تحميل كتاب كلمة الإخلاص بأحكام الألباني 2024.

  • كلمة ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµظ„ط§ط¨ظ† رجب – ط¨ط£ط­ظƒط§ظ… الألباني
    • [ ظƒظ„ظ…ط© الإخلاص – ابن رجب ]
      الكتاب : كلمة الإخلاص وتحقيق معناها
      المؤلف : الحافظ ابن رجب الحنبلي
      الطبعة : الرابعة
      تحقيق : خرج أحاديثها : العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
      عدد الأجزاء : 1
  • التحميل

[IMG]http://shosho123.******.com/%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8 7%20%D8%AE%D9%8A%D8%B1.JPG[/IMG]

تحميل كتاب تفسير سور الفاتحة والإخلاص والمعوذتين 2024.

  • التحميل

البرونزية

تحميل كتاب كلمة الإخلاص 2024.

  • كلمة الإخلاص
    • [ ظƒظ„ظ…ط© ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ – ابن رجب الحنبلي ]
      الكتاب : كلمة الإخلاص وتحقيق معناها
      المؤلف : ابن رجب الحنبلي
      الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت
      الطبعة الرابعة ، 1397
      تحقيق : زهير الشاويش
      عدد الأجزاء : 1
  • التحميل

البرونزية

الخلاص في الإخلاص 2024.

الخلاص في الإخلاص

الْخَـلاص في الإخـلاص

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .

أمـا بعـد :.

فإن الله تبارك وتعالى امتدح ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ وأثنى على أهله ، فقال : (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)

وقال سبحانه : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )
وقال جلّ ذِكره لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)

وأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال في شأن رسوله صلى الله عليه وسلم : () قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) وقال في شأن عباده المؤمنين : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ)

وتتبيّن أهمية الإخلاص في النقاط التالية :

1 – كون الإخـلاص ركنٌ من أركـان قبول العمـل الصالح ، ذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل إلا مـا كان خالصاً لوجهه ، لكونه أغنى الشركاء عن الشرك .

فعَنْ أَبِي هُريرةَ رضي الله عنه قـال : قال رسـولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قـال اللّهُ تبارك وتعالى : أَنَا أَغْنَىَ الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْكِ . مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ . رواه مسلم .وقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان لـه خالصا وابْتُغِيَ به وجهه . رواه الإمام أحمد وغيره .

وفي قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) قال الفضيل بن عياض : هو أخلص العمل وأصوبه ، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص ان يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .

قال الله تبارك وتعالى : (لْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) .

2 – أن إخلاص العمل أمان من سوء الخاتمة ، فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا ، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ، ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يَدع لهم شاذّة إلا اتبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أما إنه من أهل النار ، فقال رجل من القوم : أنا صاحبه أبدا ، فخرج معه كلما وقف وقف معه ، وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا ، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه ، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أنك رسول الله . قال : وما ذاك؟ قال : الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك فقلت : أنا لكم به ، فخرجتُ في طلبه حتى جرح جرحا شديداً ، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه وضوء وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه ، فقتل نفسه ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إن الرجـل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة . متفق عليه

أن العبد إذا فَقَدَ الإخـلاص كان حظُّـه من العمل الصالح هو التعـب والنصب ، كما في قولـه صلى الله عليه وسلم : رب صائم حظـه من صيامه الجـوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر . والحديث في المسند من حديث أبي هريرة .

فربما عَمِلَ الإنسان العمل الصالح وهو يظنّ أنه على خير ، فإذا فاته شرط من شروط قبول العمل الصالح لم يكن لـه منه إلا المشقّة ، كما لو صلى مائة ركعة في وقت النهي ، أو صام في أيام النهي كذلك ، ونحوها ، فلو كان العمل خالصاً لكنه لم يكن على السُّنّة لم يُقبل ، ولو كان على السنة ولكنه غيرُ خالصٍ لم يُقبل .

وهذا ما فهمه السلف الصالح ، فقد رأى سعيد بن المسيب رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود نهاه ، فقال : يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة ؟ قال : لا ولكن يعذبك على خلاف السنة . رواه عبد الرزاق .

