلك رسول الله البرونزية عن أبي بكر إلى غيره.
فكان أبو بكر البرونزية يصلي بالناس في حياته البرونزية.
ثم إنه البرونزية وجد من نفسه خفّة، فخرج يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطّان في الأرض من الوجع. فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي البرونزية أن مكانك. ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه، فكان البرونزية يصلي، وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر.
ويوم الخميس اجتمعوا عنده البرونزية وقد اشتد به وجعه، فقال: ((ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع، وقالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ استفهموه! فقال البرونزية: ((دعوني فالذي أنا فيه خير)).
ثم أراد البرونزية أن يخرج للخطبة، فقال لأهله: ((أهريقوا علي من سبع قرّب لم تحل أوكيتها لعلي أعهد إلى الناس، قالت عائشة: فأجلسناه في مخضب لحفصة، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده: أن قد فعلتن)).
قالت: ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.
عن أبي سعيد الخدري البرونزية قال: خطب رسول الله البرونزية الناس وقال: ((إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله. قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله البرونزية عن عبد خير، فكان رسول الله البرونزية هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله البرونزية: إن أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر)).
وعن جندب بن عبد الله البرونزية قال: سمعت رسول الله البرونزية قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ((إني أبرأ إلى الله أن يكون لي خليل منكم، وإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك)).
ثم انقطع البرونزية عن أصحابه بقية يوم الخميس، والجمعة، والسبت، والأحد، وبينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بالناس لم يفجأهم إلا ورسول البرونزية قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة ثم ابتسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله البرونزية يريد أن يخرج إلى الصلاة.
قال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله البرونزية، فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، ثم مات البرونزية ضحى ذلك اليوم الاثنين.
وقد وجد البرونزية من الموت شدة حتى قالت عائشة رضي الله عنها: لا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد ما رأيت النبي البرونزية.
وعن ابن مسعود البرونزية قال: دخلت على رسول الله البرونزية وهو يوعك فقلت: يا رسول الله، إنك توعك، وعكا شديدا، قال: ((أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم. قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: أجل. ذلك كذلك. ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفّر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها)).
وعن أنس البرونزية قال: لما ثقل البرونزية جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه! قال لها: ((لا كرب على أبيك بعد اليوم)).
وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما قالا: لما نزل برسول الله البرونزية طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتمّ كشفها عن وجهه ويقول: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
قالت عائشة: لولا ذلك لأبرز قبره، خشي أن يتخذ مسجدا.
وعنها قالت: كان رسول الله البرونزية يقول وهو صحيح: ((إنه لن يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير )). قالت: فلما نزل به ورأسه على فخذي غشى عليه ثم أفاق، فأشخص بصره إلى السقف ثم قال: ((اللهم الرفيق الأعلى)). فقلت: إذا لا يختارنا.
وكانت تقول: إن من نعم الله علي أن رسول الله البرونزية توفي في بيتي ويومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته. دخل علي عبد الرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسول الله البرونزية فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتنوله فاشتد عليه، فقلت: أليّنه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته فأمرّه، وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)) ثم نصب يده فجعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)) حتى قبض فمالت يده.
عن أنس البرونزية قال: (لما مات رسول الله البرونزية قالت فاطمة: يا أبتاه! أجاب ربا دعاه، يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه).
فلما مات البرونزية وضعت عائشة رأسه على وسادة وسجّته ببردة فاستأذن عمر والمغيرة فأذنت لهما وضربت الحجاب.
فنظر عمر إلى رسول الله البرونزية فقال: واغشياه! ما أشد غشي رسول الله البرونزية، ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر! مات رسول الله البرونزية، فقال عمر: كذبت! بل أنت رجل تحوسك فتنة. إن رسول الله البرونزية لا يموت حتى يفني الله المنافقين. فخرجا على الناس، وقام عمر يخطب الناس ويتوعد من قال مات بالقتل والقطع، ويقول: والله ما مات رسول الله البرونزية، وليبعثه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم.
فلما اختلفوا في موته البرونزية ذهب سالم بن عبيد إلى الصديق بمنزله وأخبره، وكان الصديق حين صلى الفجر ورأى رسول الله بخير انصرف إلى منزله، فجاء البرونزية فكشف عن رسول الله البرونزية فقبّله فقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيا وميتا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس: فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. قال تعالى: البرونزية إنك ميت وإنهم ميتون البرونزية، وقال: البرونزية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين البرونزية.