قال ابن القيم : لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب ، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين . ولذا كانت مرتبة الإحسان أعلى من مرتبة الإيمـان ، لما فيها من عبادة الله ومراقبته دون الالتفات إلى الخلق .

وقال صلى الله عليه وسلم : من غزا في سبيل الله وهو لا ينوي الا عقالاً فَلَهُ ما نوى . أخرجه النسائي . فربما قاتل المقاتل فذهبت النفس والمال وليس لـه إلا مانوى من غزوه وقتاله .

3 – أن إخلاص العمل ينفع أحـوج ما يكون إليه صاحبه ، قال صلى الله عليه وسلم : من استطاع منكم أن يكون لـه خبيئة من عمل صالح فليفعل . رواه الحافظ الضياء في المختارة ، وهو في صحيح الجامع .

وفي قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غـار فانطبقت صخرة فأغلقت عليهم فم العار فقالـوا : إنه لا يُنجيكم إلا أن تدعوا الله بخالص أعمالكم . وفي رواية : فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم . متفق عليه .

خطــورة الــريــاء :

أولاً : أنه يُحبط العمل ، لقوله عليه الصلاة والسلام فيما يريوه عن ربِّه : أَنَا أَغْنى الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْك ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ . رواه مسلم .

وقال صلى الله عليه وسلم : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغـر ، قالوا : يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء ، يُقال لمن يفعل ذلك إذا جاء الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فاطلبوا ذلك عندهم .

وقال الفضيل بن عياض :كانوا يقولون ترك العمل للناس رياء ، والعمل لهم شرك . عافانا الله وإياك .

ثانياً : أن الإخلاص مما ينفي الغلّ عن قلب المسلم ، كما في قولـه صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة ؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم . رواه أحمد وأهل السنن .

قال ابن عبد البر : معناه لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبـداً ، يعني لا يقوى فيه مرض ولا نفـاق إذا أخلص العمل لله ، ولزم الجماعـة وناصح أولي الأمر . وقال ابن رجب : هذه الثلاث الخصال تَنْفِي الغِلّ عن قلب المسلم . فعدمُ الإخلاص يُورِث القلبَ الأضغان والأحقاد .

رابعاً : أن الرياء في العمل يكون وبالاً وعذاباً وحسرةً على صاحبه يوم القيامة ، يوم يُشَهّر بصاحبه على رؤوس الأشهاد ، وعندها تزداد حسرته وندامته .

ويَدلّ على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : مَن سَمَّعَ سَمَّعَ الله به ، ومن راءى راءى الله به . رواه البخاري ومسلم . قال العـز بن عبد السـلام : الرياء أن يَعْمَلَ لِغير الله ، والسُّمْعَـة أن يُخْفِي عَمَلَه لله ، ثم يُحَدِّث به الناس .

ومما يدلّ على خطـورة الرياء وشدة حسرة وندم المرائين ، ما رواه مسلم عن أبي هريرة من قوله صلى الله عليه وسلم : إن أول الناس يُقْضَى يوم القيامة عليه رجل استُشْهِدَ ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَه نِعَمَه فَعَرَفَها ، قال : فما عَمِلْتَ فيها ؟ قال : قاتَلْتُ فيك حتى استُشْهِدتُ . قال : كَذَبْتَ ، ولكنك قاتَلْتَ لأن يُقال جَريء ، فقد قِيل ، ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه حتى أُلْقِي في النار ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْم وعَلَّمَه ، وقرأ القرآن ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَه نِعَمَه فَعَرَفَها ، قال : فما عَمِلْتَ فيها ؟

قال : تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وعَلَّمْتُه ، وقرأتُ فيك القرآن . قال : كَذَبْتَ ، ولكنك تَعَلَّمْتَ العِلـم ليُقال : عَالِم ، وقرأت القرآن ليُقال : هو قارئ ، فقد قيل ، ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه حتى أُلْقِي في النار ، ورَجُلٌ وَسَّع الله عليه وأعطـاه من أصناف المال كله ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَه نِعَمَه فَعَرَفَها ، قال : فما عَمِلْتَ فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تُحِبّ أن يُنْفَق فيها إلا أنْفَقْتُ فيها لك ، قال : كَذَبْتَ ، ولكنك فَعَلْتَ ليُقال هو جواد ، فقد قِيل ، ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه ، ثم أُلْقِي في النار .

ولما قالت عائشة يا رسول الله : إن ابن جُدعان كان في الجاهلية يَصِل الرَّحِم ، ويُطْعِم المسكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : لا يَنْفَعُه ، إنه لم يَقُلْ يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين . رواه مسلم .
وهذا يعني أنه لم يعمل العمل يوماً وهو يُريد الدار الآخرة ، ويرجو رحمة ربه .

العمل والرياء :

ينقسم العمل الذي يُخالطه أو يُصاحبه الرياء بالنسبة لقبول العمل من عَدَمِه إلى أقسام :

1 – أن يُصاحبه الرياء من أصل العمل فيحبط العمل بالكليّة .

2 – أن يطرأ عليه الرياء خلال العمل دافعه فإنه لا يضرّه ، وإن لم يُدافع الرياء فَلَهُ حالات :

3 – إن كان العمل مما يتجزأ ، كالصدقة ونحوها ، فما دَخَلَه الرياء حابِط ، وما لم يدخل الرياء لم يحبط .
وإن كان مما لا يتجـزأ كالصلاة ونحوها فإنها تحبط ، لعـدم مُدافعته للرياء .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إنما الأعمال كالوِعاء إذا طَابَ أسفله طاب أعلاه ، وإذا فَسَدَ أسفله فَسَدَ أعلاه . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع . والمُراد بذلك النيّة ، فإنها هي أصل الْعَمَل ، فإذا صلُحَتْ صلح العَمَل ، وإذا فَسَدتْ فَسَد العمل .

وإخفـاء العمل مطلبٌ شرعي ، وهو الأصل إلا أن تدعو الحاجة إلى إظهاره . ففي حديث أبي هريرة المتّفقِ عليه – في ذِكرِ السّبعة الذين يُظلّهم اله بِظِلِّه – قال صلى الله عليه وسلم : ورجل تصدّق بِصَدَقَةٍ فأخفاها حتى لا تَعْلَمَ شماله ما تُنْفِقُ يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضَتْ عيناه .

وقال عليه الصلاة والسلام : الجاهـرُ بالقـرآن كالجاهـرِ بالصَّدَقة ، والمُسِرّ بالقرآن كالمُسِرّ بالصدقة . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .

وكلما كان العمل أبعد عن أعين الناس كلما كان أدعى وأحرى إلى الإخلاص ، ولذا كانت صلاةُ النافلةِ أفضل إلا في البيت ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : فصلوا أيهـا الناس في بيوتكم ، فإن أفضل الصـلاة صـلاة المـرء في بيته إلا المكتوبة . متفق عليه من حديث زيد بن ثابت ، ورواه أبو داود بلفظ : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة .

فصلاة الرجل النافلة حيث لا يَراه أحد أفضل من صلاته في مسجدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، مع كون الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم خير من ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام ، كما في الصحيحين .

ولذا كان الصالحون يجتهدون في إخفاء العمل الصالح .

رأى ابن عمر رجلاً يُصلي ويُتابع قال له : ما هذا ؟ قال : إني لم أصل البارحة ، فقال ابن عمر : أتريد أن تخبرني الآن ! إنما هما ركعتان . ولما قال سعيد بن جبير لأصحـابه : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قال حصين بن عبد الرحمن : قلت : أنا ، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت . فَذَكَرَ الحديث . رواه مسلم .

فقوله – رحمه الله – : أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت ، لينفي عن نفسه حبّ السمعة والشهرة ، وليعلم جليسه أنه لم يكن في صلاة .

وما ذلك إلا لحرصهم على الإخلاص .

وقد كان عمل الربيع بن خثيم كله سِـرّاً ؛ إن كان ليجئ الرجـل وقد نَشَـرَ المصحف ، فيغطيه بثوبه . قال الأعمش : كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقـرأ في المصحف ، فاستأذن عليه رجل فغطّى المصحف ، وقال : لا يراني هذا أني أقرأ فيه كل ساعة .

قال عبدة بن سليمان : كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو ، فلما إلتقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البِراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ، ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البِراز ، فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ، فازدحم عليه الناس وكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو مُلَثّمٌ وجهه بكمـه ، فأخذت بطرف كمه فمددته ، فإذا هو عبد الله بن المبارك فقال : و أنت يا أبا عمرو ! ممن يشنع علينا .