فنشج الناس يبكون، وقال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرفت أنه الحق، فعقرت حتى ما تقلّني رجلاي، وهويت إلى الأرض، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله البرونزية قد مات.
واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال حباب بن المنذر: لا والله لا تفعل، منّا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارا، وأعربهم حسبا، فبايعوا عمروا أو أبا عبيدة، فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله البرونزية، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس، وذلك يوم الاثنين الذي توفي فيه رسول الله البرونزية.
فلما كان الغد اجتمع الناس في المسجد، فصعد عمر المنبر فتكلم وأبو بكر صامت فقال عمر: كنت أرجو أن يعيش رسول الله البرونزية حتى يدبرنا، فإن يك محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به، هدى الله به محمدا البرونزية وإن أبا بكر صاحب رسول الله البرونزية، وثاني اثنين، وإنه أولى المسلمين بأموركم، فقدّموا فبايعوه. ثم نزل عمر وقال لأبي بكر: اصعد، فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه عامة الناس بعد بيعة السقيفة.
ثم تكلم أبو بكر: فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
أما بعد:
أيها الناس: إني قد ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف منكم قوي عندي حتى أزيح علّته إن شاء الله، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله.
لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع في قوم قط الفاحشة إلا عمهم الله بالبلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم. قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
وهكذا انشغل أصحاب رسول الله البرونزية بقية يوم الإثنين وبعض يوم الثلاثاء عن تجهيز النبي البرونزية ببيعة الصديق، فلما تمهدت وتوطدت وتمت شرعوا بعد ذلك في تجهيزه البرونزية، معتدّين في كل ما أشكل عليهم بأبي بكر البرونزية.
فلما أرادوا غسله البرونزية قالوا: ما ندري أنجرّد رسول الله البرونزية من ثيابه كما نجرد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره، ثم كلّمهم مكلّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: (أن غسّلوا رسول الله البرونزية وعليه ثيابه). فقاموا إلى رسول الله البرونزية فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص، فيدلكون دون أيديهم. فكانت عائشة رضي الله عنها تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّل رسول الله البرونزية إلا نساؤه.
وعن علي البرونزية: (أنه لما غسّل رسول الله البرونزية ذهب يلتمس منه ما يلتمس من الميت فلم يجد شيئا، فقال: بأبي الطيب! طبت حيا وطبت ميتا).
فلما فرغوا من غسله البرونزية كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة. كما قالت عائشة رضي الله عنها.
ثم أخذوا في الصلاة عليه البرونزية فرادى، لهم يؤمهم أحد، دخل الرجال ثم النساء ثم الصبيان .
فلما أرادوا دفنه البرونزية اختلفوا أين يدفنونه؟ فقال أبو بكر البرونزية: سمعت من رسول الله البرونزية شيئا ما نسيته، قال: (ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه، فدفنوه في موضع فراشه).
وكان بالمدينة رجل يلحد، وآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه. فسبق صاحب اللحد، فلحدوا للنبي البرونزية.
قالت عائشة رضي الله عنها: ما علمنا بدفن النبي البرونزية حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء. فلما فرغوا من دفنه قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس! أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله البرونزية التراب!!.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بينما نحن مجتمعون نبكي لم ننم، ورسول الله البرونزية في بيوتنا، ونحن نتسلى برؤيته على السرير، إذ سمعنا صوت الكرارين في السحر، فصحنا وصاح أهل المسجد، فارتجت المدينة صيحة واحدة، وأذن بلال بالفجر، فلما ذكر رسول الله البرونزية بكى وانتحب فزادنا حزنا.
فيا لها من مصيبة ما أصيب المسلمون بمثلها قط، يا لها من مصيبة أظلمت لها المدينة، وتنكرت بعدها القلوب.
عن أنس البرونزية قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله البرونزية المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا أيدينا عن التراب وإنا لفي دفنه حتى أنكرت قلوبنا.
فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أدخلنا مدخل نبينا، وأوردنا حوضه، واحشرنا معه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وعزاؤنا فيه البرونزية قوله: ((إذا أراد الله رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لهافرطا وسلفا بين يديها)).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله البرونزية دينارا ولا درهما، ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء. بل لقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير أخذها لأهله.
فاللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المصدر:المنبر – الصفحة الرئيسة

بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.