قال محمد بن القاسم : صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي – حيث أَرَاهُ – ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة ، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني مَلَكَاي لَفَعَلْتُ خوفاً من الرياء ، وكان يدخل بيتا له ويُغلق بابه ، ولم أدْرِ ما يصنع حتى سمعت ابناً لـه صغيرا يَحْك%ِي بُكاءه ، فَنَهَتْهُ أمُّـه ، فقلت لها : ما هذا ؟ قالت : إن أبا الحسن يَدْخُل هذا البيت فيقرأ ويبكي ، فيسمعه الصبي فَيَحْكِيه ! وكان إذا أراد أن يَخْرُج غَسَلَ وَجْهَه واكتحل فلا يُرى عليه أثر البكاء .

وكان أيوب السختياني في مجلس فجاءته عَبْرَة ، فجعل يتمخّط ويقول : ما أشدّ الزكام !

قال ابن المبارك : رب عمل صغير تعظمـه النية ، ورب عمـل كبير تصغره النية . وصدق – رحمه الله – فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة قال : إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ، قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة ؟ %Dال : وهم بالمدينة حبسهم العـذر . رواه البخـاري من حديث أنس ، ورواه مسلم من حديث جابر وفيه : إلا شركوكم في الأجر .

فهؤلاء لما صلحت نيّاتهم وخلُصت لله كُتِبَ لهم مثل أجر الغزاة الذين غـزو في سبيل الله . فبإخلاص العمل تعظم الأعمال الصالحة ، وإن كانت مما يتقالّه الناس ..

فقد غَفَرَ الله لرجلٍ بسبب غصن شوك أخّره عن الطريق . كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وغَفَر لامرأة بغيّ سقت كلباً يلهث من العطش . كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً .

وبما أن الأمر كذلك فإن المسلم يعمل الأعمال الصالحة ويجتهد فيها ، فإنه لا يدري ما هو العمل الذي يُغفر له بسببه .

الشيخ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد

جزاك الله خيرا

جزاكِــــــــــــ الله خيراً

بوركت يمينك يالغالية
البرونزية

تحميل كتاب من فضائل سورة الإخلاص 2024.

  • من ظپط¶ط§ط¦ظ„ ط³ظˆط±ط© الإخلاص
    • [ من فضائل سورة ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ – الخلال ]
      الكتاب : من فضائل سورة الإخلاص وما لقارئها
      المؤلف : أبو محمد الحسن بن أبي طالب محمد بن الحسنبن علي البغادي الخلال
      الناشر : مكتبة لينة – دمنهور
      الطبعة الأولى ، 1412
      تحقيق : الحافظ محمد بن رزق بن طرهوني
      عدد الأجزاء : 1
  • التحميل

البرونزية

الإخلاص في الدعاء 2024.

هذا سر من أسرار إجابة ط§ظ„ط¯ط¹ط§ط، ألا وهو الإخلاص، هكذا كان أنبياء الله عليهم السلام، فهل نكون مثلهم فنقتدي بهم في دعائنا؟!….

بحثت طويلاً في كتاب الله تعالى عن سرّ استجابة الله لدعاء أنبيائه. وبدأتُ أتساءل: لماذا ندعو الله تعالى أحياناً ولا يُستجاب لنا؟ ولماذا لا نحسّ بوجود الله عز وجل قريباً منا؟ لماذا نضع ثقتنا بمن حولنا من البشر وننسى خالق البشر جل وعلا؟

لقد بدأتُ ألاحظ شيئاً في القرآن عندما بحثتُ في "الإخلاص" فقد ارتبط ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ بالعبادة أحياناً وبالدعاء أحياناً أخرى. ولكن في كلتا الحالتين كان الإخلاص مرتبطاً بالله عز وجل. فهذه آية يحدثنا بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) [الزمر: 11].

ومعنى (مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) أي مخلصاً له العبادة، فكان سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم خالصاً لله، وركوعه لا يبتغي به إلا وجه الله، وكل كلمة ينطق بها لا يريد من ورائها إلا رضوان الله تعالى، وهذا هو الإخلاص الذي أمره الله به، ولكن أين نحن من هذا الإخلاص؟!

الإخلاص مفتاح الإجابة

إن الإخلاص في العبادة لا بدّ أن يؤدي إلى الإخلاص في الدعاء، وهذا ما أمرنا الله به في قوله: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر: 14]. فنحن عندما ندعو الله يجب أن يكون دعاؤنا فقط له هو، وعندما ندعو ملحداً للإيمان يجب أن يكون عملنا ذا هدف واحد ألا وهو رضاء الله تعالى.

في هذه الحالة أخي المؤمن أضمن لك الإجابة في الدعاء بإذن الله تعالى. وهذا هو سيدنا يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت ونزل به في ظلمات البحر: ماذا فعل؟ لقد دعا الله بإخلاص فقال: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87]. ولكن هل استجاب الله دعاءه أم تخلى عنه في هذا الظرف الصعب؟

لقد استجاب الله له على الفور فقال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88]. لقد كانت الاستجابة سريعة، حتى إن الله تعالى استخدم حرف الفاء في كلمة (فَاسْتَجَبْنَا) ونحن نعلم من العربية أن هذا الحرف يشير إلى سرعة تعاقب الأحداث بعكس واو العطف التي تحمل شيئاً من التباطؤ في توالي الأحداث.

ما هو سرّ استجابة الله لأنبيائه؟

ولكن هذه الاستجابة السريعة لسيدنا يونس لها سرّ! وعندما بحثت عن هذا السر وجدته في الآيات التي تلي هذه الآية في حديث الله عن أنبيائه واستجابته لهم الدعاء، لماذا يا ربّ؟ ماذا كانوا يفعلون حتى نجّيتهم وهم في أصعب مراحل حياتهم؟

والجواب: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90]. إذن السر يكمن في المسارعة في الخيرات، والدعاء رغبة بما عند الله من نعيم وجنات، ورهبة من عذابه وعقابه، والخشوع لله وحده.

إعجاز نفسيّ

ولكن الذي لفت انتباهي أثناء البحث آية تتحدث عن أناس يدعون الله بإخلاص، وتصف لنا هذه الآية المشاعر الدقيقة التي يمر بها هؤلاء في أصعب ظروف حياتهم وهم في وسط البحر بين الأمواج العاتية.

يقول تعالى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) [لقمان: 32]. في هذا الموقف والسفينة تشرف على الغرق يكون الإنسان في حالة من الإخلاص التام لله عز وجل.

هذا ما تصفه لنا الآية، فماذا يقول العلم في ذلك؟ لقد غرقت العديد من السفن على مر الزمن، وربما يكون آخرها عبّارة غرقت في البحر الأحمر وتوفي أكثر من ألف إنسان، ونجا أقل من نصف هذا العدد. لقد قام بعض العلماء بدراسة للمشاعر التي مرّ بها هؤلاء الناجون من الموت المحتم.

لقد أكّد الجميع وبلا أي استثناء أن اللحظة التي أشرفوا فيها على الغرق كانت أهم لحظة في حياتهم، وكان التوجه فيها إلى الله تعالى في قمة الإخلاص، حتى إنهم يؤكدون بأنهم رأوا عشرات الغرقى قد ماتوا أمامهم وكانت آخر كلمة نطقوا بها هي "يا ربّ"!!!

إذن الشيء الثابت علمياً حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يؤمنون بالإسلام، أن أي واحد عندما يشرف على الغرق يدعو الله بإخلاص، وهذا باعتراف جميع الناجين من الغرق على مر العصور، وهذه حقيقة علمية يؤكدها علماء النفس.

سؤال لكل ملحد!

وعند هذه النقطة أود أن أوجه سؤالاً إلى أولئك الذين يستهزئون بأعظم مخلوق أرسله الله ليكون رحمة للعالمين: إذا كان الرسول الأعظم عليه صلوات الله وسلامه كما تصوّرونه متخلّفاً وإرهابياً وجاهلاً، إذا كان كذلك، فكيف استطاع وهو لم يركب البحر مرة في حياته أن يصوّر لنا الحالة الدقيقة التي يعيشها من أشرف على الغرق؟

وتأمل معي هذه الآية التي تلخص لنا الأحاسيس التي يمر بها من يركب السفينة منذ أول لحظة وحتى اللحظة التي تسبق الغرق: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [يونس: 22].

وهنا أقول لك يا أخي المؤمن إذا أردت أن يستجيب الله دعاءك فأخلص هذا الدعاء، وإذا أردته أن يتقبل عبادتك فأخلص هذه العبادة لله، هكذا أمر الله نبيّه بقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) [الزمر: 2].

وسوف أختم هذه الخاطرة بحادثة على زمن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما جاءه أعرابي بسيط وقال له: يا رسول الله أوصني ولا تكثر لأحفظ؟ فقال له الحبيب صلى الله عليه وسلم: (أخلص دينك لله يكفك العمل القليل)، أي أخلص عبادتك لله فمهما كان عملك قليلاً تجده عند الله كثيراً. فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين

البرونزية

تحميل كتاب طريقك إلى الإخلاص في الفقه والدين 2024.

  • التحميل

تحميل كتاب هذا الإخلاص لمن أراد الخلاص 2024.

  • التحميل

البرونزية

[IMG]http://gselazhry.******.com/photos/gif/1602994_lm.jpg[/IMG]

جزاكِ الله خيراً

خطبة عن الإخلاص 2024.

الإخلاص

خالد الشارخ
ملخص الخطبة
1- لا يقبل الله العمل إلا إذا كان خالصاً. 2- ما هو الإخلاص. 3- النية مع العادة تجعلها عبادة. 4- تفاضل الأعمال بعمل القلوب. 5- خوف السلف الصالح من الرياء. 6- الأخفياء بصالح العمل. 7- المسمعون بأعمالهم المرءون بها. 8- ثلاث مسائل دقيقة في الرياء والإخلاص.
الخطبة الأولى

أيها المسلمون: إن ط§ظ„ط¥ط®ظ„ط§طµ هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة المرسلين قال تعالى: البرونزيةومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسنالبرونزية وعن أبي هريرة البرونزية قال: قال رسول الله البرونزية قال الله تعالى: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه)) [رواه مسلم].
وقال البرونزية: ((من تعلم علماً بما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة (يعني ريحها) يوم القيامة)) [رواه أبو داود]. والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.
أيها الأخوة في الله: قد يقول قائلكم ما هو الإخلاص الذي يأتي في الكتاب والسنة واستعمال السلف الصالح رحمهم الله.
فأقول: لقد تنوعت تعاريف العلماء للإخلاص، ولكنها تصب في معين واحد ألا وهو أن يكون قصد الإنسان في حركاته وسكناته وعباداته الظاهرة والباطنة، خالصة لوجه الله تعالى، لا يريد بها شيئاً من حطام الدنيا أو ثناء الناس.
قال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله يعني الإمام أحمد بن حنبل عن النية في العمل، قلت كيف النية: قال يعالج نفسه، إذا أراد عملاً لا يريد به الناس.
قال أحد العلماء: نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا. أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى لا يمازجه نفسٌ ولا هوىً ولا دنيا.
أيها المسلمون: إن شأن الإخلاص مع العبادات بل مع جميع الأعمال حتى المباحة لعجيب جداً، فبالإخلاص يعطي الله على القليل الكثير، وبالرياء وترك الإخلاص لا يعطي الله على الكثير شيئاً، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر الذنوب كما في حديث البطاقة، وحديث البطاقة كما أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص البرونزية قال: قال رسول الله البرونزية: ((يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مدّ البصر، ثم يقال: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: أفلك عذر أو حسنة فيها؟ فيقول الرجل: لا، فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها، أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة)) [صححه الذهبي].
قال ابن القيم رحمه الله: فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض. قال: وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مدّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب. ومعلوم أن كل موحد له هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه. أهـ. رحمه الله.
ومن هذا أيضاً أيها الأخوة حديث الرجل الذي سقى الكلب، وفي رواية: بغي من بغايا بني إسرائيل.
فعن أبي هريرة البرونزية أن رسول الله البرونزية قال: ((بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرجه فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفّه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر)) [متفق عليه].
وفي رواية البخاري: ((فشكر الله له فغفر له فأدخله الجنة)).
ومن هذا أيضاً ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو أيضاً عن النبي البرونزية قال: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين))، وفي رواية: ((مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأُدخل الجنة)).
قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على حديث البغي التي سقت الكلب وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق قال رحمه الله: فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها.
فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال.
أيها الأخوة: وفي المقابل نجد أن أداء الطاعة بدون إخلاص وصدق مع الله، لا قيمة لها ولا ثواب فيها، بل صاحبها معرض للوعيد الشديد، وإن كانت هذه الطاعة من الأعمال العظام كالإنفاق في وجوه الخير، وقتال الكفار، وقيل: العلم الشرعي.
كما جاء في حديث أبي هريرة البرونزية قال: سمعت رسول الله يقول: ((إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت ليقال: جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به يعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت؟ قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكن تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من صنوف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها ألا أنفقت فيها قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)) [رواه مسلم].
أيها الأخوة في الله: ولذلك فقد كان سلفنا الصالح رحمهم الله أشد الناس خوفاً على أعمالهم من أن يخالطه الرياء أو تشوبها شائبة الشرك. فكانوا رحمهم الله يجاهدون أنفسهم في أعمالهم وأقوالهم، كي تكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
ولذلك لما حدث يزيد بن هارون بحديث عمر البرونزية: ((إنما الأعمال بالنيات)) والإمام أحمد جالس، فقال الإمام أحمد ليزيد: يا أبا خالد هذا الخناق.
وكان سفيان الثوري يقول: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب علي.
وقال يوسف بن أسباط، تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
وقال بعض السلف: من سره أن يكمُل له عمله، فليحسن نيته، فإن الله عز وجل يأجر العبد إذا أحسنت نيته حتى باللقمة.
قال سهل بن عبد الله التستري: ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص، لأنه ليس لها فيه نصيب.
وقال ابن عيينة: كان من دعاء مطرف بن عبد الله: اللهم إني استغفرك مما زعمت أني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت.
وهذا خالد بن معدان كان رحمه الله: إذا عظمت حلقته من الطلاب قام خوف الشهرة.
وهذا محمد بن المنكدر يقول: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
وهذا أيوب السختياني كان يقول الليل كله فإذا جاء الصباح (أي الفجر) رفع صوته كأنه قام الآن.
وكان رحمه الله إذا حدث بحديث النبي البرونزية يشتد عليه البكاء (هو في حلقته) فكان يشد العمامة على عينه ويقول: ما أشد الزكام ما أشد الزكام.
وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحدث عجيب حصل لأيوب، وقد عاهده ألا يخبر إلا أن يموت أيوب إذ لا رياء حينئذ، قال عبد الواحد كنت مع أيوب فعطشنا عطشاً شديداً حتى كادوا يهلكون، فقال أيوب: تستر عليّ؟ فقلت: نعم إلا أن تموت.
قال عبد الواحد فغمز أيوب برجله على حرّاء فنبع الماء فشربت حتى رويت وحملت معي.
*وقال أبو حازم: لا يحسن عبد فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد.
ولا يعور ما بينه وبين الله إلا أعور الله ما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها.
وهذا داود بن أبي هند يصوم أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان له دكان يأخذ طعامه في الصباح فيتصدق به فإذا جاء الغداء أخذ غداءه فتصدق به فإذا جاء العشاء تعشى مع أهله.
وكان رحمهم الله يقوم الليل أكثر من عشرين سنة ولم تعلم به زوجته، سبحان الله انظر كيف ربّوا أنفسهم على الإخلاص وحملوها على إخفاء الأعمال الصالحة، فهذا زوجته تضاجعه وينام معها ومع ذلك يقوم عشرين سنة أو أكثر ولم تعلم به، أي إخفاء للعمل كهذا، وأي إخلاص كهذا.
فأين بعض المسلمين اليوم الذي يحدث بجميع أعماله، ولربما لو قام ليلة من الدهر لعلم به الأقارب والجيران والأصدقاء، أو لو تصدق بصدقة أو أهدى هدية، أو تبرع بمال أو عقار أو غير ذلك لعلمت الأمة في شرقها وغربها، إني لأعجب من هؤلاء، أهم أكمل إيمانا وأقوى إخلاصاً من هؤلاء السلف بحيث أن السلف يخفون أعمالهم لضعف إيمانهم، وهؤلاء يظهرونها لكمال الإيمان؟ عجباً ثم عجباً، فإني أوصيك أخي المسلم إذا أردت أن يحبك الله وأن تنال رضاه فما عليك إلا بصدقات مخفية لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك فضلاً أن يعلمه الناس. وما عليك إلا بركعات إمامها الخشوع وقائدها الإخلاص تركعها في ظلمات الليل بحيث لا يراك إلا الله ولا يعلم بك أحد.
إن تربية النفس على مثل هذه الأعمال لهو أبعد لها عن الرياء وأكمل لها في الإخلاص. وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه، فإذا جاء الليل قطعه بالبكاء والصلاة.
اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا، واجعلها خالصة لك، صواباً على سنة رسولك البرونزية آمين، قلت: ما قد سمعتم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها الأخوة في الله: اعلموا أن الإخلاص ينافيه عدةُ أمورٍ من حب الدنيا والشهرة والشرف والرياء، والسمعة والعجب.
والرياء هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس فيحمدوا صاحبها، فهو يقصد التعظيم والمدح والرغبة أو الرهبة فيمن يرائيه.
وأما السمعة فهي العمل لأجل سماع الناس.
وأما العجب فهو قرين الرياء، والعجب أن يعجب الإنسان بعبادته ويرى نفسه بعين الإعجاب وكل هذه من مهلكات الأعمال.
وهناك أيها الأخوة مسالك دقيقة جداً من مسالك الرياء يوقع الشيطان فيها العبد المؤمن من حيث يشعر أو لا يشعر، وسأذكر لك بعضها لأن الحديث عن الرياء والعجب وغيرهما مما ينافي الإخلاص حديث طويل جداً، ولكن حسبي في هذا المقام أن أورد لك ثلاثة من تلك المسالك الدقيقة للرياء، وهذه المسالك غالباً يقع فيها الصالحون إلا من رحمه الله.
أما أولها: فما ذكره أبو حامد الغزالي حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي: "وأخفى من ذلك أن يختفي العامل بطاعته، بحيث لا يريد الإطلاع، ولا يسّر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه، وأن يسامحوه في البيع والشراء، وأن يوسعوا له في المكان فإن قصر فيه مقصر ثقل ذلك على قلبه.
ووجد لذلك استبعاداً في نفسه، كأنه يتقاضى الاحترام مع الطاعة التي أخفاها مع أنه لم يطلع عليه، ولو لم يكن قد سبق من تلك الطاعة لما كان يستبعد تقصير الناس في حقه. وكل ذلك يوشك أن يحبط الأجر ولا يسلم منه إلا الصديقون".
وأما ثانيها: فهو أن يجعل الإخلاص لله وسيلة لا غاية وقصداً، فيجعل الإخلاص وسيلة لأحد المطالب الدنيوية.
وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على تلك الآفة الخفية فكان مما قال رحمه الله:- "حكى أن أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يوماً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه قال: فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجر شيء، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي: إنك إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تعالى".
وهذا مسلك خطير كما سمعت وقليل من يتفطن له.
والأمثلة عليه كثيرة من الواقع، فتجد بعض الناس يكثر من الأعمال الصالحة في أيام الاختبارات مثلاً كصيام النوافل وقيام الليل وكثرة الصلاة والخشوع، وقلبه منعقد على أنه إذا أكثر من العبادات سيوفق في اختباره أو سيفوز بوظيفة ما، فهذا بالحقيقة إنما أخلص للاختبارات وذلك أخلص للوظيفة.
ومن ذلك أيضاً أن بعض الناس يذهب إلى المسجد ماشياً أو يحج كل سنة أو غير ذلك من العبادات التي فيها رياضة.
ويكون قد انعقد في قلبه أنه يفعل ذلك لينشط جسمه أو يحرك الدورة الدموية كما يقولون.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فإن خالط نية الجهاد مثلاً نية غير الرياء، مثل أخذ أجرة للخدمة أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهادهم ولم يبطل بالكيلة. أهـ.
بل اجعل مشيك للمسجد وحجك وعبادتك خالصة لله تعالى، وهذه الأشياء تحصل حتماً دون أن تعقد عليها قلبك.
وأما ثالث هذه المسالك الدقيقة وهو ما أشار اليد الحافظ ابن رجب رحمه الله بقوله: "ههنا نكتة دقيقة، وهي أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلك أن يري الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك عندهم ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء، وقد نبه عليه السلف الصالح.